تفجرت في الأيام الماضية حرب إعلامية غير تقليدية بين أنصار المنتخب الجزائري لكرة القدم وأنصار نظيره المصري، هي حرب صور بالأساس تنشر في المنتديات والمدونات والشبكات الاجتماعية على غرار ''الفايس بوك'' وغيره، بالموازاة مع ''الحرب الإعلامية'' التقليدية التي تتخذ من وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة ساحة لها، وبدأت تتعالى أصوات من أجل الحد منها· الحرب الإعلامية الجديدة لا تحتاج إلا إلى مهارة في التلاعب بالصور التي تمتلئ بها الأنترنت وإعادة نشرها من جديد، ومن ثم تلقى الرواج الكبير في المنتديات على وجه الخصوص· واختار الطرف الجزائري فيها شخص نجم المنتخب كريم زياني ليكون قائدا لها بدون منازع، وقد ظهر في الكثير من الصور يقود زملائه إلى حروب هوليوودية، وأبرزها شخصية ''الغلادياتور'' التي تحيل إلى التاريخ الروماني القديم عندما جاء من يتحدى الإمبراطور نفسه ويقاتل حتى الموت، ففي إحدى الصور كان زياني في ''أفيش'' الفيلم المفترض يضع الخوذة واللباس الحربي وتحت الصورة باقي أعضاء المنتخب الجزائري· ''جيبوه حي وإلا ميت''! في صورة أخرى يظهر ''الغلادياتور'' كريم زياني حاملا سيفا رومانيا ويتأهب للقتال، وفي صورة أخرى يظهر إلى جانب الكثير من لاعبي المنتخب الجزائري وفوق خوذة أحد زملائه يعلق العلم الجزائري، بل عضوا في أحد المنتديات عنون مشاركته ب ''فيلم زياني غلادياتور مع الفيلم الحربي الجزائري ,''2009 ووضع بعض صور ''الغلادياتور'' الجزائري تلك إلى جانب صورة رابح سعدان الذي أعطاه دور المخرج· وفي صورة أخرى مركبة بين اللاعب الجزائري كريم زياني والمدرب المصري حسن شحاتة، تم نسب كلام لزياني مفاده ''جيبوه حي وإلا ميت''، وكان شحاتة يقول: ''يا ساتر يا رب حاعمل إيه دلوقت؟''. ولم يقتصر الأمر على ''الغلادياتور زياني'' والمنتديات فقط بل أن الكثير من أنصار المنتخب الجزائري عوضوا صورهم الشخصية على صفحاتهم الخاصة بالفايس بوك بصور ل ''محاربي الصحراء'' وأعلام وطنية ومن تلك الصور التي تكررت، واحدة تقول ''إننا قادمون'' وفي الأمام صورة جماعية للاعبي المنتخب وهم في حصة تدريبية وفي الخلفية خريطة للجزائر بالعلم الوطني· ومن الصور التي جاءت في هذا السياق تلك التي يلتحف فيها بعض الأنصار أعلاما وطنية، وأخرى لمواكب الأنصار بالأعلام وهم يحتفلون بانتصارات المنتخب في المقابلات السابقة· ويتم نسخ تلك الصور بسرعة وسهولة تامة وهي تنتشر بين الصفحات الشخصية بشكل ملفت للانتباه، وزادت حدة الأمر عند الاقتراب من موعد الحسم الذي قد يكون في القاهرة في اليوم الرابع عشر من الشهر المقبل· غوغل وقناة الجزيرة يقحمان في الحرب حتى عملاق البحث على الأنترنت ''غوغل'' أقحم في الحرب الإعلامية الموازية هذه، فمن أطرف الصور التي نشرها بعض المناصرين على الصفحات الشخصية في الفايس بوك واحدة عليها صفحة بحث عادية بخلفية بيضاء لغوغل، وفي موضع البحث كتب عبارة ''أبطال وملوك إفريقيا'' بخط ولون هو نفسه الذي يظهر عادة على المحرك، ولأن غوغل وصل به الذكاء الإلكتروني درجة لا تتخيل أراد تنبيه السائل إلى احتمال واحد ووحيد سائلا إياه: ''هل تقصد الجزائر؟''. ولم يقتصر الأمر في هذا السياق على عملاق البحث على الأنترنت، بل تعداه إلى ''قناة الجزيرة'' الإخبارية، فوضع أحدهم صورة وكأنها مقتطفة من النشرة باللغو الشهير وشريط الأخبار، يحاول تصوير المنتخب المصري في وضع المهزوم في الحرب، وفي الصورة الرئيسية كتب ''عاجل'' وأعضاء المنتخب الجزائري بأزياء عسكرية عصرية في وضع العائد من الحرب، ويبدو على محياهم أنهم أنهوا المعارك لصالحهم· الحرب بالنكتة تصل الحرب النفسية مداها عندما يستعير بعض الأنصار صورة للنجم البرازيلي رونالدو في حصة تدريبة رفقة أحد زملائه الذي يبدو في وضع المنفجر ضحكا، ونسب المناصر كلاما لرونالدو وهو يقول لصديقه: ''قالك واحد النهار مصر ربحت الدزاير''، وكأن فوز المنتخب المصري على نظيره الجزائري لا يصدقه عاقل، وهو من قبيل النكتة التي تصدم متلقيها وتطيحه أرضا من شدة الضحك· وما الأمر في النهاية إلا حربا إعلامية جديدة، يقودها إعلاميو عصر الأنترنت، على الجانب الجزائري. وفي المقابل، فإن أنصار المنتخب المصري لم يقفوا في وضع المتفرج، بل يستخدمون الأسلوب نفسه، مسلحين بروح النكتة والدعابة المصرية المعروفة، ويبدو الأمر في شراسته الدعائية على جانب كبير من المتعة البصرية، وهو الوجه الآخر من هذا الصراع الرياضي الذي يقود أحد المنتخبين إلى نهائيات كأس العالم 2010 في جنوب إفريقيا·