تحول "الفايس بوك" إلى متنفس حقيقي لآلاف الجزائريين الذين وجدوا فيه فضاء حرا للتعبير عن آرائهم والدفاع عن قضاياهم، وباتوا يتكتلون في مجموعات تدافع عن أفكار وتنتقد أخرى، كما ساهمت هذه الوسيلة التي تجمع 400 مليون شخص عبر العالم إلى وسيلة لصناعة الرأي العام واستحداث تجمعات إلكترونية أشبه ما تكون بالأحزاب التي تدافع عن قضايا معيّنة وفق اهتمامات مشتركة * بداية من دعم المجاهدة الجزائرية جميلة بوحيرد، إلى مؤازرة حارس المنتخب الوطني فوزي شاوشي بعد إبعاده عن الخضر، ومرورا بانتقاد جدار العار المصري والحملات المسيئة للرسول الكريم.. كل هذه القضايا وأخرى جمعت حولها آلاف الجزائريين من مختلف بقاع العالم على "الفايس بوك" الذي يستقطب يوميا مئات المواطنين من مختلف الأعمار والأقطار؛ فتقنية إنشاء المجموعات باتت من أكثر الوسائل حشدا للأصدقاء والزوار على النت، وكل مجموعة تأسست للدفاع عن قضية معينة سواء كانت محلية أو عالمية، فردية أو جماعية.. فنداء الاستغاثة الذي أطلقته المجاهدة جميلة بوحيرة على صفحات "الشروق اليومي" دفع بآلاف الجزائريين إلى التكتل في مجموعات على الفايس بوك أطلقوا عليها شعار "بوحيرد في قلوبنا" اقترحوا من خلالها العديد من الطرق لتلبية دعوة المجاهدة التي باتت من الرموز الشامخة لثورة المليون ونصف المليون شهيد. * كما أدى التصريح الأخير للمدرب الوطني لكرة القدم رابح سعدان الذي أكد إبعاد فوزي شاوشي عن الخضر إلى ظهور مجموعة جديدة أطلقت عليها اسم "حذار سعدان" وقد حملت العبارات التالية "على رسلك. تمهل. تروّ. قل لنا بالله عليك يا شيخنا ما الذي تفعله في حق حارس المنتخب الوطني البطل فوزي شاوشي. رغم كل شيء ورغم التبريرات التي سقتها سابقا والتي قد تقدمها مستقبلا عن النضج والانضباط وأشياء أخرى إلا أنه يبقى بطلنا، وقد أثبت حقا أنه بطل. ألا تذكر استبساله في مباراة أم درمان؟ ألا تذكر بالله عليك تضحيته ومجازفته بجسمه الذي كان مثخنا بالإصابات في مباراة ربع النهائي أمام كوت ديفوار، ألا تذكر أن رقبته كادت أن تنكسر وتنفصل عن جسمه ورغم ذلك صمد واستبسل؟". * وبعد اعتقال السلطات الأمريكية مؤخرا للمنشد الإسلامي محمد أبو راتب تشكلت مجموعة من محبي هذا المنشد عرضت على الفايس بوك تفاصيل الاعتقال ودعدت إلى المطالبة بإطلاق سراحه عبر تجمعات إلكترونية تعمل على تبني قضية أبو راتب وتحويلها إلى قضية رأي عربية وإسلامية. كما ظهرت مؤخرا على الفايس بوك مجموعة أطلقت عليها اسم "100 مليون عربي سيشجعون الجزائر في كأس العالم" تدعو إلى التآخي بين مصر وشعوب المغرب العربي على غرار تونس والمغرب والجزائر، وقد تمكنت من تشكيل أكبر تجمع مغاربي على النت. * والغريب في الأمر أن المنتخب الجزائري وحده تمكن من تشكيل عشرات المجموعات على الفايس بوك منها من دعا إلى عدم استقالة سعدان ومنها من طالب بتخفيف الضغط عن الخضر، كما دعا آخرون إلى المؤاخاة بين مصر والجزائر وتمسك البقية بخيار المقاطعة. * وفي إطار كأس العالم دائما تشكلت هذه الأيام مجموعة جديدة تجمل شعار "جميعا من أجل جعل مباراة المغرب والجزائر مباراة أخوة" على خلفية تموقع الفريقين في مجموعة واحدة برسم التأهل لكأس إفريقيا 2012، وتهدف هذه المجموعة التي تضم مئات المناصرين من الفريقين إلى تلطيف مسبق للأجواء ووأد كل فتنة أو انفعال قد يحدث تفاديا لتكرار سيناريو الحرب الإعلامية التي وقعت بين مصر والجزائر. * وبعيدا عن كرة القدم والرياضة، باتت القضايا الدولية هي الأخرى من أهم دوافع تشكيل المجموعات على صفحات الفايس بوك على غرار الجدار الفولاذي التي تشيّده مصر لمحاصرة غزة، فمنذ الإعلان الأول عن هذا الجدار تأسست مجموعة أطلقت على نفسها "لا لجدار العار" دعت إلى إقامة تجمعات ومظاهرات أمام جميع السفارات المصرية في مختلف دول العالم، بالإضافة إلى زيادة حشد الدعم للقضية الفلسطينية. * ولا زالت العشرات من المجموعات تتشكل يوميا عبر الفايس بوك من أجل مناصرة قضية معينة أو دعم شخصية معروفة، وبهذا تحول فضاء الفايس بوك حقيقة إلى متنفس لآلاف الجزائريين في ظل تضييق مساحات حرية الرأي وقلة فضاءات التعبير.