أودع نواب 24 فصيلا سياسيا بالغرفة البرلمانية السفلى، من أصل 27 حزبا ممثلا، طلبا لدى مكتب المجلس لفتح نقاش عام حول الفساد المستشري في البلاد، وبالخصوص في قطاع الطاقة، بعد الرد غير المقنع للوزير يوسف يوسفي، الخميس الماضي، على سؤال شفوي حول الإجراءات التي اتخذها كي لا تتكرر الفضائح المذهلة في القطاع الذي يُؤمّن قوت الجزائريين. الطلب أودعه النواب أمس فقط، بعد أن نال موافقة 65 نائبا بالتوقيع على العريضة، وهم ينتمون لغالبية التشكيلات السياسية الممثلة في البرلمان. ويعد الطلب الذي بادر به النائب لخضر بن خلاف، الأول من نوعه في العهدة التشريعية الحالية، بعد ردود وزير الطاقة التي رآها عدد كبير من النواب أنها مجرد عموميات لا تتضمن إجراءات قوية تُؤمّن قيام العدالة بالتحيق في الذين "تلاعبوا بأموال الشعب وتصرفوا في القطاع كأنه ملكيتهم الخاصة فأصبحوا من فئة حاميها حراميها"، حسبما جاء في نص الطلب. واستند أصحاب العريضة على آليات قانونية لإضفاء الشرعية على طلب فتح مناقشة عامة حول ظاهرة الفساد في قطاع الطاقة، خاصة المادة 134 من الدستور المرخصة لهذا النوع من الجلسات، ومواد في القانون العضوي المنظم للعلاقة بين البرلمان والحكومة، وكذا النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني. هذا من الناحية القانونية، أما من الناحية السياسية، فقد عزز أصحاب العريضة قوة الاقتناع بطلبهم عن طريق جعل الطلب المرفوع موقعا من غالبية الأحزاب الممثلة في البرلمان (24 من أصل 27)، وأكثر من ذلك فقد تمكن النائب البارز لخضر بن خلاف من حشد توقيعات من أحزاب كبيرة على رأسها حزب الأغلبية جبهة التحرير الوطني، الذي ثار نوابه على السؤال الشفوي أثناء جلسة الخميس. كما تضمنت العريضة توقيعات من حزب الموالاة الجديد (تاج)، ومن حزب العمال الذي ظل يحذر طوال تربع شكيب خليل على قطاع الطاقة، من سياسته الرامية إلى "بيع" الجزائر للأجانب. وضمن هذه العريضة أيضا توقيعات من النواب الأحرار، تكتل الجزائر الخضراء، الشباب والكرامة.. ما يعني أن الفساد المستشري في البلاد، وخصوصا في الطاقة، كسّر حاجز الاتحاد الحزبي حول المواقف، وأن الأحزاب الكبيرة لم تعد تتحدث بلسان نائب واحد، باستثناء التجمع الوطني الديمقراطي. ويعتبر أصحاب العريضة أن تضرر الجزائر من الفساد سرّع برمجة طلب جلسة النقاش العامة، وكانت وراء توقيف التوقيعات عند عتبة 65 نائبا وإلا العدد كان سيرتفع. وأضحى مكتب المجلس الذي يقوده ولد خليفة و الحكومة، بهذا الطلب بين فكي كماشة، خاصة أن عدم الموافقة على الطلب لن يفلت من قراءة التواطؤ الحكومي البرلماني للتغطية على الفساد المستشري، ولو أن ذلك سابق لأوانه، خاصة إذا جرى توافق يسمح - بكل بساطة - بفتح النقاش حول الفساد.