اقترن اسم ماريو كمبس بكأس العالم 1978 في الأرجنتين، وبالثنائيات الثلاث التي سجلها خلال هذا المونديال، ومنحت إحداها في مرمى هولندا في المباراة النهائية منتخب بلاده اللقب العالمي، فلقب ب "ماتادور" الأرجنتين. ولد ماريو كمبس سنة 1954 في بيلفيل إحدى ضواحي كوردوبا، من عائلة متوسطة، بدأ حياته الكروية في نادي روزاريو عام 1972، في هذه الفترة كانت الأرجنتين تعاني من أزمة اقتصادية خانقة، وكان سعر العملة المحلية (البيزوس) رخيصا جدا، ما دفع كمبس إلى التفكير مبكرا في الهجرة والاحتراف خارج بلاده. وجاءت الفرصة أمام الشاب ماريو وهو في الثانية والعشرين من عمره أي عام 1976، حيث انضم إلى نادي فالنسيا الإسباني ورحلت معه عائلته بحثا عن حياة أفضل. في إسبانيا، أثبت كمبس قدراته مباشرة بعد وصوله، وصار نجم الفريق وهدافه، ورأى فيه مدربه الفرنسي مارسيل دومينغو "دي ستيفانو الجديد" كما قال، وبالفعل لم يخيب الشاب القادم من كوردوبا آمال مدربه ونال لقب هداف الدوري الإسباني لموسمين متتاليين (1977 و1978). عطاء كمبس في الملاعب الإسبانية جعل مدرب الأرجنتيني الشهير سيزار لويس مينوتي يوجه إليه الدعوة للانضمام إلى صفوف المنتخب الذي سيحمل لواء التحدي وآمال الملايين من الأرجنتينيين المولعين بالكرة في تحقيق لقب عالمي على أرضهم، وكان اللاعب المحترف الوحيد الذي يختار ضمن تشكيلة المنتخب. في 25 جوان، كان الموعد مع المباراة النهائية ضد هولندا، وقبل نهاية الشوط الأول مرر ارديليس كرة في العمق لكمبس، فراوغ الأخير مدافعا وسدد الكرة أرضية قوية خدعت الحارس يونغبلود، لينتهي الشوط بتقدم أصحاب الأرض بهدف نظيف. وعرف الشوط الثاني من المباراة مستوى عاليا وأداء رائعا من لاعبي المنتخبين، حتى الدقيقة 81 عندما تمكن نانينغا من تعديل النتيجة، عندها عم الصمت مدرجات ملعب مونومونتال في العاصمة بوينس ايرس. غير أن كمبس كان له رأيا آخر، عبر عنه بانطلاقة فردية على الجهة اليمنى حتى منطقة المنتخب الهولندي، وبرغم خروج حارس الأخير من مرماه وتصديه لتسديدة كامبس الأولى، إلا أن الكرة ارتدت منه مجددا أمام المهاجم الأرجنتيني الذي سددها داخل المرمى، لتعم الفرحة المدرجات والشوارع والبيوت الأرجنتينية، ثم أضاف اللاعب برتوني هدفا ثالثا قاضيا به على الحلم الهولندي. بعد المباراة النهائية توج كمبس هدافا للمونديال بستة أهداف وصار بطلا وطنيا، ونجما كبيرا، يرى فيه شعبه الخليفة للاعب الكبير قبل الحرب ريموندو أورسو، الذي أنهى مشواره في إيطاليا، ونال اللقب العالمي بدوره لكن برفقة المنتخب الإيطالي عام 1938. ماريو كمبس اللاعب المجهول والمغمور قبل الأدوار النهائية من مونديال الأرجنتين عام 1978، بزغت شهرته في الأدوار الحاسمة حيث سجل هدفين في المباراة النهائية في مرمى هولندا، وقبلها هدفين في مرمى بولندا، وهدفين في مرمى البيرو، ليتضح أنه جابه الفرق مجتمعة لوحده وأنزل بها أفدح الخسائر، وليصبح صاحب الثنائية ثلاث مرات في كأس العالم، هذه الإنجازات الرائعة كانت مثار تعليقات وتحليلات كثيرة، أبرزها من المحلل الرياضي الأرجنتيني سلفادور مينوتي الذي قال إنه في حال تشكيل منتخب عالمي لكرة القدم، يمكن التخلي عن نجوم كبار مثل كرويف وكيغان وروسي وربما عن بكنباور، إنما لا يمكن التخلي عن ماريو كمبس، لأن وجوده ضمانة لتماسك المنتخب، وفاعلية لاعبيه. أما مع ناديه الإسباني فالنسيا فتمكن كمبس من نيل لقب كأس إسبانيا عام 1979، وفي العام التالي ساهم بقوة في فوز فريقه بلقب كأس الكؤوس الأوروبية على حساب آرسنال بركلات الترجيح.