تعيش ولاية تيزي وزو، خلال الأيام الأخيرة، حالة لاأمن على خلفية عودة نشاط الجماعات الإرهابية وعناصر شبكات المافيا المحلية في الجهات الأربعة من الولاية. المتتبع للشأن الأمني بولاية تيزي وزو، خلال هذه الأيام الأخيرة، يلمس عودة ظاهرة اللاأمن التي تقلق السكان والأجهزة الأمنية وتعيد إلى الواجهة الوضعية الأمنية المتردية التي تعيشها منطقة القبائل منذ سنوات. فبعد أن شهدت الولاية هدوءا نسبيا وتراجع نشاط الجماعات الإرهابية وعصابات المافيا المحلية، خلال الأشهر الأخيرة، إثر نجاح المخططات والاستراتيجيات الأمنية المطبقة في الميدان، عاد مجددا الملف الأمني ليطرح نفسه بقوة. وتأتي الجماعات الإرهابية في مقدمة المتسبب الرئيسي في غياب الأمن بالولاية، حيث حاولت منذ بداية شهر جويلية المنصرم العودة إلى الواجهة بعد غياب طويل بهدف كسب صدى إعلامي، وبدأت نشاطها بزرع قنابل تقليدية ببلدية ذراع بن خدة وتفجير قنبلة تقليدية الصنع بالقرب من الحاجز الأمني الثابت للشرطة القضائية بالمدخل الجنوبي الغربي للمدينة في الفاتح من جويلية، وفي نفس اليوم توصلت مصالح الأمن إلى تفكيك قنبلتين بنفس البلدية على مستوى الطريق الوطني رقم 12 في شطره الرابط بين تادميت وذراع بن خدة، وانتشرت إشاعات مفادها أن هذه القنابل كانت وراء إلغاء زيارة عبد المالك سلال إلى ولاية تيزي وزو التي كانت مبرمجة ليوم 5 جويلية. وعادت التفجيرات عن بعد التي ينتهجها تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي بتيزي وزو يوم 14 جويلية، أي عشية يوم زيارة عبد المالك سلال إلى الولاية، حيث حاولت استهداف موكب لفرقة الدرك الوطني بالطريق الوطني رقم 12 على المدخل الغربي لمدينة ذراع بن خدة، ونجحت الأجهزة الأمنية في تفكيك قنبلة تقليدية أخرى زرعت بمكان قريب من موقع التفجير. وواصلت الجماعات الإرهابية نشاطها الدموي باغتيال عسكري في صفوف الجيش ببلدية أقرو يوم 29 جويلية، وفي 4 أوت ومباشرة بعد أذان المغرب، انفجرت قنبلة تقليدية الصنع بوسط بلدية آيت يحيى موسى التابعة لدائرة ذراع الميزان وأسفرت عن اغتيال جندي وإصابة اثنين آخرين، وفي اليوم الموالي توصلت وحدات الجيش إلى تفكيك قنبلة تقليدية زرعت بالقرب من ثكنة الجيش في الطريق المؤدي إلى قرية إيغيل البير، وعشية عيد الفطر ضربت الجماعات الإرهابية بقوة بمنطقة أزفون إثر اغتيال ثلاثة عناصر من الشرطة القضائية في كمين إرهابي، وهو الاعتداء الذي أثار سخط وغليان السكان الذين خرجوا، أول أمس، في مسيرة سلمية حاشدة بالمدينة الساحلية للتنديد بالإرهاب. من جهة مقابلة، سجلت ولاية تيزي وزو، خلال الأيام الأخيرة، العديد من الحواجز المزيفة لاسيما على مستوى الطريق الوطني رقم 25 الرابط بين ذراع بن خدة وذراع الميزان، وآخرها كان، فجر أول أمس، حيث أقدمت مجموعة مسلحة على تجريد المارة من أموالهم وهواتفهم النقالة واستهدفت بصفة أكثر فئة التجار، وهي العملية التي دفعت بعناصر الجيش للتدخل الفوري وتمشيط المنطقة بالمكان المسمى شيحاوي وثمذة علي، هذه البلدية سبق وأن سجلت حاجزا مزيفا بداية شهر رمضان ومعروفة منذ بداية التنظيم الإرهابي في التسعينيات بالحواجز المزيفة التي راح ضحيتها العديد من المدنيين ورجال الأمن. وكان الطريق الولائي رقم 128 الرابط بين ذراع بن خدة وبوغني هو الآخر مسرحا للحواجز المزيفة، ونفس الأمر للطريق الوطني رقم 30 في شطره الرابط بين واضية واسيف الذي سجل عدة حواجز مزيفة شأنه شأن طريق ثاخوخث والطريق الوطني رقم 12 في شطره الرابط بين إيعكوران وأدكار والطريق الولائي رقم 147 الرابط بين سوق الاثنين ومشطراس وطرق أغريب وإفليسن وغيرها من الطرقات. وحسب مصدر أمني، فإن الذين ينفذون الحواجز المزيفة هم إما من العناصر الإرهابية أو العناصر الناشطة في شبكات المافيا، التي تستغل نقص الأمن لتنفيذ مخططاتها الإجرامية واستهداف المواطنين خصوصا وأنه تم تسجيل سرقة بعض المركبات. وبالمقابل، تشهد العديد من قرى وبلديات ولاية تيزي وزو حالة أمنية متوترة على خلفية التحركات المريبة للعناصر الإرهابية لاسيما على مستوى القرى المعزولة بكل من بلديات آيت يحيى موسى وعين الزاوية وبونوح وفريقات وآث كوفي ومعاتقة، وهي البلديات التي تعرف ترديا كبيرا للوضع الأمني، حيث يترصد السكان بطريقة شبه يومية تحركات إرهابيين يدخلون ويخرجون من الغابات المحاذية، ونفس الأمر بالنواحي الشرقية ببعض قرى اعزازقة وقرى إيعكوران وزكري. وتشير المعطيات التي بحوزتنا إلى أن المناطق الساحلية بكل من أزفون وإفليسن وأغريب وميزرانة وتيقزيرت هي الأخرى تشهد تحركات متكررة لعناصر إرهابية. هذا، ويتواجد السكان في حالة قلق إثر عودة نشاط الجماعات الإرهابية خصوصا وأن الجميع على علم بأن المشكل الأمني تسبب في التأخر التنموي للولاية سيما مع استفحال ظاهرة الاختطافات التي دفعت بالعديد من المستثمرين ورجال الأعمال إلى مغادرة المنطقة، وفي هذا الصدد علمنا من مصدر أمني مطلع أن العديد من الأغنياء بولاية تيزي وزو تلقوا تهديدات بالخطف من طرف جهات مجهولة في حالة عدم دفع مبلغ مالي محدد. هذا ويذكر أن الجماعات الإرهابية عجزت عن تنفيذ اعتداءات إرهابية في مناطق حضرية بولاية تيزي وزو رغم التهديدات المتكررة بعد أن نجحت الأجهزة الأمنية في استغلال الميدان وخنق تحركات الإرهابيين ومنع تسللهم إلى المدن.