الفنان ليس مجرد مؤدي لوظيفة فنية فحسب، بل هو في موقع ما حامل لرسالة ومسؤولية إنسانية. نقول ذلك بعيدا عن تلك العبارات الفضفاضة التي تتحدث عن "القدوة والمثال" وما إلى ذلك من الافتراضات التي ترى الفنان في طور المثالية المتخيلة. وبين ذلك الخيال المثالي المتجاوز والفهم القاصر للدور الذي يحتكره في زاوية ضيقة للأداء الفني، يبرز دور الفنان الحقيقي المنتمي لقيمه وإنسانيته، والمدرك لدوره وتأثيره في المجتمع، لاسيما فيما يتعلق بقضايا التوعية والتحسيس والدفاع عن القيم وعن الحلقات الأضعف في المجتمع. ولعل ما قام به الفنان الشاب والواعد "أحمد زيتوني" عندما أطلق مبادرته الأخيرة الهادفة للتضامن مع ضحايا فيروس فقدان المناعة المكتسبة، يندرج ضمن هذا الدور الإنساني للفنان. فرغم بساطة المبادرة كفعل، فإن تنفيذها على الأرض في ظل مجتمع لايزال يعتبر الحديث عن السيدا (الأيدز) ضمن الطابوهات التي تحاط بالكثير من السرية و«العيب"، نظرا للترويج الخاطئ الذي يرتكز على فرضية أن العلاقات الجنسية هي الوسيلة الوحيدة لانتقال المرض. والواقع أن شابا لا يتجاوز عمره الحادي والعشرين ربيعا تمكن من فك شفرة "الطابو" وجعل رموز مهمة في المجتمع، سواء من الطبقة الفنية أوالرياضية أوالإعلامية، تتجاوز أسوار ذلك المفترض من "العيب والصمت" لتتحدث عن تضامنها مع ضحايا ال HIV + وهذا ما يضاعف أهمية مبادرة "زيتوني" ورفاقه الذين تمكنوا من نقل الحالة من الصمت إلى الحديث والظهور الإعلامي حتى لو لم يتمكنوا من إقناع أي من الضحايا للظهور في منصتهم!. ويكفي أن نجد فنانين كبارا يحظون بشعبية واسعة، ونجوم إعلام ، ومطربين ورياضيين، وعلى رأسهم الكابتن رابح سعدان، يقفون لحظات تأمل ووعي من أجل إنجاح هذه المبادرة ودعم ضحايا السيدا الذين طالما عانوا من سلبية المجتمع وتجاهله لهم.. هي إذن مبادرة تستحق التحية والتقدير.