يرى عبد العزيز بلعيد رئيس حزب جبهة المستقبل أن التردد الكبير الموجود لدى الكثير من الأحزاب من ناحية تقديم مرشحيها للرئاسيات المقبلة، وانتظار ترشح الرئيس بوتفليقة من عدمه هو أمر يعكس انعدام الثقة في الحياة السياسية بالجزائر، حيث أكد بلعيد الذي أعلن ترشحه منذ أيام للرئاسيات، ضمن هذا الحوار، أنه سوف تكون هناك تجاوزات بخصوص الانتخابات القادمة، في سياق حديثه عما حدث خلال الانتخابات السابقة، مشيرا إلى أنه سيتم فضح كل من يخلّ بالقوانين تحسبا للرئاسيات المقبلة. لو كنا في الواقع ضمن بلد ديمقراطي حقيقي، لما طرح أحد هذا السؤال على اعتبار أن هذا الفعل موجود من أجل الوصول إلى السلطة. للأسف فإن كل الأحزاب تنتظر ونفس الشيئ نسجله حتى بالنسبة للشخصيات الوطنية، وكلهم يربطون ترشحهم بترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، نحن حزب دخلنا الانتخابات التشريعية وأيضا الانتخابات الولائية والبلدية والآن ندخل للرئاسيات وهذا أمر طبيعي جدا. لقد ناقشنا القضية خلال المؤتمر، وأنتم تعلمون أن الصحافة ما انفكت، منذ عام كامل توجه لنا أسئلة حول موقفنا من الرئاسيات، وكنت أقول لهم في كل مرة إن الرئاسيات هي من صلاحيات المؤتمر وهذا ما ينص عليه القانون الأساسي. لقد جئنا إلى المؤتمر الذي طلب، بعد النقاش والحوار الذي ربما رأيتموه، أن يترشح رئيس الحزب إلى الرئاسيات وهذا أمر عاد جدا. بالطبع كانت هناك تلاعبات وتزوير في الانتخابات السابقة ونحن على دراية بما سوف يحدث في الرئاسيات المقبلة، ولكننا كحزب موجود في الساحة وما دمنا قد أسسناه، فإننا نعرف الصعوبات الموجودة ونعرف كل هذه المعطيات التي كانت بحوزتنا ودخولنا إلى الانتخابات الرئاسية هو أولا بغرض بناء الحزب. إن الديمقراطية ليست مسألة سهلة والحزب موجود من أجل الوصول إلى السلطة وهذا أمر طبيعي وسوف يأتي يوم، نتمناه طبعا، الذي سوف يكون فيه صوت الشعب هو الأعلى من أي من هذه التلاعبات والأشياء. نحن نناضل وندخل الانتخابات ونعرف ما هي الصعوبات الموجودة وسوف نتخطاها هذه المرة، حتى وإن لم نستطع هذه المرة، فقد نحقق ذلك في المرة القادمة.. لكننا موجودون، ندخل الانتخابات ونحترم الدستور ونحترم قوانين الجمهورية وإذا وجد من يخل بهذه القوانين، فإننا سوف نتحدث عنهم ونفضحهم. سوف تكون هناك تجاوزات، غير أننا سوف نجسد حملتنا الانتخابية بكل نظافة وشفافية، وبالطبع فإن الشعب يرى وبالطبع فإن الذي يمارس الغش، فإن اليوم الذي يكشف فيه سوف يأتي مثلما يأتي اليوم الذي تسمو فيه الحقيقة. لا، ليست لدينا أية مشاكل من هذه الناحية، ولدينا منتخبين في المجالس البلدية والولائية وكذا منتخبين في البرلمان ونحن أيضا متواجدون في 48 ولاية وهذا المشكل لا يطرح بالنسبة لحزب جبهة المستقبل. هناك تفسير وحيد وهو أن ذلك يعكس انعدام الثقة تماما في الجزائر.. بين السلطة والإدارة والأحزاب والمجتمع السياسي ككل في الجزائر، لكن لماذا انعدام الثقة؟ الجواب هو أن التجربة السابقة التي خضناها في الانتخابات المحلية والتشريعية وغيرها، بينت أنه ليست هناك ديمقراطية حقيقية في الجزائر، وأنا ضد أن هؤلاء كلهم ينتظرون ويقومون بحسابات لأنه ما دام هناك حزب فإنه يدخل غمار الانتخابات وبالطبع هناك من يقول أنه لا يدخل كأرنب.. إذا دخل كل واحد من أجل الفوز، فلن تكون هناك انتخابات ودائما هناك غالب ومغلوب، وهناك من يصل مقابل من يخفق، وفي الحقيقة نحن نطالب باحترام قواعد اللعبة السياسية واحترام قوانين الانتخابات وأيضا نطالب بحياد الإدارة.. لا بد أن تكون انتخابات يميزها اختيار الشعب الجزائري لمن يشاء، ونحن لما دخلنا هذه الانتخابات فإننا لا نخدم أية جهة ولن نكون أرانب، فنحن نخدم حزبنا وإطاراتنا ونكوّن أنفسنا للمرور إلى مراحل أخرى. في خضم العمل السياسي لا بد من التقاء هذه الأحزاب، خاصة وأنها كثيرة جدا في الجزائر، ولكنني لا أظن أن كل الأحزاب سوف تقدم ترشيحاتها على اعتبار أن هناك بعض المسائل التي ينبغي إنجازها للوصول إلى ذلك.. جمع التوقيعات وتواجد الأحزاب أيضا، لكن في الواقع أين هو المشكل حتى وإن كان هناك عشرون مترشحا.. هذه هي حالة الديمقراطية في الجزائر، وبالطبع فإن التحالفات يمكن أن تكون وخاصة لما تكون هذه التحالفات طبيعية ولا تكون من أجل الخروج ضد السلطة أو من أجل ضد الخروج ضد فلان أو علان.. بمعنى أن يكون التحالف على أساس إيديولوجي وعلى أساس برنامج وفكر ورؤية، ونحن بالطبع متفتحون على كل الأحزاب التي يمكن لها الوقوف معنا.. ومرحبا بها وليس لنا مشكل من هذه الناحية. هذه هي اللعبة السياسية في الجزائر لأن هذه الأحزاب، وحتى بعض الشخصيات، تعيش وهي لصيقة بالنظام والحكم وترى أنها تختنق عندما لا تكون تابعة للحكم، وهذا ما جعل التميع الذي كان في الساحة السياسية وكذا الدناءة التي كانت في الساحة السياسية والتي لا تزال موجودة، إذن لا ينبغي بناء حسابات على أساس وجود السلطة ولكن على أساس كيفية ترقية العمل السياسي وكيفية منحه أخلاقا في الجزائر وكيفية فتح نقاش واسع فيما يخص البرامج، أما إذا قام كل واحد بحساب ما يأخذ وما لا يأخذ، فإننا حينها نصبح في سوق ونحن فعلا في سوق يباع ويشترى فيه كل شيئ وحتى الذمم ونحن ضد هذه الأفكار. نعم الفرق في كونها تنظم وتعلن لأنه أساسا الإدارة تبقى تهتم بالجوانب المادية والسير الحسن للانتخابات، أما فيما يتعلق بالجانب السياسي، فلا بد من أن تكون لجان مستقلة ولا أعني هنا استقلالية اللجنة الوطنية التي يقيمونها في كل مرة والتي هي عبارة عن ستار لأشياء ويتم قمعها، وتجري الكثير من الأمور في داخلها خاصة من خلال الأحزاب، وبالتالي الخليط الذي يبدأ داخل هذه اللجنة التي ليس لديها أي سلطة، لا بد أن تكون لجان تنتخب من طرف المجتمع السياسي بالإضافة إلى شخصيات سياسية وأخرى علمية ومحامين وهم الذين ينتخبون أعضاء اللجنة الوطنية مع انتخاب اللجان الولائية في كل الولايات، ونفس الشيئ في البلديات، وينبغي ألا تكون لجنة منتخبة مربوطة بانتخاب معين ولكن لجنة دائمة لديها عهدات، واحدة أو اثنتين، ولديها رئيس وكل ما يلزم وحتى الأحزاب تساهم وتشارك في الانتخابات وتكون عضوة في اللجنة التي ينبغي أن تضم الجميع. هذه اللجنة التي كانت موجودة هي اللجنة التي تكلمنا عنها وهي عبارة عن ستار فقط والإدارة تقوم بكل شيئ ولاحظنا في الانتخابات التشريعية السابقة أن زير الداخلية يعلن عن النتائج النهائية والفرز لا يزال موجودا في بعض الولايات. لقد قلت لكم.. لو كانت هناك لجنة مستقلة فيمكن الإتيان بأي حكومة، حيث تصبح المسألة من دون معنى، مهما كانت الحكومة التي يتم التعامل معها، فإن وزير الداخلية ستكون لديه في هذا الإطار كامل السلطات.. هو من ينظم وهو من لديه القوائم وهو الذي يفرزها ومن ثم يعلن عن النتائج، وبالتالي تكون كل السلطة في أيدي الإدارة. بعد أو قبل الانتخابات، فإن الأمر لا يمثل مشكلا لأننا نبحث عن دستور للشعب الجزائري وليس دستورا يكون مقاسا على كل رئيس يأتي إلى الحكم، هذا هو الدستور الذي نحتاج إليه.. إذن لا بد أن يكون دستورا للشعب الجزائري كما أنه بالنسبة للدستور.. لا بد أن يكون بشأنه حوار واسع، بين الطبقة السياسية والشعب الجزائري، ليس فقط من أجل المبادئ والقيم بل وحتى من جانب كيفية تسيير الدولة الجزائرية وهذا ما يتطلب حوار داخل الشعب نفسه حتى يمكن الوصول إلى دستور خاص بالشعب الذي سوف تكون لديه كلمة الفصل بهذا الخصوص. هذه حسابات تكتيكية، الكثير يرى أن تعديل الدستور يتكلم حول نائب الرئيس وغيرها.. هذه أشياء ظرفية مرتبطة بالانتخابات القادمة، وخاصة بمرحلة معينة، أما نحن نطالب بدستور يمكن من خلاله تسيير الجزائر مثلما هو الأمر بالنسبة للدساتير الموجودة في العالم، أما إذا أعدنا تجسيد دستور في كل مرة، فإن الأمر يعتبر مهزلة، وحتى قانون المرور نفسه لم يتم تعديله مثلما جرى مع الدستور في الجزائر. بغض النظر عن المبادئ والقيم التي يكفلها بيان أول نوفمبر 54 والتي هي محور اتفاق من الجميع، غير أن الأمر يتعلق أساسا بكيفية تسيير السلطة في الجزائر وكيف تكون هذه السلطة وكيف يتم تسيير المؤسسات في الجزائر. بالطبع.. كيفية التسيير وكيفية أن يكون نظام الحكم ديمقراطيا حقيقيا وأيضا تبيان العلاقات بين المؤسسات، ما هو دور البرلمان حاليا؟ ليس له دور في الجزائر ونفس الشيئ بالنسبة لمجلس الأمة. الحوار هو الذي يفرز هذه الأشياء، ولما يفسح المجال سوف نجري حوارا داخليا ونخرج أيضا إلى الميدان من أجل حوار مع المواطنين من أجل الوصول إلى مسألة نظام الحكم ولكن لا بد من الوصول إلى نظام واضح، ونظامنا الحالي للحكم ليس رئاسيا ولا شبه رئاسي ولا برلماني.. نعم هو برنامج يبتعد عن العموميات وهناك خمسة وسبعون إطارا خبيرا أنجزوا هذا البرنامج وهؤلاء الخبراء أساتذة جامعيون منتمين للحزب وهناك خبراء لا ينتمون إليه وأيضا إطارات موجودين في دواليب السلطة والذين لديهم الخبرة الكافية.. بالطبع هم كذلك، ولا أقول إن هذا البرنامج هو نهائي ومثالي، نحن نعتبر هذا البرنامج كمشروع مجتمع وسوف ينمو بنمو الحزب فضلا عن كونه سوف ينمو بنمو الأفكار، كما أنه سوف ينمو بحوار داخل وخارج الحزب؟ الفساد مرتبط بأشياء كثيرة وقلنا في بياننا - يقصد بيان مؤتمر الحزب - أول أمر هو مرتبط بالعدالة ولا بد من وجود عدالة قوية وحتى تكون هذه الأخيرة قوية، لا بد أن تكون مستقلة على الحقيقة، أقول ذلك لكون الآن في الجزائر، السلطات الثلاثة في أيدي شخص واحد هو رئيس الجمهورية .. هو قادر على حل السلطة التشريعية وبالنسبة للسلطة القضائية فهو رئيس المجلس الأعلى للقضاء فضلا عن كونه يمسك بزمام السلطة التنفيذية، إذن فيما يخص السلطات الثلاثة ليست هناك استقلالية حقيقية والسلطة القضائية لم تكن مستقلة ولا تستطيع أن تكون قوية. بالطبع لأن رئيس الجمهورية هو مصدر تنفيذي ويمكن له هو أيضا أن يقف أمام العدالة، فكيف يكون اللاعب حميدة والرشام حميدة، إذن لابد أن يكون القضاء مستقلا وهناك الكثير من الدول التي لديها استقلالية القضاء ونحن نعلم كيفية تعامل القضاء فيها. نحن نركز على قضيتين اثنتين أساسيتين.. هناك أولا الفلاحة من باب تحقيق استقلالية غذائية في الجزائر، إذ لا بد من أن تتطور الفلاحة تطورا كبيرا ولننظر فقط إلى جيراننا في المغرب كيف وصلوا إلى ما وصلوا إليه من نتائج في هذا المجال، والفلاحة الآن يتم التعامل معها من خلال ضخ الأموال التي يتم التلاعب بها كما أن ذلك يتم من خلال طريقة إدارية، هناك الكثير من أشباه الفلاحين والفلاح الحقيقي هو الذي يشتغل في صمت، كما أن الكثير من الفلاحين لديهم مشاكل كثيرة وضخ الأموال في الفلاحة ينبغي أن يتم بطريقة علمية وبرامج واضحة. لا بد أيضا من الابتعاد عن الريع البترولي وإيجاد الحلول التي تغير المجرى الاقتصادي في الجزائر، وفي الأساس لا بد من الذهاب نحو السياحة التي لابد من ترقيتها مع وجود وزارة قوية وليس كما حدث في العهدة السابقة للرئيس الحالي عندما تم تقليصها أكثر من مرة ضمن مديرية أو كتابة دولة والآن هي وزارة. لا بد من استراتيجية وطنية للسياحة والبدء أولا بالسياحة الداخلية قبل الحديث عن السائح الأجنبي. باقي الأمور الصناعة وغيرها مهمة جدا، لكن أنا أتحدث عن الأمور التي لدينا القدرة بشأنها وبالنسبة للصناعة مثلا فهي تتطلب تكنولوجيات وإطارات ذوي مستوى عالي، الكثيرون منهم ذهبوا إلى الخارج، لكن السياحة والفلاحة تتطلب كلاهما تسييرا وبرنامجا ونظرة وأيضا إطارات مختصة. ما حدث في المغرب ليس جديدا من ناحية الاستفزازات، ونحن لا نتحدث هنا عن الشعب المغربي الشقيق على اعتبار أن مشكلتنا هي مع السلطة في المغرب التي تعتبر تعسفية وأنتم ترون ما تقوم به الآن اتجاه الصحراويين في العيون والكثير من المدن الصحراوية، نحن كحزب موقفنا ثابت اتجاه القضية الصحراوية، ورد الفعل الجزائري ينبغي أن يكون ذكيا، كما أن المغاربة لديهم مشاكل داخلية يريدون تصديرها خارج الحدود، حيث توجد الجزائر التي هي قوة حقيقية وتقف إلى جانب القضية الصحراوية وفق قرارات الأممالمتحدة، أما بخصوص تصريحات هولاند، نراها تهكما على الجزائر التي لولا ما قدمته لفرنسا لأصبحت هذه الأخيرة في أزمة اقتصادية كبيرة، كما أؤكد على ضرورة أن يكون هناك رد قوي من جانب الديبلوماسية الجزائرية لا سيما وأننا أقوياء، ماديا على الأقل، ومستقرون داخليا على عكس ما كنا نعيشه في مرحلة سابقة. حاوره: عزيز. ل = من مواليد 1963 ببلدية مروانة ولاية باتنة، متزوج وأب لأربعة أطفال يقطن بالعاصمة. = حامل لشهادة ليسانس في الحقوق من جامعة الجزائر وشهادة الكفاءة المهنية في المحاماة. = حاصل على شهادة دكتوراه في الطب من كلية الطب محرزي بالجزائر. = أنتخب أمين الاتحاد الوطني للطلبة الجزائريين "UNEA" بالجزائر. = ترأس الاتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية "UNJA". = إطار دولي في الاتحاد العالمي للشبيبة. = أنتخب عضو اللجنة المركزية ل "FLN" وعمره 23 سنة. = أنتخب عضو المجلس الشعبي الوطني لعهدتين من 1997 إلى 2002 ومن 2002 إلى 2007 وترأس عدة لجان برلمانية. = أنتخب عضو للمكتب السياسي ل "FLN" إلى غاية 2004، استقال من صفوف جبهة التحرير نهائيا سنة 2011. = أسس في شهر فيفري 2012 بالجزائر حزب جبهة المستقبل.