تسلمت وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريط رمعون، مهامها على رأس أكبر القطاعات الحساسة في الجزائر، والذي يضم قرابة 700 ألف موظف وأزيد من 8 ملايين تلميذ، منهم قرابة 2 مليون مترشح يجتازون الامتحانات الرسمية في الأطوار الثلاثة الشهر المقبل، وبهذا ستواجه الوزيرة الجديدة تحديا صعبا في اجتياز هذه الامتحانات الهامة في الجزائر، إضافة الى تحديات أخرى تنتظرها سواء من الناحية البيداغوجية أو الاجتماعية. أسند رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، مسؤولية أكبر القطاعات من حيث التعداد والميزانية ومن أكثر القطاعات الحساسة التي تعرف حراكا اجتماعيا كبيرا طيلة السنة الدراسية، إلى وزيرة جديدة تعتبر ثاني إمرأة على رأس القطاع بعد المجاهدة زهور ونيسي في الثمانينات، حيث عين مديرة المركز الوطني للبحث في الانتروبولوجيا الاجتماعية نورية بن غبريط خلفا للوزير السابق عبد اللطيف بابا أحمد، الذي ترك للوافدة الجديدة ملفات عديدة ثقيلة وشائكة حسب ما يؤكده المتتبعون للشأن التربوي، ولعل أول الملفات التي تعتبر "الحدث الأساسي" هذه الأيام، وهو ملف الامتحانات الرسمية والذي سيمتحن فيها في الأطوار التعليمية الثلاثة قرابة مليوني تلميذ، خاصة امتحان شهادة البكالوريا التي هي أهم الشهادات في الجزائر والتي سيمتحن فيها أزيد من 650 ألف مترشح ، حيث ينتظر من بن غبريط التحرك وبسرعة للإلمام بهذا الملف، خاصة وأن الوزير السابق كان سيعلن أمس عن عتبة الدروس للممتحنين بعد أن رضخ لمطالب التلاميذ، وأعلن عن وجودها على إثر الإضرابات والاحتجاجات التي شهدها القطاع منذ بداية الموسم الدراسي الجاري، إلا أن رياح التعديل الحكومي أتت بما لم تشتهيه سفينة الوزير "بابا أحمد" الذي وجد نفسه خارج حكومة الوزير الأول عبد المالك سلال، مما استدعى تأجيل الإعلان عنها الى اليوم، إضافة الى ذلك يواجه الوزيرة الجديدة تحديا كبيرا حول ضمان اجتياز الامتحانات في ظروف عادية، خاصة وأن الموسم المنصرم عرف تسجيل حالات غش جماعية كادت تعصف بمصداقية شهادة البكالوريا، كل هذه التحديات التي يحملها ملف الامتحانات الرسمية يجعل الوزيرة الجديدة أمام أهم امتحان لها في حياتها المهنية، سواء النجاح أو الفشل فيه، فهل ستنجح الباحثة والمختصة في الانثروبولوجيا في أول مهمة لها في قطاع التربية ؟ إضافة إلى ذلك يتساءل العديد من المتتبعين إن كانت الوزيرة الجديدة ستستمر في نفس سياسات بابا أحمد لغاية انتهاء الامتحانات النهائية الرسمية وخاصة امتحان البكالوريا، أم أنها ستحدث تغييرات على قطاع التربية بمجرد تسلمها المهام . من جانب آخر، ستجد الوزيرة الجديدة لقطاع التربية نفسها أمام كومة من الملفات العالقة من زمن بابا أحمد، وبعضها يعود الى زمن الوزير الأسبق بو بكر بن بوزيد، حيث ستواجه الى جانب مشاكل القطاع المعروفة أهم ملف يؤرق الأولياء والأساتذة والشركاء الاجتماعيين وهو ملف مراجعة الإصلاحات التربوية، فإصلاحات بن بوزيد التي أسالت الكثير من الحبر بداية من المنهج وثقل البرامج إلى الكتاب المدرسي نحو الأخطاء الواردة في الكتب ثم طريقة التدريس وبعدها التوقيت والنشاطات الصيفية واللاصيفية، الدورة الاستدراكية للسنة الخامسة ... وغيرها من الملفات التي لا تزال تراوح مكانها، خاصة وأنها ساهمت بشكل أو بآخر في تدهور المدرسة الجزائرية التي باتت تعرف الكثير من العنف، وجعلتها تعيش أسوأ مراحلها، فهل ستتمكن الوزيرة الجديدة من تقديم البدائل الحقيقية للمدرسة الجزائرية المقبلة والتي من شأنها رفع مستوى التعليم في الجزائر، وتطوير المدرسة في كل الجوانب البيداغوجية والاجتماعية، وهل ستتمكن من التعامل مع النقابات بشكل يضمن مرور سنة دراسية دون إضرابات واحتجاجات، كل هذه التحديات ستواجهها نورية بن غبريط بداية من الموسم الدراسي المقبل والذي يعتبر ثاني اختبار لها بعد أن تجتاز مهمة الامحانات الرسمية الشهر المقبل. نورية بن غبريط.. من هي؟ تحصلت الوافدة الجديدة على وزارة التربية الوطنية نورية بن غبريط على شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع من جامعة باريس 5 - ديكارت عام 1982، ثم درست خلال سنوات في جامعة وهران قبل أن تكرس نفسها للبحث في مجالات دراسات التنمية والتعليم والشباب والمرأة والأسرة، وتقلدت العديد من المهام والأنشطة العلمية والإدارية، و كان آخر منصب شغلته بن غبريط قبل تعيينها وزيرة للتربية الوطنية في الحكومة الجديدة مديرة المركز الوطني للبحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية، وكانت قبلها عضوا في المجلس الأعلى للتربية في اللجنة الوطنية لبرامج التربية ورئيسة مجلس الإدارة للوكالة الوطنية لتثمين نتائج البحث والتطوير التكنولوجي ونائب رئيس مجلس الإدارة بالمعهد الافريقي للحكامة الواقع مقره بدكار"السينغال"، كما كانت عضوا منتخبا ممثلة للجزائر في المجلس الجمعوي للوكالة الجامعية للفرانكوفونية "2005-2009" و رئيسة اللجنة العلمية العربية بمنتدى اليونيسكو الخاص بالتعليم العالي والبحث والمعرفة وعضوا منتخبا لشمال افريقيا "المغرب العربي+ مصر" واللجنة التنفيذية للمجلس من أجل تطوير البحث في العلوم الاجتماعية في افريقيا خلال عهدتين انتخابيتين، كما أشرفت بن غبريط على عدة مشاريع بحث بالمركز الوطني للبحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية منها "اشكالية الزواج" و "المدرسة - الأسرة التكامل والجهل والاختلاف" و«النساء ومشروع الحياة"، ومن بين أهم مؤلفاتها " الشباب والتجربة الاجتماعية في حال أزمة"، لنظام "LMD" "ليسانس، ماستر، الدكتوراه" في الجزائر من وهم الضرورة إلى خيار الفرصة، و الجزائر بعد 50 عاما، وكذا المدرسة الجزائرية: تحولات وآثار اجتماعية. صارة ضويفي "حقيقة ما ينتظر الوزيرة الجديدة لقطاع التربية هي ملفات ثقيلة وشائكة، لعل أبرزها هي الامتحانات الرسمية التي هي على الأبواب إضافة الى ملف الاصلاح التربوي الذي يعد أثقل الملفات نظرا لأن هذه الإصلاحات التي بدأت في 2003، ولم يتم تقييمها بل كانت كل التصريحات مجرد حبر على ورق، فيجب على الوزيرة التحرك من أجل إخراج المدرسة من سلسلة المشاكل التي تعاني منها، كما لا يجب أن تنسى الوزيرة قضايا وحالات الفساد التي شهدها القطاع والتي يجب عليها الضرب بقوة وبيد من حديد من أجل اقتلاع مصادر الفساد المتجذرة في القطاع، كما لا ننسى الملفات الاجتماعية التي لا تزال تراوح مكانها ومن الواجب على بن غبريط إيجاد حلول سريعة وفي أقرب الآجال، وفتح حوار جاد وفعلي مع الشركاء الاجتماعيين، ولهذا ما ينتظر الوزيرة عمل كبير جدا خاصة مع التعداد الكبير الذي يتضمنه القطاع". "نحن كنقابة عمال التربية نمد يد المساعدة الى وزيرة التربية الوطنية الجديدة بن غبريط نورية، إذا أرادت المساعدة وإذا كانت جادة في خدمة قطاع التربية، الذي ترك لها فيه الوزير السابق عبد اللطيف بابا أحمد ملفات كبيرة وقنابل موقوتة، ولهذا نحن نتمنى من الوزيرة أن تعمل أولا على إعادة النظر في بعض الإطارات والمدراء المركزيين ومدراء التربية وإحداث تغيير جذري في الطاقم المحيط بها، لأن البعض منهم يعتبرون من بين أهم اسباب الفشل في القطاع، إضافة الى ذلك تواجه الوزير ملفات ثقيلة على غرار إصلاحات المنظومة التربوية والقانون الخاص وطب العمل والخدمات الاجتماعية التي سنطالبها بإعادة النظر فيها بسبب الخروقات التي حدثت فيها، كما لا ننسى دعوة الوزيرة الى ضرورة التعامل مع الشركاء الاجتماعيين والنقابات واشراكهم في القرارات الهامة والمصيرية التي تهم القطاع التربوي، ولا بد من تنظيم حوار وطني من أجل الرفع من مستوى المدرسة الجزائرية الذي فشل بابا أحمد في ترقية ورفع القطاع". " اطلعنا على السيرة الذاتية للوزيرة الجديدة للتربية وهي حافلة بالشهادات، إلا أن هذه الاخيرة غير كافية لتسيير أهم القطاعات وأكبرها في الجزائر، بل يجب ان تتميز بثلاث نقاط أساسية أولها هو أن تكون الوزيرة صاحبة قرارات جريئة وفي الوقت المناسب، ثانيا أن تحسن الإصغاء للشركاء الاجتماعيين وعن طريق الحوار المباشر ودون وساطة، ثالثا وهو ضرورة استقطاب الكفاءات المحيطة بها من مستشارين ومدراء مركزيين، وهذا من أجل إحداث تغيير حقيقي وفعلي في القطاع، الذي يجب أن تكون متأكدة أنه قطاع كبير وحساس وفيه مشاكل اجتماعية وبيداغوجية كبيرة بحاجة الى حل واهتمام بالغ من أجل أن تحافظ على استقرار الموسم الدراسي والقطاع من أي اضطرابات" .