عرف، حي الجزيرة الفوضوي، الكائن بشارع العدلاني عمر ببلدية باب الزوار توسعا كبيرا منذ سنوات التسعينات، ويتحمل مسؤولية ذلك السلطات المحلية التي ساهمت في خلق هذا المشكل حيث قام رئيس البلدية السابق منذ سنة 1992 بترحيل العائلات التي كانت تسكن بحي فوضوي بجوار مقبرة العالية إلى حي الجزيرة الذي كان عبارة عن مشروع لانجاز المطبعة الرسمية بالمكان الذي كانت تشرف عليه مؤسسة (سوناتيبا) التي تخلت عنه بعد أن بقي مهملا لسنوات بعد إنجاز عمارتين لم تكتمل تهيئتهما بحيث لم يكن بها لا نوافذ ولا أبواب ولا قنوات صرف المياه·· حيث تم إسكان 23 عائلة بها مؤقتا بأمر من رئيس البلدية الذي وعدهم بالترحيل إلى سكنات لائقة في ظرف أيام معدودة، لكن مرت الأيام والسنوات ونمت السكنات الفوضوية معها بحي الجزيرة كالفطريات التي فاق عددها حاليا 450 مسكن وسكانها ينتظرون الفرج على أمل الترحيل وتحقيق وعود عمرها من عمر معاناتهم· عائلات قصدت حي الجزيرة من مناطق مختلفة من الوطن بدافع الحاجة أزمة السكن الخانقة والظروف المادية هي الدوافع الرئيسية التي أدت بسكان حي الجزيرة إلى تشييد بنايات فوضوية لإيواء أفراد عائلاتهم الذين يعيشون في ظروف جد مزرية تنبئ بكارثة وبائية جراء ما يحيط بهم من تلوث بيئي تسبب في انتشار أمراض خطيرة، فمن خلال الجولة الإستطلاعية التي قامت بها ''الجزائر نيوز'' لاحظنا حجم معاناة هؤلاء السكان، خاصة الأطفال منهم الذين رددوا على مسامعنا عبارة ''لماذا لا يزيلون هذه القذارة عنا·· نريد أن نسكن في بيوت لائقة مثلما يعيش أصدقاؤنا''، فبمجرد دخول الحي تصادفك المياه القذرة الصادرة عن البيوت الفوضوية في الطرقات كون الحي غير مهيئ بشبكة لقنوات الصرف الصحي، ويعمل السكان على إنجاز حفر لتصريفها لكنها سرعان ما تمتلئ وتنبعث منها روائح كريهة·· والنفايات تنتشر في كل مكان، فالأوضاع تعبر عن نفسها·· وبالإضافة إلى ذلك يتزود السكان بالكهرباء بطريقة عشوائية، فهم لا يملكون حتى العدادات، ونفس الشيء بالنسبة للماء حيث يقومون بجلبه من إحدى الحنفيات التي أنجزها أحد الخواص خصيصا لسكان الحي· نعيش منذ سنوات بدون وثائق واستخراج شهادة الإقامة مقابل 2500 دج أكد، سكان حي الجزيرة الذين تحدثوا إلى ''الجزائر نيوز''، أنهم منذ التسعينات وهم يعيشون بدون وثائق تثبت إقامتهم بالبلدية بالرغم من أنهم مسجلين بها، فحسب ما قاله أحد الشبان، يبلغ من العمر 20 سنة، فإن استخرج شهادة الإقامة من بلدية باب الزوار يكون مقابل 2500 دج، أما فيما يتعلق بتسجيل الأطفال بالمدارس فقد أكد الأولياء أنه تم تسجيل أبناءهم كحالات خاصة· الربو والحساسية وداء السل·· أمراض تفتك بالسكان أمراض خطيرة تفتك بعدد كبير من سكان حي الجزيرة، خاصة المواليد الجدد بسبب المحيط الملوث الذي يعيشون به والمتميز بالقذارة والروائح الكريهة الناتجة عن النفايات المتراكمة، والتي أكد بخصوصها السكان أنها لم تتم إزالتها منذ سنة تقريبا، ناهيك عن ما تخلفه قنوات الصرف الصحي التي أنجزت بصفة عشوائية من قبل السكان والتي تصب في الخارج، وكذا الرطوبة العالية داخل السكنات التي تتسبب في الإصابة بأمراض الحساسية والربو، خاصة وأن السكنات لا تحميهم من تسرب المياه عتد تساقط الأمطار، فخلال الليالي الممطرة لا يغمض لهم جفن خوفا مما قد يحدث وحرصا على أرواح أطفالهم، فإحدى السيدات التي دخلنا بيتها قالت أن طفلها الذي يبلغ 12 شهرا من العمر، أصيب بالربو بعد ولادته مباشرة، وهي تعاني الأمرين من أجل توفير العلاج له وهو طريح الفراش· وأكد آخر أن شقيقته التي لا يتعدى سنها الخمس سنوات ولدت في حالة طبيعية، لكنها أصيبت بمرض تسبب لها في إعاقة كلية لذات الأسباب· تسرب مدرسي وأزمات نفسية تصيب الشباب ''أي أمل نعيش عليه وأي مستقبل ينتظرنا''·· هذا ما أجابنا به بعض الشباب الذين تحدثوا إلينا حيث قالوا أنهم لا يدرسون ومن له مستوى لا يتعدى التاسعة أساسي، مرجعين ذلك إلى ظروف حياتهم التي تفتقد لأدنى الشروط·· حي فوضوي وبيوت ذات غرفة واحدة لا تسع أكثر من شخصين تعيش بها عائلات مكونة من 6 و7 أفراد، وهذا ما لا يسمح حتى بالدراسة، خاصة عندما يقارنون بين وضعيتهم ووضعية زملائهم الذين يدرسون معهم ويعيشون في ظروف جيدة، وهذا ما يشعرهم بالنقص، فالأطفال نمت لديهم ارتباك نفسي·· وفي هذا السياق تقول إحدى السيدات أن إبنها الوحيد الذي يبلغ من العمر 18 سنة أصيب مرتين بأزمة نفسية جراء الظروف التي يعيشونه، فهو يستحي حتى من أن يعلم زملاؤه في الدراسة أنه يعيش في هذا الحي، فعند مرافقتهم له يلجأ للصعود إلى إحدى العمارات حتى يغادر أصدقاؤه ثم ينتقل إلى بيته حتى لا يروه· فيما قال أحد الأولياء أنه فعل المستحيل من أجل أن يتعلم إبنه حيث خصص له دروسا إضافية، لكن بدون جدوى حيث في الأخير تحصل على معدل ·5,.2 منحرفون اتخذوا من بعض البيوت أوكارا للانحراف حسب ما أكده بعض السكان، فإن بعض الأشخاص المنحرفين اتخذوا من الحي وكرا لهم، حيث شوهوا سمعة العائلات المحترمة التي تعيش فيه، فقد اتخذوا من بعض البيوت مكانا لممارسة الدعارة، وغالبا ما يتسببون في إزعاج السكان نتيجة المشاجرات التي تحدث بينهم وهم في حالة لا وعي بسبب تعاطي المخدرات وتناول الخمور·· ويقول بعض شباب الحي أنه سبق للبعض أن تاجروا بهذه البيوت الفوضوية بحيث بيعت بقيمة مابين 12 و 18 مليون سنتيم· الكلمة للسكان: بوخالفة ابراهيم أعيش بهذا المسكن منذ 10 سنوات، وأنا من المنطقة، وأزمة السكن دفعتني إلى هذا الحل الذي لم أجد بديلا له، أنا أب لأربعة أشخاص، إبني الكبير في ال 17 سنة والصغير عاما واحدا، حالته الصحية جد متدهورة نتيجة إصابته بالربو، نفعل أنا ووالدته المستحيل من أجل معالجته وحماية أبنائنا الذين هم في سن المراهقة خوفا عليهم من الإنحراف نتيجة الظروف السائدة التي تدفع إلى ذلك، والمنحرفون كثر في الحي، ونحن نعيش ظروفا مزرية، ولا نملك حتي الوثائق الثبوتية· جمال قدمت إلى هذا الحي في سنة ،1994 لم أجد حلا آخر غير تشييد بيت فوضوي لإيواء أفراد عائلتي، وأنا من بلدية باب الزوار، وأغلب السكان هم من البلدية التي لم تعطينا حقنا في السكن، لا يمكن أن نصف خطورة الوضع على صحتنا وصحة أولادنا الذين يشكلون قنابل موقوتة بسبب حرمانهم من أدنى متطلبات الحياة الكريمة، فالظروف لا تسمح لهم حتى بالدراسة، والسلطات المحلية لا تبالي بما يعانيه السكان، ولا تقدم لنا غير الوعود بعد إحصائنا أكثر من مرة·