انتقلت ''الجزائر نيوز'' في هذا الروبورتاج إلى الوكالة الوطنية للسياحة والأسفار بساحة أودان، التي يتم على مستواها شراء تذاكر التنقل إلى أنغولا، والتقت بمجموعة من المناصرين ممن أرادوا أن يذهبوا إلى بانغيلا لكن ظروفهم المادية لم لم يسمح بذلك، ومنهم من أتمّ كل الإجراءات الأخيرة من أجل السفر إلى أنغولا، ومنهم فئة أخرى عاشت على أعصابها وهي تنتظر أي تصريح لمسؤولي الدولة من أجل تخفيض سعر التذاكر أو مبادرة جسر جوي ينقلهم إلى عين المكان كما كان الحال في مناسبة ''أم درمان'' الشهيرة· شباب يطالبون بتكرار سيناريو ''أم درمان'' وشاب يغمى عليه من شدة الانفعال ما لفت انتباهنا وانتباه المناصرين الذين احتشدوا أمام مدخل الوكالة الوطنية للسياحة والأسفار، شاب في مقتبل العمر، وهو يصرخ ويقول بأنه يجب تخفيض سعر التذكرة حتى يتمكن من الانتقال إلى أنغولا من أجل مساندة الخضر في مباراتهم المهمة التي ستجمعهم مع منتخب الفراعنة، وإذا به يسقط أرضا من شدة الانفعال جراء رغبته الكبيرة في الذهاب إلى بانغيلا، لكن دون جدوى، فسيناريو ''أم درمان'' لم يتكرر، وتخفيض سعر التذاكر من 150 ألف دينار إلى 60 ألف دينار لم يمكّن الكثير من الشباب المناصرين من توفير هذا المبلغ ولا التكاليف الأخرى الخاصة بالتأشيرة والإيواء·وخلال الحديث مع بعض المناصرين الذين كانوا يحملون العلم الجزائري، ويرتدون أقمصة بالألوان الوطنية، ويحملون طبولا وقبعات بالأخضر والأحمر والأبيض وهم يهتفون باسم الفريق الوطني، وبدأ كل واحد منهم يتحدث عن رغبته في الذهاب إلى أنغولا أو إلى أي مكان من العالم فقط من أجل مناصرة فريقنا الوطني، ويشتكون من غلاء التذاكر ومستحقات الانتقال والإيواء وحتى التأشيرة، وهم يقارنون هذه الإجراءات بالتي سبقتها خلال انتقالهم إلى الخرطوم من أجل حضور المقابلة التاريخية التي انتصر فيها محاربو الصحراء على الفراعنة في مقابلة 18 نوفمبر المنصرم· وفيما فقد بعضهم الأمل في الحصول على النقود من أجل الحصول على التذكرة بعد أن أوصدت جميع الأبواب أمامهم، ولم يجدوا أي منفذ من أجل الانتقال إلى بانغيلا، أخذ بعض المناصرين يلحون على تخفيض ثمن التذكرة إلى 20 ألف دينار، وينتظرون أمام الوكالة في ذهاب وإياب لعل مسؤولا من الدولة يتبرع بتصريح يفرج عن حماسهم ورغبتهم الهائلة في الذهاب للوقوف جبنا إلى جنب مع رفقاء زياني وشاوشي وغيرهم من محاربي الصحراء الأشداء· مناصرون من مختلف الولايات و''فحلات'' جزائريات ضمن قائمة المنتقلين إلى بانغيلا أثناء دخولنا إلى الوكالة الوطنية للسياحة والأسفار، لاحظنا العدد الكبير من المناصرين الشباب، خاصة ممن توافدوا على الوكالة منذ الساعات الأولى من افتتاحها، وما يلفت الانتباه هو أن الكثير من المناصرين الذين تحدثنا إليهم ليسوا فقط من الجزائر العاصمة، بل توافد العديد من الشباب من مختلف ولايات الجزائر من أجل شراء التذاكر، فالبعض منهم قدم من إليزي، البيض، عنابة، تيسمسيلت، تيزي وزو وغيرها من الولايات التي تشمل شرق وغرب وشمال وجنوب الجزائر، لا لشيء إلا للوقوف جنبا إلى جنب مع فريقنا الوطني الجزائري في مقابلته التي تجمعه اليوم بالفريق المصري في مقابلة التأهل إلى الدور النهائي من بطولة كأس إفريقيا للأمم· وقد عرفنا خلال حديثنا مع بعض عمال الوكالة بأن رغبة الانتقال إلى أنغولا لمناصرة الخضر لم تكن حكرا على رجال الجزائر فقط، بل وحتى نساء الجزائر لم يعقهن بُعد الطريق بين الجزائر وبانغيلا ولم يؤخرهن ثمن التذكرة وتكاليف السفر إلى أنغولا عن الموعد التاريخي مساء اليوم، واخترن الانتقال إلى أنغولا لمشاهدة المباراة رفقة إخوتهن أو أزواجهن أو أبنائهن، ليقفن متحديات لاحتكار الرجال لملعب كرة القدم أمام الحب الكبير الذي يكنه كل جزائري وجزائرية للفريق الوطني الجزائري· السيدة بوشريكة مستعدة للتضحية بفلذات أكبادها من أجل الجزائر خلال تواجدنا أمام الحشد الكبير من المناصرين الذين توافدوا على الوكالة الوطنية للسياحة والأسفار، لاحظنا السيدة بوشريكة التي كانت ترتدي جلبابا وستارا، اعتقدنا في البداية أنها تشتغل في الوكالة أو أنها جاءت تبحث عن شخص ما هناك، ولكن عندما اقتربنا منها وسألناها عن سبب تواجدها هناك، تحدثت معنا بكل طلاقة وأوضحت لنا بأنها متواجدة هناك من أجل شراء التذاكر لأبنائها الثلاثة الذين سيغادرون الجزائر إلى أنغولا من أجل مشاهدة مباراة الجزائر ومصر· وعندما تبادلنا أطراف الحديث مع السيدة بوشريكة التي كانت بشوشة جدا على عكس ما اعتقدناه في البداية، أكدت لنا بأنها قدمت إلى الوكالة من أجل شراء التذاكر لأبنائها غربي علي، بلقاسم وإسلام وهم في 22 و19 و17 من العمر على التوالي، وأضافت بأنها دفعت ثمن التذكرة لكل من بلقاسم وعلي وهما طالبان، لم يتمكنا من توفير المبلغ، أما علي فهو موظف ولذلك قام هو بدفع ثمن التذكرة· وحين سألنا السيدة بوشريكة عن سبب موافقتها على سفر أبنائها إلى أنغولا، قالت بأنهم ذهبوا إلى الخرطوم سابقا خلال مباراة 18 نوفمبر المنصرم، وأضافت بأنها أرادت أن ترد على كل من شكك في شجاعة الجزائريين وكل من مسّ بقداسة الشهداء وتثبت بأن الجزائر لديها رجال يمثلونها في أي مكان، ومستعدون للانتقال إلى أي نقطة من العالم في سبيل تشجيع فريقهم الوطني الذي أصبح يمثل رمزا من رموز الدولة، وأشارت السيدة بوشريكة بأنها مستعدة لأن تضحي بأبنائها الثلاث من أجل حب الوطن· وفي سياق حديثها على ما اقترفه المصريون من إهانات التي مست الجزائر شعبا وحكومة بلا أي سبب، قالت هذه السيدة التي تقطن بالرغاية، بأنها حجّت إلى بيت الله الحرام عشر مرات وكانت آخرها السنة الفارطة، حيث التقت بأحد الحجاج المصريين الذي قدم لها الاعتذار عما بدر من وسائل الإعلام التي لم تترك صغيرا ولا كبيرا له صلة بالجزائر إلا وسبّته وشككت في هويته ووطنيته·