طالبات تحملن كتبا وكراريس تدرسن في الهواء الطلق، وأخريات أخرجن مذياعا إلى خارج الغرفة ويرقصن، مجموعة أخرى من الطالبات ذاهبات إلى المطعم لتناول وجبة العشاء، ومنهن من اعتمدن على أنفسهن في تحضير وجبة العشاء داخل الغرفة، وأخريات بصدد الدخول إلى الإقامة قبل أن يغلق باب الإقامة، هي مظاهر وغيرها كثيرة تشهدها عند ولوجك الإقامة الجامعية للبنات بابن عكنون··· لم يكن دخولنا إلى الإقامة الجامعية للبنات بابن عكنون صعبا كما كنا نتوقع، بل كان في غاية السهولة، حيث كانت الساعة تشير إلى السابعة مساء، عندما دخلنا إلى الحي الجامعي، كانت ملامح الحركة والنشاط مستمرة، رغم أننا في فصل الشتاء، فالطالبات في كل أرجاء الإقامة منهن الذاهبة إلى المطعم، وأخرى إلى إحدى صديقاتها بالغرفة، وأخريات يستعجلن الدخول، خاصة وان الليل يسدل ستاره بسرعة ونحن في فصل الشتاء من جهة، والإقامة تغلق أبوابها مبكرا في حدود الساعة الثامنة مساء من جهة أخرى· الباب الرئيسي للإقامة وجدارها ملتقى العشاق ومتنفسهم الوحيد بحلول الساعة السادسة مساء، تبدأ حركة غير عادية أمام مدخل الإقامة، حيث تشهد تجمعا كبيرا من طرف العديد من الأشخاص طلبة كانوا أو لا يمتون بصلة إلى الجامعة، الكل ينتظر صديقته، فالطالبات يفضلن لقاء أصدقاءهن أمام الإقامة والوقوف بجدارها، الذي أصبح يطلق عليه ومعروف في أوساط المقيمات بجدار العشاق، لتبادل أطراف الحديث إلى غاية وقت غلق الإقامة، حيث أن الطالبات يستغللن الفرصة من أجل ملء الفراغ والتعويض عن الغربة التي يعشنها ببعدهن عن عائلاتهن، فيما تفضل أخريات عدم الوقوف عن مدخل الإقامة والابتعاد عنه، بسبب الكلام الذي أكدن انه يسيء إليهن و إلى سمعتهن، رغم أنهن بريئات مما يوصفن به حسب ما أكدن لنا ذلك، لكن عند اقتراب الساعة الثامنة تصبح الإقامة مأواهن الذي لا يتخلين عنه ولا يغادرنه إلا إلى بيت العائلة، فمنهن من تحمل في يدها ما ستتناوله، ومنهن من تسرع في الذهاب إلى المطعم قبل أن يغلق في حدود الساعة الثامنة ونصف، وإلا لن تجد ما تأكله، خاصة إذا كانت لا تملك أي شيء في الغرفة· وقت الجد والدراسة بعد الثامنة مساء ما إن تغلق الإقامة أبوابها، تبدأ الحركة في الإقامة من غرفة إلى غرفة ومن جناح إلى جناح وداخل أسوار الإقامة في حد ذاتها، فكل طالبة ولها انشغالاتها، فمع اقتراب موعد امتحانات السداسي الأول من السنة الجامعية الحالية، تجد كل الطالبات إما حاملات لكراريس أو كتب أو نسخ عن الدروس، فمنهن من تدرس لوحدها تحت أضواء الإقامة وفي الهواء الطلق أو مع صديقاتها، وتتخلل جو الصرامة في الدراسة أجواء المزاح والضحك بين الفينة والأخرى، فالعشب الاصطناعي الذي وضعته إدارة الإقامة مع افتراش أغطية مقدمة من طرفها رغم برودة الطقس ملاذهن، إلا أن الطالبات يفضلن هذه الأماكن على الدراسة داخل الغرفة، التي حسب الطالبات حيث لا يستطعن إسكات كافة الزميلات، إضافة إلى ذلك هناك الطاولات الحجرية التي تتوزع عبر مختلف أرجاء الحي الجامعي، حيث لا يمكنك أن تجد طاولة فارغة للجلوس· خليط الخضر، نصف خبزة وحبة برتقال ·· الوجبة التي مفر منها الدخول إلى المطعم الجامعي بالنسبة لأغلب المقيمات أشبه بالعقوبة التي تتخذ في حقهن، إذ أن الطابور الذي تنتظر فيه الطالبات دورهن، يصل إلى خارج المطعم، حيث لا يمكن لأي طالبة أن تمر بسهولة، فالكل منهن تنتظر دورها، وأحيانا كثيرة تحدث مشاجرات ومناوشات بين الطالبات بسبب رغبة إحداهن المرور قبل الجميع، لكن ما تجمع عليه كافة الطالبات هو الوقوف لمدة ساعة أو أكثر في الطابور، وفي الأخير يصطدمن بوجبة غذائية غير صالحة في كثير من الأحيان، فلا الطبق الرئيسي ولا الفاكهة ولا حتى السلطة، يستطعن أكلها في أغلب الأوقات، لكن هناك من الطالبات من يتحتم عليهن تناولها، لأنه لا مفر من مأكولات المطعم، ولا يملكن ميزانية إضافية للأكل خارج الإقامة، فالميزانية المخصصة لهن من طرف العائلة تكون لفترة شهر أو أسبوعين محددة، لا يستطعن إنفاقها في الأكل، وفي كثير من الأحيان ولإضفاء الجو العائلي تقوم الطالبات بإخراج الأكل من المطعم ووضع لمسات جديدة من اختراعهن بإضافة مواد غذائية أخرى أو إعادة طهيه، المهم هو البهجة والفرحة التي تعم الغرفة حين تكون الأجواء عائلية أخوية، حسب الطالبات· مصروف العائلة ومساعدات الحبيب من أجل طهي الأطباق المعتادة في المقابل، هناك طالبات لا يعرفن أبدا مطعم الإقامة، ولم يدخلنه منذ أن وطأت أقدامهن الحي الجامعي، ولم يذقن وجباته المقدمة، فهن يعتمدن على ما يقدمه لهن أولياؤهن من مصروف أو ما يبتاعه لهن أصدقاؤهن وأحبابهن، فحسب إحدى الطالبات، فإن صديقها يشتري لها دائما مؤونة لمدة أسبوع من خضر فواكه، حليب··· من المواد الاستهلاكية المهمة، لمعرفته بأنها لا تأكل ما يقدمه المطعم، فكل طالبة تحاول أن تطبخ ما اعتادت على أكله في بيت أهلها، وللتعريف به لدى صديقاتها إما بالغرفة أو بأحد أجنحة الإقامة، فمن الكسكس القبائلي، إلى الرشتة، الشخشوخة البسكرية، المحاجب··· من الأطباق التي يتم تحضيرها رغم نقص الإمكانيات ووسائل الطهي، حيث أن قارورة الغاز الصغيرة والموقد الموضوع فوقها هو الأداة الأسرع للطهي· الموسيقى والحديث في الهاتف للترفيه عن النفس عند الدخول إلى أية غرفة في الإقامة الجامعية للبنات بابن عكنون، يلفت الانتباه وجود جهاز راديو، ولا تختلف اثنتان في أنه أداة للترويح عن النفس بعد عناء يوم كامل من الدراسة، وأكثر الطبوع التي تستمع إليها الطالبات موسيقى وأغاني الراي، إضافة إلى الأغاني القبائلية للرقص، فبين فترة وأخرى تسمع الموسيقى منبعثة من غرفة ما، لا يهم إن كان في وقت متأخر من الليل أو في الصباح الباكر، فالحرية في الحي الجامعي هي الأساس في الترفيه عن النفس، في المقابل، وعند التجول في الإقامة في ساعة متأخرة من الليل، لا ترى ولا تسمع سوى طالبات، إما تحت شجرة أو وراء الباب، في كل مكان يتحدثن في الهاتف النقال، فبعد الدراسة والمراجعة يأتي وقت الحديث في الهاتف مع الصديق، وكما هو خارج الغرفة نفسه داخلها، ففي السرير وتحت الغطاء لا تسمع إلا الكلام الذي يخرج من مناطق وأماكن مختلفة في الغرفة دون أن يتسبب ذلك في مشكل، طالما كل الطالبات يتصرفن نفس التصرف، أما أحاديث الطالبات ومناقشاتهن في الغالب فتكون عن الدراسة، أو الأصدقاء والحيل التي يستعملنها للإيقاع بهم، إضافة إلى التكلم عن العادات والتقاليد المختلفة· الأخوات يفضلن البقاء في مصلى الإقامة بدل التجول وسط الطالبات هناك فئة أخرى من الطالبات بالإقامة، أو يطلق عليهن الأخوات، إما التابعات للاتحاد العام الطلابي الحر، أو''المتجلببات''، هذه الفئة من الطالبات يفضلن عدم التجول في أرجاء الإقامة، لعدم سماع الموسيقى والأحاديث التي تسمع هنا وهناك، فيفضلن الانعزال في مصلى الحي الذي يفتح أبوابه للطالبات طيلة اليوم، إما للدراسة أو الصلاة، أو تقديم دروس وحلقات في مختلف المواضيع، ويحاولن جاهدات جلب أكبر عدد ممكن من القاطنات، أما الفئة الثالثة وهن ''المتجلببات'' اللاتي هن دائما على اختلاف مع الأخوات ويرفضن الصلاة أو الدخول إلى المصلى، فيجعلن من غرفهن مكانا للالتقاء وتبادل أطراف الحديث، خاصة في الأمور الدينية· نادي الإقامة ومحل المواد الغذائية ملجأ الطالبات خاصة في الصباح في هذا الوقت بالذات، ومع اقتراب موعد امتحانات السداسي الأول في كافة التخصصات، يشهد نادي الإقامة فراغا شبه تام، إلا من بعض الطالبات المدمنات على مشاهدة التلفزيون رغم أن القناة الوحيدة المتاحة هي القناة الوطنية، لكن نشاط النادي لا تتوقف بسبب بيعه العديد من المأكولات والحلويات، خاصة في الفترة الصباحية، حيث تلجأ الطالبات إليه أو إلى محل المواد الغذائية الذي يجاوره لشراء ما يرغبن فيه· قاعة متعددة الرياضات وملعب لهواة الرياضة هناك متنفس آخر للقاطنات بالإقامة الجامعية للبنات بابن عكنون، خاصة لهواة الرياضة، فالقاعة المتعددة الرياضات والملعب الموجود على مستوى الإقامة، يشهد استقطابا واسعا لهن، حيث شكلن فرقا في مختلف الرياضات ككرة السلة، كرة القدم، الكاراتي، الكونغ فو··· هذه الفرق شاركت في عدة منافسات نظمتها الإقامات الجامعية، وحسب تصريحات الطلبة، فقد أحرزن العديد من الجوائز· طالبات يفضلن عدم الإفصاح بأنهن من قاطنات الحي الجامعي في حديثنا مع العديد من قاطنات الحي الجامعي، أكدن لنا بأنهن عند سؤالهن عن المكان الذي يقطن به، يفضلن عدم الإجابة أو الكذب، أي أنهن يرفضن الإفصاح عن أنهن من بين قاطنات الإقامة، وقد بررنا ذلك بأنهن كلما كنا يصرحن بذلك يكن دائما عرضة للاعتداءات، خاصة اللفظية منها، والتي في كثير من الأحيان تمس شرفهن وكرامتهن، من طرف العديد من الشباب، على الرغم من أن الإقامة في حي جامعي ليس عيبا ولا أمر يخدش الحياء، وإنما من أجل غاية واحدة هو طلب العلم واستكمال المشوار الدراسي، حسب تصريحات الطالبات· مؤكدات أن هناك فئة من الطالبات بتصرفاتهن أصبحت كل الطالبات سواسية ينعتن بكل التسميات التي تمس كرامتهن·