في ظل الضغط الكبير الذي تعرفه المؤسسة الاستشفائية بالادريسية، ونقص عدد الأطباء المختصين بها واستقبالها لعدد هائل من المرضى يوميا ومن عدة بلديات مجاورة، وعلى الرغم من الإنعدام التام لتواجد الأطباء الأخصائيين الخواص بالمدينة، يفضل الكثيرون التداوي عن طريق زيارة الأطباء العامين المنتمين للقطاع الخاص غير أنهم يصطدمون بواقع أقل ما يقال عنه أنه كارثي . ولا يقتصر الأمر عن الأطباء، فهو يتعداه إلى الصيادلة وجراحي الأسنان، فكلها خدمات طبية تابعة للقطاع الخاص الخاضع لقوانين متعلقة بالقواعد المطبقة للممارسات التجارية، كونه يتعلق بالضرورة القصوى في حماية صحة المستهلك وأمنه ومصالحه. عيادات الأطباء الخواص وجراحي الأسنان خلافا لما تنص عليه المواد القانونية المحددة لمقاييس مواصفات البناء والنظافة والأمن والتجهيز لمحلات الخدمات الطبية بكل أصنافها، فإن معظم العيادات الطبية الخاصة المتواجدة في المدينة تتسم بضيق المكان ونقص ملحوظ في النظافة وعدم تهيئة ظروف الراحة للمريض، كالمكيفات وأجهزة التدفئة وحتى الكراسي، ضف إلى ذلك انعدام تواجد دورات المياه، وان وجدت فهي غير صالحة ولا تتوفر على شروط النظافة من ماء ومطهرات، وهناك من يدير عيادته بمفرده دون وجود ممرض أو عامل لاستقبال المرضى وتنظيم الدخول، ناهيك عن العدد الكبير للمرضى المسجلين في انتظار الدور، إضافة لغلاء الأسعار وتفاوتها من طبيب لآخر، سواء للفحص العادي أو عن طريق استعمال الأجهزة والذي يوحي بتحول مهنة الطب إلى محلات تجارية بحتة. اللوحات الإشهارية... "الإشهار التضليلي" بعض الأطباء يخرقون مدونة أخلاق الطب ويضعون لوحات إشهارية كاذبة على واجهات عياداتهم، مما يوحي للمريض بأن هذا الطبيب أخصائي في أمراض النساء والأطفال والطب الداخلي، وهناك من يشير إلى أنه درس بجامعات خارج الوطن دون اكتساب شهادة اثباتية، وكان الأجدر بهم كتابة أيام وساعات العمل ورقم الهاتف. الوصفات الطبية ونحن في عصر المعلوماتية، فلا يوجد اي طبيب يحرر وصفاته باستعمال أجهزة الإعلام الآلي، ويكتفي بعضهم بكتابتها بخط اليد كتابة غير واضحة تماما، إذ يكتبون الحرف الأول من الدواء ويتبعونه بخطوط مستقيمة غير مفهومة، وهذا مناف للقوانين التي تفرض على الأطباء وجراحي الأسنان شرح الوصفة للمريض أو محيطه وتدوين الوصفات أو الشهادات الطبية بكل وضوح، وأن يحرصوا على تمكين المريض أو محيطه من فهم الكتابة فهما جيدا. محلات الصيادلة أغلب الصيادلة في الإدريسية يوظفون عمالا بصفة بائع صيدلي دون حيازة شهادة مؤهلة، ويتركونهم في كثير من الأحيان وحدهم في مواجهة الزبائن رغم وصفات الأطباء غير المفهومة والتي يترتب عنها أخطاء فادحة تؤدي إلى تفاقم حالة المريض. هذا وإن جميع الصيدليات في المدينة مقفلة ليلا ولا وجود لاحترام المناوبة الليلية إن وجدت، والتي من المفترض أن تكون معلقة في المؤسسة الاستشفائية والمجمع الصحي والصيدليات. أخيرا فإننا إذ نقدر ونقر بالمجهودات التي يقدمها الأطباء الخواص والصيادلة ونعترف بأنها أصبحت بديلا إيجابيا للقطاع العام الذي هو الآخر تشوبه بعض السلبيات، لكن لا يجب أن تتحول مثل هذه المهن الإنسانية النبيلة إلى مهن تجارية، وأن لا يتحول المريض في نظر هؤلاء إلى محفظة نقود دون تقديم مقابل يليق بكرامته، وهذا ما يؤكده المرسوم التنفيذي رقم 276.92 المؤرخ في 06-07-1992 والذي يتضمن مدونة أخلاقيات الطب، و لا سيما أن المادة 20 منه تنص على أنه لا يجب أن تمارس مهنة الطب وجراحة الأسنان ممارسة تجارية.