يبدو أن جائحة كورونا ألقت بظلالها على التعليم بصفة عامة، والتعليم الجامعي بصفة خاصة في الآونة الأخيرة، وأحدثت نوعا من الارتباك حول ضرورة جدوى الاعتماد على التعليم الالكتروني أم لا، بعد الاغلاق القسري للجامعات بسبب تداعيات هذا الوباء. حيث تُطرح أسئلة عديدة من قبل خبراء التعليم العالي في جميع الدول حول مستقبل التعليم العالي في ظل جائحة الكورونا. وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في الجزائر، وقعت في مأزق كنظيراتها في بعض الدول، إلا أن بعض الدول تعاطت مع الجائحة، وتعاملت مع منتسبي قطاعها بالاتكاء على التعليم عن بعد، فما مصير التعليم العالي في الجزائر في ظل اغلاق جامعاتها، وما مدى استيعاب الجامعات الجزائرية آلية التعليم الالكتروني و التحاضر عن بعد؟. سنحاول من خلال هذه الأسطر القليلة، ذكر أهم التحديات التي تواجهها الجامعة الجزائرية، وأهم المقترحات للتعامل مع هذه الظروف الاستثنائية. أولاً: تحديات الجائحة على الجامعة الجزائرية لحد اللحظة لا نعرف متى ينجلي هذا الوباء، وأغلب الجامعات في العالم أغلقت أسوارها، فما هي الآثار المباشرة التي تركتها الجائحة على الجامعة الجزائرية. - توقيف الدراسة في الجامعات بسبب الاغلاق، حيث عكفت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بعد استشارتها للهيئات التدريسية والعلمية والادارية لجامعات الوطن، على اعداد تواريخ لاحقة لاستئناف الدراسة مستقبلا. - تفاوت استيعاب واستجابة الجامعات الجزائرية لمعايير التعليم الالكتروني، من خلال المنصات الافتراضية التي اطلقت في غالبية الجامعات، والانتقادات الموجهة لها من قبل بعض الاساتذة بحجة عدم تهيئ الأرضية التكنولوجية لولوج عالم التعليم الالكتروني، وعدم قبول الطلبة لهذا النوع الجديد من التعليم، خاصة في بعض التخصصات التي تحتاج إلى اعمال تطبيقية وميدانية. - تحدي رقمنة الجامعة و استخدام أنظمة إدارة التعلم، من خلال التحاضر عن بعد، والوقوع في فخ الفعالية، وطرح السؤال حول فعالية التعليم الالكتروني بالنسبة للتعليم التقليدي، ومدى استيعاب بعض الاساتذة لهذا الاسلوب الجديد في التعليم، وما جدية استقبال الطلبة لهذا الاسلوب، بعيدا عن افتقار بعض الاساتذة للأنترنت، وافتقار جل الطلبة لأجهزة الكمبيوتر، فما بالك بالأنترنت. - تحدى المحتوى العلمي، و انخفاض مستوى التحصيل العلمي، بسبب عدم تجاوب اغلب الطلبة لآليات التعليم الإلكتروني، ضف إلى ذلك الحالة النفسية للأساتذة والطلبة في هذا الوقت بالذات مما أربك هذه الآلية الاستثنائية، و أجّل عملية قبول الطلاب لهذا النوع من التعليم. ثانياً: مقترحات للتعامل مع ظروف الجائحة - التصدي لهذه الأزمة مسؤولية الجميع، من أساتذة وطلبة، لمواجهة الآثار التي تركتها على قطاع التعليم العالي والبحث العلمي، من خلال مواجهة سلبياتها، والتوجه نحو أنظمة التعليم الذكائي لمسايرة الجائحة، كل هذا يحتاج إلى رؤية استشرافية لإصلاح القطاع، وتضافر الجهود من كل الفاعلين المنتسبين إلى الجامعة، للمضي قدما نحو ترقية التعليم التقليدي، والتحضير جيدا لمرحلة عصرنة الجامعة الجزائرية و رقمنتها لمواجهة التحديات التكنولوجية والعلمية. - ضرورة الإسراع في عقد ندوة وطنية جامعة تجمع كل الفاعلين لإعادة النظر حول مستقبل الجامعة الجزائرية، والفصل ما بين الجامعات الاصطفائية والجامعات العادية حتى يزول لبس التكوين، من خلال إعادة النظر حول مسألة الشهادة الجامعية، وإعادة النظر مرة أخرى في نظام الطور الثالث (LMD) وتناقضاته، والتفكير جيدا في مآلاته مستقبلا مع المحيط الاقتصادي (طبعا هذا عن طريق التحاضر عن بعد). - التعامل بحنكة في ظل هذه الظروف الاستثنائية، من خلال تسهيلات الإجراءات الإدارية لتسيير المرحلة الحالية ( تسهيل إجراءات مناقشة اطاريح الدكتوراه والتأهيل، تحضير رزنامة استكمال السداسي الثاني، مواصلة سيرورة عمل الأطقم الإدارية للكليات حفاظا على حقوق منتسبي القطاع.....إلخ). - توفير الانترنت المجانية خاصة للطلبة المحتاجين، من خلال التنسيق بين الوزارات وبعض المتعاملين في مجال الاتصالات. - تشجيع الأساتذة ومكافئتهم لتسجيل محاضرات مرئية في جميع التخصصات، وتوفير الظروف الموائمة لهم، أو استخدام تطبيقات محادثات الفيديو عبر الإنترنت مثل "زوم" و"غوغل". - التعاقد مع المكتبات الالكترونية، وقواعد المعطيات العالمية، وبعض كبريات المجلات العلمية، للتعمق في مجال البحث، خاصة لطلبة الدراسات العليا. في الأخير يبقى التحدي الأكبر، التغيير الوزاري الأخير، وهل يستطيع الوزير الجديد التعامل مع راهنية الحدث الوبائي، والالتزام بحل المشاكل التي تركها سابقوه، مع التركيز على مستقبل التعليم الالكتروني في الجزائر، وتحسين مراتب الجامعة الجزائرية في مصاف الترتيب العالمي. (*) الدكتور شيبوط سليمان: أستاذ الاقتصاد بجامعة زيان عاشور بالجلفة.