قال الخبير الاقتصادي بشير مصيطفى أن الإجراءات التي أقرتها الحكومة مؤخرا لتسهيل الاستثمار وتوفير الشغل وتحسين وضعية الشباب تجاه السكن والمعيشة، تحمل جوانب سلبية من الناحية الاقتصادية، كما كشف مختصون اجتماعيون أن الشباب الجزائري لا يملك النفس الطويل للاستثمار. موضحا أن هذه الفرص تحمل مخاطر على الاقتصاد الوطني، في حال لم تصاحب بآليات فعالة لمراقبة السيولة خارج البنوك مما سيساهم في رفع نسبة التضخم نتيجة المبالغة في توفير السيولة على حساب نجاعة المشروع، وسط احتمال تنامي جرائم الفساد بسبب استغلال التسهيلات المالية، مفضلا وضع معايير محددة لقبول المشاريع على أساس نجاعة المشروع وليس على أساس الطلب الذي يمكن أن يأخذ طابعا اجتماعيا، وإعطاء الأولوية للمشاريع القائمة أساسا والتي تواجه صعوبات في القروض والإنتاج والتسويق. وتوقع مصيطفى أن تزيد السيولة في السوق النقدية ويتحسن توظيف الإدخار، ونتوقع صعوبات في مجال إدارة صناديق الاستثمار الولائية، أمام الطلب المتوقع على القروض، وهنا يجب الحذر من "العشوائية" في منح القروض لحاملين جدد للمشاريع، دون ضمانات حقيقية من التكوين وإلا خسرنا أموال القروض كما خسرت الخزينة سابقا أموال القروض التي وجهت إلى القطاع العام واضطرت إلى تسوية الوضعية بحلول لا تحسب لصالح الإقتصاد الوطني كإجراء مسح ديون الفلاحين. ورأى أنه لابد من مشاريع تنتج الثروة بصفة دائمة حتى تصبح الخزينة بضمانها لقروض البنوك للشباب بعد ذلك في راحة حتى وإن توفرت لها هذه الراحة في الوقت الراهن بزيادة الجباية النفطية فإنها تبقى موارد غير مضمونة للمدى البعيد، ولذا يجب عدم الاعتماد فقط على وارد الخزينة العادية والتفكير في موارد أخرى بالشراكة مع أصحاب رؤوس الأموال، وفي هذه النقطة أقترح إطلاق "صناديق توظيف الأموال المخاطرة" على مستوى البنوك وبمساهمة المواطنين. من جهته أبدى المتخصص في علم الاجتماع الأستاذ يوسف حنطابلي تخوّفه من نتيجة سياسة القروض، مضيفا أن الشباب ينظرون إليها على أنها مصروف جيب ولا يملكون النفس الطويل للاستثمار وإنشاء مؤسسات صغيرة. وقال المحلل الاجتماعي أن الإصلاحات التي جاءت بها الحكومة هي فعل اقتصادي مرتبط بفئات اجتماعية، وأضاف انه لا يمكن الحكم نهائيا على نجاح أو فشل هذه الإصلاحات، خاصة الموجهة لفئة الشباب، طالما أننا لا نملك دراسة تخضع لرؤية اقتصادية لتحديد مدى نجاح هذه الإصلاحات. وكشف حنطابلي أن الشباب صارت لديهم رؤية "ماركانتيلية" للفعل الاقتصادي، حيث أنهم لا يتصوّرون رأس المال ليس رصيدا يوضع في العملية الاقتصادية، بل استغلاله في قضاء حوائج وتسديد مشتريات خاصة. وأشار محدثنا إلى أن الشباب الذي نشأ في فترة قضى فيها وقتا طويلا من البطالة والحرمان من مناصب عمل قارة، لا يملك النفس الطويل لإنشاء مؤسسات، على الرغم من النماذج التي نراها من مشاريع صغيرة ناجحة، وتوقّع المحلل الاجتماعي أن تفشل هذه المؤسسات وأن تؤول هذه المشاريع إلى الموت، لأنها ليست مرتبطة عضويا بإقتصاد شامل. جريدة الشروق/ الإثنين 14 مارس 2011 الموافق ل 09 ربيع الثاني 1432ه.