أمر عجيب هذا الذي تتخبّط فيه السلطات الولائية بالجلفة، حديث عن 40 اصابة بداء التيفوئيد ببلدية حد الصحاري و تكذيب من طرف ديوان الوالي ثم حالة وفاة لطفل قيل انها ناتجة عن تسمم غذائي ثم 13 حالة تيفوئيد مؤكدة ثم 17 حالة حسب مصادر أخرى و بعدها 14 حالة حسبما صرح به اطار من مديرية الصحة ل "الجلفة إنفو"... و بعدها اكتظاظ مستشفيات عين وسارة وحاسي بحبح بمرضى التيفوئيد من حد الصحاري و لجنة الصّحّة بالمجلس الشعبي الولائي تحلّ بالمدينة. وأخيرا و ليس آخرا ... لجنة وزاريّة تنزل الى ولاية الجلفة من أجل التحقيق في فضيحة التيفوئيد!! كان الأجدر بالسلطات الاعتبار من مأساة "حد الصحاري" عوض الانشغال بلملمة الفضيحة والتقليل من أرقام ضحايا داء التيفوئيد، و كأنّ تقليص عدد الضحايا من 40 الى 13 كفيل بإسكات المطالبين بالتحقيق مثلما هو كفيل بطمأنة الرأي العام الجلفاوي. لنكتشف في عز مأساة حد الصحاري مأساة أخرى اسمها عدم وجود الأسرّة الكافية لاستقبال ضحايا التيفوئيد ... فماذا لو كان الأمر يتعلق بكارثة طبيعية أو كارثة في منطقة صناعية أو عدّة كوارث متزامنة ؟ ما يجب أن نتحدث عنه بعد فاجعة حد الصحاري هو مدى التكفّل بالجانب الصّحّي ببلدية حد الصحاري وباقي بلديات ولاية الجلفة ... لأن الأرقام مفجعة في هذا الشأن. و لأن ولاية بحجم الجلفة يجب أن يكون فيها مستشفى جامعي و من خلاله مصلحة استشفائية جامعية لعلم الأوبئة (Epidémiologie ) تتكفل بإجراء الدراسات و الأبحاث و التحاليل و أخذ العينات وتتدخّل كلما حلت كارثة مثلما هو الحال عليه في حد الصحاري. و لكن واقع الصحة بولاية الجلفة مازال مريرا بعد مرور 50 عاما عن استعادة الاستقلال ... فالدولة الجزائرية قد فشلت في توفير أطباء أخصائيين بمدينة حد الصحاري و معها 31 بلدية من ولاية الجلفة ... أما بلدية عمورة التي قتلها الإرهاب بعد أن عزلتها التضاريس لا يوجد فيها اي شيء، لا طبيب عام و لا خاص ما عدا 03 ممرّضين تابعين الى القطاع العام حسب احصائيات 2012 ... و عندما نقارن وضعية قطاع الصحة بولاية الجلفة بتلك التي عليها في ولاية تيزي وزو التي تقل سكّانا و مساحة عن ولاية الجلفة، فإننا سنجد أن ولاية الجلفة بها 04 قطاعات صحية فقط (الجلفة، عين وسارة، حاسي بحبح، مسعد) في حين أن ولاية تيزي وزو يوجد بها 08 قطاعات صحّية تتكفل بالمواطنين هناك بفضل المستشفى الجامعي لتيزي وزو الذي يمدّها بالأطباء العامين و المتخصّصين. و نفس الأمر بالنسبة لولاية غرداية التي لها نفس عدد القطاعات الصحية (04) رغم أن ولاية الجلفة تفوقها بكثير من حيث عدد السكان. أما مشكل اعادة هيكلة قطاع الصحّة بولاية الجلفة من أجل رفع عدد القطاعات الصّحيّة، فتدعمه الإحصائيات المتوفرة في مونوغرافيا 2012. حيث أن جدول عمل القطاعات الصحية يحيل الى أن القطاع الصحي بحاسي بحبح يعاني من ضغط رهيب في العمل تجاوز فيه عدد الفحوصات 118 ألف فحص خلال عام واحد مع معامل شغل الأسرّة تجاوز 83%، في حين تجاوز ذات المعامل نسبة 50% بباقي القطاعات الصحية الثلاث. و نجد أن قضية استقلالية بعض القطاعات الصحية بالولاية تعتبر مطلبا لدوائر كبرى مثلما هو الحال بدائرة البيرين التي لفت بيان سابق عن احدى جمعياتها النظر إلى مشكل عدم استقرار الأطباء بسبب انعدام الإقامة و انعدام الأطباء المتخصصين، و دعا كذلك الى ضرورة فصلها عن القطاع الصحي بعين وسارة "تسهيلا للتسيير و المراقبة من أجل مردودية أفضل"، كما ورد في ذات البيان. المصدر: مونوغرافيا ولاية الجلفة 2012