مستشفى الجلفة أضع بين يدي قراء "الجلفة إنفو" الجُزْء الثاني من التحقيق الذي قمت به في قطاع الصحة، و المتعلق بتوفر الإمكانيات والهياكل وكذا الطاقات البشرية في ولايتنا، مقارنة مع الولايات الخمس التي تحتل المراتب : 5، 6، 7، 8 و 9 من حيث عدد السكان. علما بأن ولاية الجلفة في الترتيب الرابع وطنياً. و يحملُ هذا الملف قَصْدَ كلِّ إفادة ٍ مُجْدِيَة تقديرات مُؤْسَفة يُرثَى لها، وفروق ذات دلالة إحصائية. و ما يُبديهِ من حَقائقَ تهمّ كلَّ مُقيم في ولاية الجلفة، قد يحتاجُ يوماً ما للتوجه إلى المستشفي، إلى العيادات أو إلى الأخِصَّائيين لفحص أو لعلاج أحد أقاربه. مستشفياتنا في حالة اكتظاظ مثلها مثل المدارس في ولايتنا ( راجع موضوع حقائق تكشف لأول مرة حول ملف التربية بالجلفة) فكِّروا معي و لو لحظة، في مَرْضَى بلدية " قطَّارة " والمسافة التي عليهم قطعُها للوصول إلى مدينة البُليدة (450 كلم)، حيث يوجد المستشفى الجامعي المعني إقليميا بمرضى ولاية الجلفة، أو قد يكونوا في احتياج لفحوصات من طرف الأطباء الأخِصَّائيين الذين يفوق عددهم 1200. طبعا هذا إذا كان بإمكانهم الحصول على موعد في الأجل القريب. كما قد يكون الشأن بالنسبة لسكان بلدية "حاسي فدولَ" إذا كانت حاجتهم مُستقبلاً بالمستشفى الجامعي بِ "الأغواط " فسوف يلزمهم قطع مسافة ( 280 كلم)! عند الولادة، نُوضعُ في ظروف مختلفة تُشجعُ بدرَجَةٍ أوْ بِأُخْرَى امتيازَنا الاجتماعي ( الاختلاف بين وسطٍ محظوظ و آخرَ غيرَ محظوظ؛ بَعضُنا في صحة جيدة وآخرون مَرْضى؛...)، حيث أن تَسَاوِي الحظوظ هو تصورٌ مثالي، سَخِي، شخصي قد يَتَضَمَنُ إيجادَ بعضنا في حالة انطلاق متساوية ومتكافئة. وهذه الظروف هي ثمرةُ السياسة الاقتصادية، وتقارب في الخدمات، والتوزيع العادل في الاستثمارات المنجَزة من طرف الدولة الجزائرية بالإضافة للامتيازات الاجتماعية. هذه البيانات تكون موفرة جَراءَ العَدلِ المُعتَرَفِ به والممنوحِ لكل فردٍ، وللجميع، من طرف الدولة. ويقاس بمؤشر الفقر البشري وكذالك بمؤشر التنمية البشرية . كما أنها قد تؤدي إلى عدم تكافؤ الفرص في التعليم، في مجال الرعاية الصحية، في العمل، في الامتيازات، في الدخل، في الثروة، في الملكية، وفي حالات أخرى. في حين أن هذه العناصر يُمكن أن تُحْدثَ تبايُنات في الحظوظ و هذا يشمل: الدراسة، العلاج، العمل، الدَّخل، الموروث، وفي غير ذلك. ولهذا لابد أن تكون لدينا كلّ الحظوظ، للنجاح ويكون المُحَدِّد الوحيد هو إرادَتُنا واستِحْقاقُنا. إن الفُروق بين الناس موجودة طبيعيا، حيث يمكن لسكان ولايةٍ مَا أنْ يكون لدَيهم فهم أفضل، وبصيرة ورؤيا واضحة، مما يمكنهم من التطلع إلى تحسين جميع المستويات الحياتية بدراية أوْفَر، وفِطْنة تسمحُ لنخبهم بالتطلُّعِ إلى غايات معتبرة مما يعود بالنفع على جل سكان الولاية بالتحسن في مستوى حياة أفضل. إن النُّخَب المحلية والمُنتخَبون لكلٍ الدور المناط له، يضعون أهدافا لما فيه الخير للجميع. وقد كنت بدأت الكتابة في هذا الموضوع منذ سنوات، ولا زِلتُ أعتقد دائما أننا إذا لم نصمم نحن سكان الولاية على التخلُّص من تَوَاكُلنا الأعمى ومن لا مبالاتنا وعدم اهتمامنا بكل ما هو الصالح العام و ما هو مُشترك وعُمومي، كالتربية والصحة والتكوين و الاختصاصات وغيرها، سنبقى دائما آخر من يُحْرِزُ على التطورات المفيدة والتي لا شك هي أساسية في الموروث الذي سينتقل من جيل إلى جيل. استفاد قطاع الصحة في برنامج رئيس الجمهورية كجزء من برنامج الاستثمار العام للفترة 2010-2014 من غلاف مالي قدّر ب 619 مليار دينار، قابل للتحديث ولرفع المبالغ المخصصة.و كانت الخطوط العريضة لهذا المشروع تتمثل في تحقيق 172 مستشفى، 45 مجمع صحي مختص، 377 مستوصف، 1000 غرف للعلاج، 17 معهد وطني لتكوين المساعدين الشبه الطبيين و 70 مؤسسة متخصصة في فائدة ذوي الإعاقات...فبماذا استفادت ولايتنا ؟ - سأتطرق لها في الجزء الثالث من هذا التحقيق. في الملفات ذات الأهمية الكبرى والتي تهم الجميع مثل التربية، الصحة و غيرهما أتصور أنه لزاما على جميع الفاعلين أن يتكاتفوا وراء السلطة المحلية رؤساء البلديات، رؤساء الدوائر، المدراء الولائيون، المنتخبون من دون استثناء، و خاصة السيد والي الولاية، ولو بالدعاء الصالح لهذا الأخير. إنه لا يمكن أن تتطور دولة بدون أن يساهم شعبها، و لا منطقة بدون مباركة سكانها. فمن يريد أن يرى الشوارع جميلة ونظيفة، فعليه أن يضمن عدم رمى النفايات، من طرف القاطنين بها. إن الاستثمار هو الذي يخلق مناصب الشغل، ويضمن الأساسيات للجميع، وبشكل قطعي يضمن لأبنائنا الوسائل التعليمية والجامعية المناسبة من أجل تقليص الفوارق ذات الدلالة البارزة. كما هو الشأن في قطاع التربية وغيره. ويبقى من بين الأهداف تحقيق التساوي في الإمكانيات المتعددة الأوجه. أما الشيْء المِثالي بالنسبة للمجتمع الجلفاوي هو أن يرى توزيعا عادلاً يسمح لسكان ولايتنا بمنحهم "الأحصنة" التي من الممكن أن تعوض لهم الفوارق التي تأخرهم عن الولايات المذكورة سابقا. إن تقليص الفوارق الجهوية دائما ممكن، لأنها اعتِباطية أو تعسُّفية، والصِّحةُ هي حالةُ كَمَالِ الرَّاحَة الجِسمية والفكرية والاجتماعية و لا يَثْبُتُ تَجْسِيدُها فقط بغياب الأمراض أو العاهات. بالتأكيد سأكون ممتناً للذين يوَدُّونَ التدخل للمساهمة وللإضافة في الموضوع. كما أرجو أن يتفاد القراء المحترمين، طرْح مشاكلهم الشخصية. و أن لا ينجروا في توزيع الاتهامات، لأننا نعلم كلنا أن هذا القطاع، مثل غيره عليه أن يَتَبَارَى يومًا مَا مع الرِّهانات والاستحقاقات. فعلينا تجنب الخوض في مَا قَدْ يَصرِفُنا عن الأهداف التي نَوَدُّ الوصول إليها و إنجازها. علينا وبصفة جادَّة تقديمَ حُجَج لا تُرد ولا ترفض، في هذا القطاع وغيره، أمام الهيئات العليا للدولة بمناسبة الزيارة الحكومية لولايتنا، والتي طال انتظارها. وفي صالح جميع سكان الولاية، أن يعرف السيد الوزير الأول المحترم والوفد المرافق له المرحب بهم، أننا نضع أملنا الكبير فيهم، لإنصافنا. وعلينا أن نبني تطلعاتنا على السيد الوالي المحترم، مدافعا عن ولايته و محاميا، لا يكلّ عن حقوق المستضعفين. كما عرفنا في الثمانينات المغفور له، الوالي "زواني عبد الغني" الذي ندعو له بالفوز بالجنة والنجاة من النار، و في الألفينيات الوالي "عدو محمد الكبير"، هاذان الرجلان لا ينساهم من يعرف إنجازاتهم. و لنا أمل كبير أن يكون الوالي الحالي مثلهما ولما لا أجدر منهما. إن مثل هذه الزيارات لا تحدث إلا كل 7 أو 10 سنوات. وأود أن أذكّركم بأن آخر زيارةٍ لولايتنا من طرف الحكومة كانت في 25 و 26 / 07/ 2001 . تطلع الوفد الحكومي لاحتياجات الولاية، المتكون من 6 وزراء ورئيس الحكومة آنذاك، السيد علي بن فليس. أطلب من القراء المهتمين بهذا الملف متابعة بقيته في الحلقة القادمة في جريدة " الجلفة إنفو". وفقنا الله جميعا لما فيه خير للبلاد والعباد. ملاحظة: مع الأسف الشديد، أذكر أنني لم أتحصل عن أي معلومة من مديرية الصحة بالجلفة، مع أنني حاولت عدت مرات. و أرجو، أن يتدخل من هو جدير بذلك، حتى أتمكن من الانتهاء من البحث الذي أحرص على أن يكون وفيا لواقع القطاع. كشف هاته الحقائق لا تضر بأحد بل إخفاء الواقع هو الضرر بعينه. ../.. يتبع (*) رجل أعمال