بثانوية النعيم النعيمي في جو مفعم بالحب والإخاء والحنين، عاد تلاميذ الأمس للمرة الثانية إلى أول منزل "ثانوية النُعيم النعيمي" بالجلفة، بعد المبادرة الأولى سنة 2011، هاهم قدماء الثانوية الذين شهدوا افتتاحها قبل أربعين سنة خلت، عادوا ليحتفلوا بالذكرى الأربعين لافتتاح ثانويتهم، عادوا ليتذكروا تلك الأيام الخوالي وهم ينظرون إلى كل شبر من هذه الثانوية ليسترجعوا ذكرياتهم مع الماضي وما خلفته السنون، وقد حباهم الله بيوم أشرقت فيه الشمس وكأنها ترحب بضيوف النُعيم... وأوّل ما يشد انتباه الزائر في هذا اليوم المشهود، تلك الخيمة الحمراء الفسيحة التي نصبت بالساحة، وهي الحاضنة الأولى للكثير منهم، فالتلاميذ مازالوا يذكرون بعد أربعين سنة تلك الرهبة وهم يتنقلون من المناطق النائية إلى أوّل ثانوية بالولاية، كما جاء على لسان التلميذ الشاعر "بن دراح مبارك": عند باب النُعيم ضيّعت عمري * من يبيع الشباب كي أشتريه عند باب النعيم فاضت دموعي * وبكى القلب للذي يعزيه البداية كانت بدق الجرس إيذانا ببداية رحلة الزمن، رحلة إلى الزمن الجميل... زمن العلم والمعرفة، زمن الصدق والصداقة، ليصطف تلاميذ الماضي في ساحة الحاضر في صفوف غاب منهم الكثير...فمنهم من غيّبته الظروف ومنهم من غيّبه القدر، ليحصي الحاضرون فقدهم لأربعين من زملائهم، بعدد السنين التي مضت، كما أن 350 فردا -عدد الحضور هذه المرة- فاق العدد في المرة الأولى ، وقد سجلنا حضور بعض الرموز كأول مدير للثانوية الأستاذ "نور الدين فروخي"،... وبعد دق الجرس، لم يعد للرُتب مكان " pas de grade"... رئيس المجلس الشعبي الولائي... النواب الوطنيين والمحليين... مدراء، أساتذة جامعيين، مهندسون، محامون، أطباء، إطارات وعمال بسطاء، كلهم عادوا تلاميذا الآن ... التزموا الصف في ساحة العلم . ليفتتح الشيخ "الصيلع" الحفل بتلاوة آيات بيّنات من سورتي القلم والفاتحة ، بأحكام وصوت ملائكي اطمأنت له القلوب ودمعت معه العيون ويتبع ذلك بعزف النشيد الوطني بمقاطعه الخمس، ليفسح المجال بعد ذلك للمنظمين في كلمات تداول عليها كل من الأستاذ "رابحي عبد الباقي" و الأستاذ "عليوات مسعود" والأستاذة "بن داود أسماء"... كما كان للشعر حضور للشاعرين "بن دراح لمبارك" و"سلماني" بلغة فولتير، ليطلب في المرحلة الأولى وبعد سماع الجرس الصعود الى حجرات الدراسة، حيث جلس التلاميذ في مقاعدهم يسترجعون معاً ذكريات المكان والزمان مع الجدران والسبورة والطبشور... وقد صعد بعض من الأساتذة المصطبة، وكأنهم يتأهّبون لإلقاء الدرس من جديد .. وبعد ذلك كانت زيارة معرض الصور الفوتغرافية القديمة، بالأبيض والأسود ، أيام "الشوفولون و البات ديليفو" كما كانت هناك كتب للبرامج القديمة ولوحات وحواسيب صغيرة وأقلام كلها تحكي حكاية، حكاية أناس مروا من هنا، ومجلات حائطية لتلاميذ الأمس، و المُلفت كانت مساحة خاصة لتلاميذ وأساتذة غيّبتهم الأقدار.... المرحلة الأخيرة قدمت فيها إكراميات داخل الخيمة رمز أصالتنا ومنصة انطلاقنا وهي الحاضنة الأولى ... يا عاذلا لامرئ قد هام في الحضر .... و عاذلا لمحب البدو و القفر لا تذممن بيوتا خف محملها .... و تمدحن بيوت الطين و الحجر لو كنت تعلم ما في البدو تعذرني .... لكن جهلت و كم في الجهل من ضرر وتوجت هذه المرحلة بكلمة ختامية و بإهداء كتاب لمكتبة الثانوية، للسنة الخامسة ابتدائي في مادة التاريخ لمؤلفه عميد الأساتذة بالجلفة "الشريف اودية" الذي جاء من خارج الولاية على غرار الكثير من زملائه، ثم تم تدشين هدية التلاميذ للثانوية متمثلة في جدارية تحمل صورة الشيخ "النعيم النعيمي" أمام الباب الرئيسي، وقد أشرف على التدشين الشيخ الإمام "عريشة بولرباح" بمعية قدماء الأساتذة والتلاميذ وقد أخذ الجميع صورا تذكارية جماعية، تحت وصلات موسيقية هادئة اختارها بعناية من تلك الحقبة المشرف على الصوت التلميذ "صلاح الرايس" وهو أحد نجوم فرقة "أبناء القمر moon boys "التي مثلت الولاية أنذاك أحسن تمثيل وكان أحد عناصرها "صخري" حاضرا أيضا... أما الحضور الإعلامي فكان متواجدا من خلال موقع "الجلفة إنفو"، يومية الشباب، القناة الفضائية "كابي سي" وكثير من المصوّرين المحترفين يتقدمهم "قويدر الصوار" وعميد الصحافيين "جيلالي حرفوش"، فيما كانت الإذاعة حاضرة بتغطية خاصة بثت في صبيحة اليوم الموالي... وتوجت الخاتمة بافطار جماعي "طعام باللحم" كان لذيذا لذة هذا اللقاء التاريخي ابدع في طهيه طهاة مطعم النعيمي، بقيادة "طعبة سعد" وتحية لعمال الثانوية و رئيس العمال "فيلالي البشير" وسنترك للصور تعبر عن ما عجز عنه القلم وليعذرنا من نسيناه سهوا أو تقصيرا...... وننوّه فى الأخير بالتنظيم الجيد والمحكم (نتمنى أن يقتدى به) الذي لمسناه خلال هذه المبادرة التي أجمع الكل متمنين أن تتكرر وتُعمم لتعود أواصر المحبة من جديد ويكون التواصل بين الجيلين لربط الماضي بالحاضر. وقبل الافتراق قرأ منشط الحفل الأستاذ "رابحي عبد الباقي" الكلمة الختامية بمناسبة الذكرى الأربعين لافتتاح ثانوية النعيم النعيمي بالجلفة (نص البيان مرفق).
في الوسط "نور الدين فرّوخي" أوّل مدير لثانوية النُعيم النعيمي