استقبل قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة زيان عاشور بالجلفة الدكتور أمين الزاوي، في محاولة جادة لتعزيز التواصل الثقافي الأكاديمي، وإعادة بعث روح النشاط الثقافي داخل الجامعة وإشراك المثقف والمبدع في عدد من الفعاليات الهامة التي يحاول إنجاحها قسم اللغة العربية وآدابها، وفي هذا السياق كان حضور الدكتور أمين الزاوي قفزة نوعية الهدف منها الاقتراب أكثر من العوالم الإبداعية والأكاديمية لأدباء لهم وزنهم الإعلامي. كما رحب عميد كلية الأدب واللغات الدكتور مسعود عبد الوهاب بهذا الطرح وبادر برعاية رئيس الجامعة البروفيسور علي شكري إلى تفعيل كل هذه الأفكار على أرض الواقع. من جهة أخرى شكر الدكتور أمين الزاوي كل هذه المساعي الأكاديمية الهادفة، من خلال محاضرته التي ألقاها في مدرج قسم اللغة العربية وآدابها، وأكد على أن ولاية الجلفة لها خصوصيتها الثقافية والتاريخية والإبداعية، وأثنى على مجهود قسم اللغة العربية في إثراء المشهد الثقافي بعد الغياب التام لمديرية الثقافة في خلق نشاطات نوعية نخبوية، وانغلاقها على نشاطات محلية متواضعة. وقد افتتح الجلسة عميد الكلية الدكتور عبد الوهاب مسعود الذي عبر عن سعادته في إنشاء تواصل فعلي بين الطالب والمبدع، ومواصلة تأسيس نشاط ثقافي فاعل يتعمق في استظهار المواهب الإبداعية في الولاية وقراءتها قراءة أكاديمية على مستوى الدراسات الجادة داخل الجامعة، وتنويع مجالات التعامل في الحقول الأدبية، كما رحب بالدكتور أمين الزاوي في ولاية الجلفة وأكد على ضورورات هذا التفاعل المعرفي الهادف. في حقول التجربة .. النص والمتلقي حضر اللقاء عميد كلية الأدب بجامعة الجزائر 2 الدكتور رشيد كوراد، ورئيس قسم اللغة العربية وآدابها الأستاذ قراش أحمد، وقد تمحورت محاضرة الدكتور أمين الزاوي حول تجربته الإبداعية في الكتابة الروائية، وفضاءات الكتابة باللغتين العربية والفرنسية وحتى بلغات أخرى في الجزائر، كما تحدث عن تجربته في التدريس الأكاديمي وأثره على مستوى التلقي الإبداعي، كما أسهب الدكتور أمين الزاوي في الحديث عن ولاية الجلفة وما تحتكم عليه من طاقات إبداعية لها خصوصيتها على مستوى الجزائر، وقد أكد الدكتور أمين الزاوي على أن كتاباته أخذت مسارا هاما في الحديث عن المرأة وإعطائها الرداء الذي تستحق، وتوغل في الحديث عن تجربته في روايته الصادرة باللغة الفرنسية (Le miel de la sieste) التي صدرت عن دار البرزخ، وتناولت حياة الطفل أنزار الذي ولد مع عاهة جسدية، وهي كما قيل عنها نص عن الحب الذي يؤدي إلى الجنون، وهي نص عن الأسرة التقليدية التي تمارس الكبح والقمع بدعوى التربية، واعتبرت رواية مؤسسة على ”الفانتاستيك”، وعلى اكتشاف الممنوع في التربية الجسدية في المجتمعات المتخلفة، هي أيضا رواية على لسان الطفولة القادرة ببراءتها قول كل شيء بعفوية ودون خوف، "عسل القيلولة" رواية الخفي في الأسرة الجزائرية المعاصرة. وقد تلقى الدكتور أمين الزاوي عددا كبيرا من الأسئلة التي بادر بها الحضور سواء من طرف الطلبة أو من طرف الأساتذة، حيث تمحورت حول أهمية تجربة أمين الزاوي في الكتابة باللغتين وأثرها على الأدب الجزائري، ومدى الفروق العلمية والعملية بين الطالب الجزائري والطالب الأجنبي، وتراجع الحركة النقدية في اكتشاف النص الإبداعي الذي أخذت مكانها الجوائز التي لا تعتبر وإن كانت جادة المقياس الحقيقي والفعلي في اكتشاف النص المحترف، كما تمحورت الأسئلة أيضا حول تموقع الرواية الجزائرية في سياسية إبداعية تأريخية، وكذا أثر التراث في الأدب الجزائري المعاصر، وإشكالات عزوف النقد في تأطير الحركة الإبداعية المتواصلة، وعن أثر المكان (الجلفة) في الحقل الإبداعي الجزائري، وعن المقدس والمدنس في تجربته الروائية والفكرية، وغيرها من الأسئلة. داخل محار النص .. وقد حاول الدكتور أمين الزاوي جاهدا الإجابة عن بعض الأسئلة خاصة التي شملت كتاباته حول كسر الطابوهات في التعامل مع النص الإبداعي باعتباره مساحة للحرية لا تعيقها سوى التمكن من الأدوات الإبداعية في خلق فضاءات جديدة على المتلقي تحتويه وتأسره، كما تحدث عن جملة من الفروقات بين الطالب الأجنبي والجزائري، واعتبر أن الجزائر قدمت فضاءات مادية هامة للطالب وفتحت له آفاق الدراسة وعددت له الهياكل المختلفة التي تساعده في عمليات البحث والتنقيب، كما عبّر عن سعادته بهذا الفضاء الإبداعي الذي تمتلكه ولاية الجلفة من أساتذة ومبدعين. أمين الزاوي.. هذا ويعتبر أمين الزاوي من مواليد 1956 بتلمسان، كاتب ومفكر وروائي جزائري، شغله عالم الأدب والترجمة، بين اللغات الفرنسية والإسبانية والعربية، كما عمل أستاذا للدراسات النقدية في جامعة وهران، بعد حصوله على شهادة الدكتوراه عن «صورة المثقف في رواية المغرب العربي»، وله عشر روايات نصفها باللغة الفرنسية، ونصفها الآخر باللغة العربية، إضافة إلى مجموعتين قصصيتين. مارس التدريس في جامعة باريس الثامنة، عمل سابقا مديراً للمكتبة الوطنية الجزائرية. في الجزائر العاصمة. يكتب باللغتين العربية والفرنسية. ومن أعماله الحديثة المكتوبة بالعربية هو رواية "الملكة" الصادرة عن منشورات الاختلاف بالجزائر.