عرفت ندوة الشعب للدراسات الإستراتيجية التي استضافت أمس سفير كوريا الجنوبية بالجزائر ''شوا سانغ جو'' حضور ممثل عن السفارة الفرنسية بالجزائر، الذي سجل كل كبيرة وصغيرة عن المداخلة التي ألقاها ممثل كوريا الجنوبية في الجزائر وهو ما يعكس قلق فرنسا من تطور العلاقات بين الجزائر والشركاء الاقتصاديين الذين برزوا منذ سنة 2000. وتكون السلطات الفرنسية قد أمرت ممثلياتها الدبلوماسية برصد جميع المعلومات الاقتصادية والتجارية والمالية التي تربط الجزائر بالصين وكوريا الجنوبية وحتى الفيتنام وتركيا وروسيا، لتقييم التوجهات الاقتصادية الجديدة، ومنه تسطير إستراتيجية فرنسية جديدة للحفاظ على مواقعها في الجزائر وتعزيزها من خلال إعادة النظر في العلاقات التي تربطها مع الجزائر والتي تعرف تشنجات كبيرة، تسببت فيها باريس من خلال محاولة النبش في الماضي وإثارة ملفات من أجل التشويش على الجزائر، على غرار ما حدث مع قضية تبحيرين والدبلوماسي الجزائري زيان حسني. وحاول الاليزيه للتغطية على تراجع العلاقات السياسية والاقتصادية مع الجزائر، من خلال حملة وسائل الإعلام الفرنسية على الجزائر لتبرير فشله وتوجيه الرأي العام الفرنسي عن الأزمات المختلفة التي أحرجت الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، الذي تراجعت شعبيته كثيرا في استطلاعات الرأي والتي قد تهدده بعدم الترشح إلى عهدة ثانية قبل سنتين من الاستحقاقات الرئاسية الفرنسية. وتعرف المبادلات التجارية بين الجزائروفرنسا تراجعا كبيرا، في ظل بروز أقطاب تصدير جديدة من آسيا كالصين وكوريا الجنوبية واليابان وتركيا وحتى الفيتنام وإيران وروسيا، وقد أدى هذا الاختلال إلى قلق باريس من التوجه الجديد للجزائر التي وصلت إلى إبرام العديد من اتفاقيات الشراكة مع الدول المعتدلة سياسيا، ولم يقتصر الأمر على دول آسيوية بل تعدى الأمر إلى ايطاليا وألمانيا وحتى اسبانيا ومالطا والبرازيل في أمريكا الجنوبية، وهو ما شكل ضربة موجعة لفرنسا التي تحاول إعادة التموقع من خلال دراسة ما يمكن التنازل عنه لكسب ود الجزائر. وتضغط الدوائر الاقتصادية الفرنسية على ساركوزي لتحسين العلاقات مع الجزائر للحفاظ على مصالحها ونيل حصصها من المشاريع العملاقة التي خصصت لها 250 مليار دولار في الخمس سنوات القادمة، وهو ما جعل المؤسسات الفرنسية تدق ناقوس الخطر من قرب إفلاسها في ظل الأزمة العالمية. ويأتي انشغال باريس كذلك في ظل الاستثمارات الضخمة التي أطلقتها الصين في بلادنا، كما أن التقارب الأمريكي الجزائري وسعي واشنطن لتوسيع الاستثمارات خارج المحروقات ببلادنا، وكدا اهتمام بريطانيا وألمانيا بالاستثمار في الجزائر جعل باريس محاصرة، خسرت جراء سياستها المبنية على تعصب البعض صفقات هامة في السوق الجزائري، كانت ستكون متنفسا للمؤسسات الفرنسية التي تعاني من صعوبات كثيرة.