كتاب، شعراء وفنانون تربطهم علاقة ود قديمة مع جريدة «الشعب» تعود إلى سنوات السبعينيات والثمانينيات، حيث ما يزالون يحتفظون في ذاكرتهم بتجاربهم مع أمهات الجرائد سواء كصحفيين أو ككتاب أضفت أقلامهم لمسات على صفحات الجريدة، والتي اعتبروها من أهم الصحف التي أسهمت في تثقيف المجتمع، وظلت محافظة على نقائها ورزانتها وتوجهها رغم المنافسة الشرسة التي فرضتها التعددية الإعلامية. الشاعر القدير سليمان جوادي واحد من بين المثقفين الجزائريين الذين ارتبط اسمهم بجريدة «الشعب»، وفي حديث لنا كشف بأن علاقته بالجريدة علاقة ود قديم، مشيرا إلى أنه في الستينيات حين كان طالبا بالإعدادي، كان من المدمنين على قراءتها وخاصة صفحتها الثقافية، كما أنه في مطلع السبعينيات كانت حاضنة لأولى قصائده، حيث نشر له الأستاذ الشاعر محمد أبو القاسم خمار، الذي كان يشرف على صفحة أسبوعية اسمها «في رحاب الشعر» و كانت القصيدة بعنوان «من أجل زهرة» سنة 1970. وقال سليمان جوادي بأن هذه العلاقة استمرت إلى أن كلفه الأستاذان محمد بوعروج رحمه الله المدير العام ومحمد عباس رئيس التحرير بالإشراف على صفحة يومية اسمها «الموعد»، وكان ذلك مطلع الثمانينيات، مؤكدا بأن تلك الفترة كانت من أخصب فترات عمره على كل المستويات، حيث كان بالإضافة إلى تعامله مع جريدة «الشعب» يشتغل في مجلة «ألوان»، ويُعد برنامجا أسبوعيا للإذاعة الوطنية، وحصصا فنية ذات طابع اجتماعي تاريخي للتلفزيون. مشتلة حقيقية للكفاءات وحاضنة للمبدعين والإبداع وأضاف الشاعر جوادي بأنه لما كُلف المرحوم كمال عياش بإدارة جريدة «الشعب» طلب منه الالتحاق رسميا بالجريدة، التي عمل بها كبيرا للمحققين في القسم الثقافي تحت إشراف عبد القادر بوطيبة ورئاسة تحرير سعد بوعقبة، وقال «رغم مغادرتي لها كصحفي إلا أني ظللت أتعامل معها سواء بنشر نصوصي أو متابعة صحفييها لنشاطي الأدبي».. وفي سياق حديثه أشاد الشاعر الكبير سليمان جوادي بجريدة «الشعب» والتي اعتبرها من أهم الجرائد التي أسهمت في تثقيف المجتمع ككل أم بالنسبة لعلم الإعلام والاتصال، مؤكدا بأنها مشتلة حقيقية للكفاءات وحاضنة للمبدعين والإبداع، حيث ظلت محافظة على نقائها ورزانتها وتوجهها رغم المنافسة الشرسة التي فرضتها التعددية الإعلامية. عليها مواصلة دورها الريادي وتفتح ها أكثر على الوسط الثقافي الشاعر عبد الحميد شكيل يعتبر أيضا من بين الكتاب والمثقفين الذين يحملون ذكريات وعلاقة ود مع جريدة «الشعب» وطاقمها، لا سيما خلال الستينيات والسبعينيات، والذي قال بأن علاقته ب»الشعب» كانت انطلاقتها منذ عام 1965، حين كان طالبا بمدينة قسنطينة، وكان يشتري الجريدة ب25 سنتيم، حيث كان ملازما ومهتما بقراءتها بشكل دائم نظرا لمادتها الأدبية والثقافية التي كانت تشده إليها آنذاك. وقال بأنه كان يقرأ في جريدة «الشعب» لأسماء جزائرية كبيرة، على غرار الدكتور المرحوم عبد الله الركيبي، والمرحوم عبد الله شريط،، إضافة إلى رئيس المجلس الإسلامي الأعلى عبد الله غلام الله، والذي كان يكتب في الصفحة الأخيرة من الجريدة، كما كان متابعا للمادة الثقافية التي تنشرها جريدة «الشعب»، حيث أنها كانت اليومية الوطنية الوحيدة التي تجمع الأسماء الأدبية الجزائرية والعربية التي كانت تعيش في الجزائر، أمثال الشاعر السوري شوقي بغدادي، والذي كان ينشر أعماله الأدبية فيها والشاعر العراقي شوقي عبد الأمير، إضافة إلى الدكتور حسين الأعرجي والذي كان محاضرا بجامعة الجزائر وغيرها من الأسماء العربية، والتي كانت تعمل في ميدان التربية والتعليم في الجزائر غداة الاستقلال. وعن أول احتكاك أدبي للشاعر عبد الحميد شكيل بجريدة «الشعب» كان سنة 1968، حين أرسل بعض نصوصه الابتدائية كما يقول وكان الرد جميلا من خلال «بريد الشعر»، لكنه يتذكر حادثة وقعت له مع يومية «الشعب»، حيث لم يفوت فرصة سردها علينا وهو أنه في سنة 1968 عندما كان طالبا بالمعهد الإسلامي بقسنطينة أرسل للجريدة قصيدا بعنوان «أحلام شاعر» وكان حينها «مبروك نويس» مشرفا على الركن، وكانت تلك القصيدة تحمل أفكار شاب مراهق، وقال «لكم أنت تتصوروا ما تحمله من كلمات وأفكار شاعر شاب، وهناك كان الرد على شعري في تلك الصفحة الكاملة المخصصة للشعر لإدانتي»، ومن بين ما جاء في الرد حسب المتحدث «كيف لطالب في المعهد الإسلامي أن يقول مثل هذا الكلام» وهو الأمر الذي جيش عليه أساتذة المعهد، ولولا الأستاذ «بوزيد سماتي» لتم طرده من المعهد، فمن منظورهم تجاوز الحد الأخلاقي في القول. كما أن من بين ما يذكره عبد الحميد شكيل الحوار الذي أجراه معه الدكتور شريبط أحمد شريبط، سنة 1967 في عنابة، وأرسله إلى «الشعب الثقافي» حيث كان رئيس تحريرها آنذاك الأستاذ عثمان شبوب، ورفض نشر الحوار لأنه يحمل أفكارا جريئة، وهو ما جعل الأستاذ شريبط يحول الحوار إلى مجلة «الأقلام العراقية» والتي كان رئيس تحريرها الشاعر العراقي حميد سعيد، الذي حول بدوره الحوار إلى مجلة «الطليعة الأدبية» التي تهتم بإنتاجات الأدباء الشباب. وبعد سنوات يقول المتحدث نشرت العديد من قصائدي، وفتحت لي الجريدة أبوابها خلال السبعينيات، مؤكدا بأنه ما يزال يحتفظ بمجموعة من الأعداد في أرشيفه الخاص، كما كانت له آنذاك علاقة طيبة برئيس تحريرها محمد عباس ودعاه في فترة من الفترات ليكون مراسلا لجريدة «الشعب» من ولاية عنابة، إلا أن ظروفه الخاصة لم تسمح له بذلك. من جانب أخر قال الشاعر عبد الحميد شكيل ل«الشعب» التي أعتبرها عميدة الصحف العربية، كل الاحترام والتقدير» وأضاف بأنه يذكر تجربتها الجميلة عندما كانت تصدر كتاب «الشعب الثقافي» والذي كان يوزع مع الجريدة، قائلا بأنهم كانوا يشترونه بدينار ونصف، وتمنى أن تواصل مسيرتها وتجدد جلدها وتواصل دورها الريادي وأن تنفتح أكثر على الوسط الثقافي، وأن يعود «الشعب الثقافي» للملمة المشهد الثقافي المتناثر، الذي يحتاج إلى من يسنده لينقل الصوت الأدبي الجزائري داخل الوطن وخارجه. أحتفظ بصفحة عمرها 55 سنة أما الفنان عبد الحميد رابية فقد أكد أنه يحتفظ بصفحة لجريدة «الشعب» عمرها 55 سنة تحمل موضوعا حول الفنان الراحل محمد بودية، مشيرا إلى أن عميدة الصحف الجزائرية أدت واجبها كما ينبغي منذ عهد الحزب الواحد والمسرح الواحد، حيث كانت تغطي كل القطاعات والمجالات، ولاسيما صفحتها الثقافية. وقال بأن «الشعب» كانت تملك آنذاك صحفيين عباقرة، وواصلت مسيرتها الريادية بين يدي من يسيرونها اليوم من إداريين وتقنيين وصحفيين ومدراء، حيث جاء جيل أخر يؤدي اليوم واجبه كما ينبغي، مشيرا إلى أنه من قراء الجريدة، لا سيما وأنها الوحيدة التي تقدم صفحة باللغة الأمازيغية، كما أنها مواضيعها متنوعة، وتغطي مختلف الأحداث الحاصلة. الفنان عبد الحميد رابية قال بأن «الشعب» فتحت له أبوابها، حيث نظم بها ندوات حول عبد القادر علولة ومحمد بودية، وقد وجد كل التسهيلات والترحيب، وأشار إلى أنه من المنتظر أن يكون له خلال الشهر المقبل لقاء بها لنفض الغبار عن بعض الشخصيات الثقافية والمسرحية المعروفة عالميا والمجهولة وطنيا، على غرار الفنان المناضل «شباح المكي» الذي عاصر رواد المسرح الجزائري، وفي الأخير قال بأنه يتمنى لجريدة «الشعب» في عامها ال55 التألق ومزيدا من العمل والازدهار. «خير خلف لخير سلف» المنشطة ماما نجوى كان لها حديث بدورها عن جريدة «الشعب» حيث أثنت على جهودها، وقالت بأنها كانت السباقة لنشر مواعيدها حين كانت منشطة وتتتبع مختلف أعمالها، وأضافت بأن الجريدة تملك اليوم طاقما قادرا على مواصلة مسيرة من سبقوهم، فهم خير خلف لخير سلف، مشيرة إلى أنها ملمة بجميع المواضيع السياسية والاجتماعية والاقتصادية وأيضا المواضيع الموجهة للطفل. «ماما نجوى» قالت بأنه كان لها شرف التعامل مع صحفيين بالجريدة سواء في الماضي أو الحاضر، ومحاورتها حول أعمالها ونشاطاتها لا سيما في الوقت الحاضر، مؤكدة أنها تحتفظ بمجموعة من الأعداد، وأضافت بأن «الشعب» تحتل اليوم مكانة متميزة وسط مختلف العناوين الصحفية المنتشرة في الساحة الإعلامية، وتمنت لها المزيد من التألق والاستمرارية.