اختتمت، أمس، فعاليات المنتدى رفيع المستوى، الملتئم بعاصمة الغرب الجزائري، وهران، حول «الأجوبة الفعالة والمستدامة لمكافحة الإرهاب: مقاربة جهوية»، التي أشرف على افتتاحها، الأحد المنصرم، وزير الشؤون الخارجية عبد القادر مساهل، بحضور إسماعيل شرقي مفوض الاتحاد الإفريقي للسلم والأمن وكذا الطيب بروك زيريهون نائب الأمين العام للشؤون السياسية للأمم المتحدة. يندرج هذا الاجتماع، الذي تشترك في تنظيمه الجزائر ومفوضية الاتحاد الإفريقي، في إطار العهدة التي أوكلت لرئيس الجمهورية من قبل نظرائه بالاتحاد الإفريقي كمنسق لجهود الاتحاد الإفريقي في مجال الوقاية من الإرهاب ومكافحته، وفق ما سبق أن ورد في بيان لوزارة الشؤون الخارجية. ينعقد اجتماع وهران، التي أبت إلا أن تنصب نفسها مدينة لترقية الحوار والسلام بالقارة الأفريقية، على خلفية أعمال العنف المستمرة في منطقتي الساحل والقرن الإفريقي وبحيرة التشاد، على رأسها العملية الإرهابية التي خلفت 512 قتيل بمقديشو قبل ستة أسابيع، وهو الهجوم الأشد فتكا في تاريخ الصومال ويأتي في الترتيب كثالث أوسع الأعمال الإرهابية على مستوى العالم في التاريخ المسجّل، ناهيك عن الهجوم الذي نفّذ على مسجد الروضة بسيناء بتاريخ 24 نوفمبر المنصرم وبلغ عدد ضحاياه 321 مصلي، كما تم قتل زهاء 65 مدنيا في نيجيريا خلال هجومين انتحاريين منفصلين في أواخر شهر نوفمبر وأوائل ديسمبر، إضافة إلى 12 فردا من القبعات الزرق في الكونغو الديمقراطية خلال الأسبوع المنصرم. تناولت الندوة خلال مداولاتها التي استمرت ليومين كاملين، خلفيات وأسباب التدهور الأمني في المنطقة وعلاقة التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالأمن والسلام، وسط مطالب إفريقية بتوحيد الموقف على مستوى الهيئات الأممية، من خلال اعتماد إستراتيجية أمنية تقوم على التعاون الأمني وتبادل المعلومات والخبرات والتجارب بغرض تطويق ظاهرة الإرهاب والتطرف العنيف في المنطقة. كما أكّد المشاركون إلتزامهم وعزمهم القوي على العمل بشكل شامل وفعال في منع ومكافحة الإرهاب والتطرف العنيف والجريمة المنظمة، متفقين على مطلب معالجة الثغرات الخطيرة التي لاتزال تشوب عملية التنفيذ في مجال مكافحة الإرهاب وضرورة إعادة تقويم وتعزيز الجهود، مع التمسّك بمبادئ الإتحاد الإفريقي المتمثلة أساسا في احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون والحكم الرشيد. مواصلة الاستثمار في جهود الوساطة وحل النزاعات وقد ألح مفوض الإتحاد الإفريقي للسلم والأمن إسماعيل شرقي، على أنّ الإرهاب والتطرف العنيف لا يستهدف فقط السلم والأمن الدوليين، بل يتعداه إلى القيم والمبادئ التي تميّز مجتمعاتنا المتنوعة، إلى جانب تكلفته البشرية والمادية المرتفعة جدا، كما يتجلى أثره على الاقتصاد، ليس فقط بخرق وتهديد المؤسسات الإنتاجية والتربوية، بل يعيق نمو الناتج المحلي الإجمالي للدول المتضررة وبالتالي يقوّض تنمية القارة. بالمقابل، يضيف شرقي، «تستهلك جهود مكافحة الإرهاب الموارد المالية المحدودة للدول، كما أنّ صعوبة التنبؤ بالضربات الإرهابية، يستلزم إجراءات ونفقات أمنية إضافية، مما يزيد الضغط على ميزانيات الحكومات وذلك على حساب الأهداف التنموية». وأكّد أنّ الإتحاد الإفريقي على دراية واسعة بأنّ «الإرهاب يتوالد ويعشعش في البيئات التي تفتقر إلى الاستقرار السياسي والأمني»، ما يستدعي، بحسبه، مواصلة الاستثمار بشكل كبير في جهود الوساطة وحل النزاعات في جميع البلدان والمناطق المتضررة. كما أشاد بقوّة الإرادة والعزيمة التي تقف وراء نجاح الإتحاد الإفريقي في إطار العمليات العسكرية التي أدت إلى إضعاف الجماعات الإرهابية حول القارة، منوها في هذا الصدد بالتضحيات الكبيرة في سبيل الدفاع عن السلم والأمن وتهيئة الظروف اللازمة للتنمية والإعمار، في إشارة منه إلى بعثة الإتحاد الأفريقي في الصومال، ومبادرة التعاون الإقليمي للقضاء على جيش الرب، وفرقة العمل المشتركة متعددة الجنسيات ضد جماعة بوكو حرام الإرهابية. 6 آلاف إفريقي ضمن صفوف «داعش» بسوريا يشكلون خطرا على القارة كما أكّد على ضرورة تنفيذ اتفاق الطائف ووجوب بحث الثغرات التي تشوب عمليات تنفيذ إطار مكافحة الإرهاب، مع إيلائها الأهمية الكبرى، لاسيما في ظل تزايد تهديد الإرهاب في إفريقيا، بالموازاة مع تهديد تداعيات التطورات العالمية على الأمن الداخلي، مبرزا أنه في الوقت الذي منيت فيه الدولة الإسلامية أو «داعش» في الشرق الأوسط بالهزيمة، تشهد إفريقيا الوجود المتزايد للجماعة في منطقة الساحل وما وراءها. في هذا الشأن، استدل رئيس مفوضية مجلس الأمن والسلم بالاتحاد الإفريقي، بتقارير الأممالمتحدة التي تكشف عن 6 آلاف أفريقي من بين 30 ألف مقاتل أجنبي، المقدر انضمامهم إلى «داعش» في سوريا، وهذا ما دعا شرقي للتأكيد على الخطر العظيم الذي يهدّد الأمن القومي حاليا ويكمن في الآثار الخطيرة المترتبة عن عودة تلك العناصر إلى القارة. كما شدّد في سياق متّصل على ضرورة تعزيز التعاون بين الدول على كافة الأصعدة لمعالجة مسألة المقاتلين الإرهابيين الأجانب وعودتهم إلى القارة، بما في ذلك تبادل المعلومات وتحسين المعرفة بالفئات العائدة من المقاتلين الأجانب، والكشف عن تحركاتهم عبر الطرق المختلفة، فضلا عن تعزيز إدارة الحدود بشكل عام. نجاحات الإتحاد الإفريقي متواصلة رغم قيود التمويل والتشغيل كما دعا إلى معالجة الثغرات الموجودة في نظم العدالة الجنائية، بما في ذلك التشريعات التي عفا عليها الزمن ومحدودية قدرات المحاكم وأجهزة إنقاذ القانون، مطالبا في الوقت نفسه بإيجاد الطرق المناسبة التي تمكّن أجهزة الإستخبارات من العمل بالتنسيق مع أجهزة إنفاذ القانون تحت طائلة نظام العدالة الجنائية، بما يكفل اتباع نهج قائم على سيادة القانون في مكافحة الإرهاب، وذلك على الصعيدين الدولي والأفريقي. فيما يتعلّق بعمليات دعم السلم والترتيبات الأمنية المخصصة لمكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود الوطنية، قال شرقي إنّ الإتحاد الإفريقي، دون أدنى شك، قد وضع مثالا فريدا على الصعيد الدولي، ومازلنا نسجل نجاحا بعد نجاح، رغم القيود التمويلية والتشغيلية الكبيرة التي تواجهنا، مستطردا بالقول: «ولكي نعزّز المكاسب التي تخص الصومال وأفريقيا الوسطى ومنطقة الساحل وغيرها، يجب أن نكمل العمليات العسكرية بتدابير متكاملة لتحقيق الاستقرار، وهذه ليست مهمة سهلة، حيث أنها تتطلب إرادة وسياسة ثابتة تدعمها موارد كبيرة». وعاد الدبلوماسي الجزائري إسماعيل شرقي ليؤكد: «أنه بدون الاستثمار في جهود تحقيق الاستقرار، سيتم تقويض ومحو كافة التقدم المحقق على مدار السنوات الماضية»، مشدّدا على ضرورة الالتزام بتحويل جميع الإلتزامات المتخذة إلى أفعال، وذلك بالسعي إلى توطيد وتعزيز وتفعيل مختلف استراتيجيات مكافحة الإرهاب المعتمدة على الأصعدة الوطنية والإقليمية والقارية بالشكل الذي يضمن الفعالية. كما لم يغفل نفس المسؤول، أهمية الاستثمار بصورة جادة وعلى المدى الطويل في منع التطرف العنيف، مشدّدا بالقول: «يجب أن تكون جهودنا مصمّمة لمعالجة أوجه الضعف المختلفة وتوفير البدائل الإقتصادية المجدية وفتح أبواب المشاركة السياسية، كما يجب إشراك جميع الجهات الفاعلة في هذا الجهد، لاسيما المجتمع المدني وقادة المجتمعات المحلية والسلطات الدينية». وعاد ليؤكّد التزام الجزائر، حكومة وشعبا، الثابت «لدعم العمل الإفريقي المشترك وإسهامها المتواصل جنبا إلى جنب مع جميع الدول الأعضاء في الإتحاد الإفريقي لتخليص القارة من آفة الإرهاب والتطرف العنيف والجريمة المنظمة». يتجلى هذا الالتزام، يضيف شرقي، في استضافة الجزائر العاصمة للمركز الإفريقي للدراسات والبحوث حول الإرهاب وآلية الإتحاد الإفريقي للتعاون الشرطي «الأفريبول»، ناهيك عن الشراكة التي تربطها بمعهد الأممالمتحدة للتدريب والبحث «اليونيتار». شرقي: لا نؤمن بحل عسكري في ليبيا حول دعوات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بخصوص القيام بعملية عسكرية أمنية من أجل وقف عملية الاتجار بالبشر في ليبيا، قال مفوض الإتحاد الإفريقي للسلم والأمن إسماعيل شرقي: نحن لا نؤمن بحل عسكري في ليبيا ولا بأي تدخل عسكري لحل هذه المشاكل. وأشار في هذا الإطار، إلى اتفاق زعماء دول أوروبية وإفريقية، بالإضافة إلى الأممالمتحدة، على التعاون مع ليبيا حتى نقوم بواجبنا تجاه المهاجرين الذين يشكلون ضحايا لعمليات الإتجار بالبشر والموطّنين المتواجدين في ظروف صعبة. وقال للصحافيين: واجبنا الأخلاقي يحتم علينا التطرق لإخواننا الأفارقة المتواجدين في ظروف لا يمكن تقبلها البتة، وخلال مشاركتنا في اجتماع الاثنين المنصرم الذي جمع الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي والأممالمتحدة، ناقشنا بإسهاب هذا الموضوع، وقرر القادة إنشاء قوة أو آلية لهذه المنظمات الثلاث حتى يتم التطرق إلى ما يجري في ليبيا. كما لفت في سياق متصل، إلى الزيارة الميدانية التي نفذتها المكلفة بالشؤون الاجتماعية للإتحاد على مستوى معقل واحد، يضم أكثر من 3800 شخص في ظروف صحية وصفها «بغير الإنسانية»، مردفا أنّه «واحد من بين 42 معتقلا، الحكومة على دراية بها»، متسائلا في الوقت نفسه: فما بالك بالمعتقلات الأخرى التي ليست تحت حماية الحكومة. وأكّد أنهم يعملون جاهدين من أجل تحرير هؤلاء من مخالب الإرهابيين والذين يتاجرون، بحسبه، بأرواحهم وحياتهم، عن طريق التهديد والإبتزاز. وتنصب كل الجهود حاليا، يضيف، في اتجاه البحث عن الفرصة لإجلاء المهاجرين الراغبين (بمغادرة) ليبيا، وفق ما أوضح شرقي، الذي كشف عن مطالب الإتحاد الأفريقي للسلم والأمن بخصوص تنصيب ملحقين قنصليين عبر مختلف الدول المعنية بهذه الظاهرة لمساعدة هؤلاء بالأوراق اللازمة. مساهل يشارك بباريس في أشغال القمة حول المناخ
يشارك وزير الشؤون الخارجية عبد القادر مساهل، بصفته ممثلا لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، اليوم، بباريس، في أشغال قمة رؤساء الدول والحكومات حول المناخ «وان بلانيت سوميت»، بحسب ما أفاد به بيان لوزارة الشؤون الخارجية. وأضاف البيان، أن هذه القمة المنظمة من طرف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والأمين العام لمنظمة الأممالمتحدة أنطونيو غوتيراس ورئيس مجمع البنك العالمي جيم يونغ كيم، «تعقد بمناسبة الاحتفال بالذكرى الثانية للمصادقة على اتفاق باريس حول المناخ في 12 ديسمبر 2015». ويرمي هذا الحدث الدولي إلى «دعم التحرك السياسي في مجال مكافحة التغيرات المناخية». كما يهدف إلى بحث سبل حشد الأموال العمومية والخاصة لصالح الأعمال من أجل المناخ، لاسيما تنفيذ الالتزامات المتخذة في إطار اتفاق باريس.