مرت ثلاثة اسابيع عن التحاق ازيد من ثمانية ملايين تلميذ في الاطوار الثلاثة الى مقاعد الدراسة في ظروف تقول عنها وزارة التربية الوطنية انها عادية، رغم ماتتخللها من مشاكل يبدو انها مصرة على ان تفرض نفسها مع انطلاق كل موسم دراسي، وهي بالاساس تمس الاكتظاظ وسوء توزيع الكتاب المدرسي، اضافة الى مشكل النقل المدرسي الذي يمس بالدرجة الاولى سكان المناطق النائية والارياف. هدف 25 تلميذ في كل قسم كما حددته وزارة التربية يبدو انه بعيد المنال في الوقت الراهن وخاصة في المناطق التي تكثر فيها الكثافة السكانية ليس في المدن الصغيرة والارياف، وانما سجل ولسنوات طويلة في مناطق عديدة بالعاصمة والامثلة على ذلك كثيرة. واذا كانت بعض المدارس المحظوظة قد استطاعت ان تحقق الهدف المسطر في بلوغ معدل 25 تلميذ في القسم وعلى قلتها، فان معظم المؤسسات التربوية عجزت عن تحقيق هذا الهدف حيث لايزال اولياء التلاميذ يشتكون من الاكتظاظ الذي يؤثر سلبا على التمدرس العادي لاعداد متزايدة من التلاميذ، ولم تسلم من هذه الظاهرة السلبية حتى الاقسام التحضيرية التي تحولت الى مجرد روضة فاقت قدرة استيعابها ليصل عدد التلاميذ الى ازيد من 44 تلميذ في كل قسم. وعن الكتاب المدرسي الذي اخذته الوزارة الوصية بجدية اكبر خلال السنوات القليلة الماضية من خلال توفير الاعداد اللازمة قبل حتى موعد الدخول المدرسي بأشهر، الا ان عملية توزيعه عرفت خلال الدخول المدرسي الحالي تذبذبا في بعض المناطق، حيث اشتكى اولياء تلاميذ وبعد مرور اسبوعين من استحالة الحصول عليه في المؤسسة التربوية التي يدرس فيها اطفالهم ليجدوا انفسهم مضطرين لاقتنائه من السوق وبأسعار مرتفعة مقارنة مع سعرها الحقيقي ومما زاد في تفاقم ظاهرة الاكتظاظ عملية الترحيل المستمرة للعائلات التي استفادت مؤخرا من اعادة الاسكان، حيث يصعب على هؤلاء ايجاد مقاعد دراسية للتلاميذ، الامر الذي دفع بالبعض الى متابعة الدروس وهم واقفون مثلما اوضحت شهادات بعض التلاميذ في المناطق التي استقبلت المئات من العائلات. هذه العملية التي تتكرر بصفة دورية يبدو انها لم تأخذ بعين الاعتبار ضرورة توفير مقاعد دراسية للتلاميذ الوافدين رغم ان نفس المشكل تكرر في السنوات الماضية ورغم نداءات اولياء التلاميذ وحتى الفيدرالية، التي يبدو انها لم تجد الاذان الصاغية، ويضل نفس المشكل يطرح نفسه بالحاح في غياب برنامج عمراني متكامل، قبل الاسراع في ترحيل العائلات. اما عن مشكل النقل المدرسي الذي يمس اعدادا ليست بالهينة من التلاميذ في القرى والارياف والمداشر، فان المعاناة التي طال امدها لن تحل بالسرعة المطلوبة نظرا رغم البرنامج الذي اعد من طرف وزارة التضامن لتعزيز حضيرة النقل المدرسي بعد احصاء ازيد من 1500 بلدية غرب التراب الوطني بحاجة الى حافلات لتخفيف المعاناة اليومية للتلاميذ. هذه المشاكل ومشاكل اخرى لاشك انها ستنعكس سلبا على التمدرس العادي للتلاميذ وقد تؤثر على نحو كبير في تحصيلهم العلمي من جهة وفي النتائج المدرسية من جهة أخرى. العديد من التساؤلات تطرح حول استمرار تكرار نفس المشاكل تطرح في كل موسم دراسي، على الرغم من ان الوزارة تصر وتلح على ان الاعداد للدخول المدرسي ينبغي ان يتم قبل الخروج المدرسي، فما الذي يجعل بروز نفس المشاكل يتواصل اذا كان التحضير يسبق شهر سبتمبر بثلاثة اشهر او اكثر، وهل الاولوية في تعميم المطاعم المدرسية رغم عدم الحاجة الى البعض منها خاصة بالنسبة للقاطنين بالقرب من المؤسسة التربوية الا عند الضرورة القصوى، ولعل الظاهرة الغريبة التي طفت الى السطح، هو اطعام التلاميذ ثم تسريحهم دون مراعاة جوانب الامن والسلامة، وقد يبدو ايضا من الغريب ان يتناول التلميذ مهما كان مستواه الاجتماعي وجبة الغذاء في المدرسة ويعود الى منزله. فلسفة تعميم المطاعم الدراسية وتوفير الوجبة الغذائية لكل التلاميذ بما في ذلك اولئك اللذين بامكانهم الاستغناء عنها، بما انه يمكن توفيرها في البيوت خاصة بالنسبة للامهات الماكثات في المنازل، تطرح من جهتها تساؤلات اخرى حول هل من الاولويات اعطاء كل الاهتمام لهذا الجانب، على حساب جوانب اخرى تبدو أكثر أهمية في اطار سياسة التوازن الجهوي بالاسراع في رفع الغبن عن تلاميذ المناطق النائية او التفكير بجدية اكبر في توفير المقاعد الدراسية والتخلص بصفة نهائية من مشكل الاكتظاظ.