انطلقت الغارة الأمريكية الأولى على العراق في 20 مارس 2003، وانتهى الأمر بسقوط بغداد ومعها نظام الرئيس صدام حسين في 9 أفريل من ذلك العام، وسط آمال روّجت بشأن عراق جديد ديمقراطي ومزدهر، فما الذي انتهى إليه الحال بعد 15 عاما؟ رغم أنّ الذريعة المعلنة للغزو العسكري الذي قامت به الولاياتالمتحدة وحلفاؤها كانت امتلاك العراق أسلحة دمار شامل بين كيميائية وبيولوجية وحتى نووية، فقد تبيّن لاحقا أنّ شيئا من ذلك لم يكن موجودا. وبعد سلسلة من الغارات الجوية العنيفة، بدأت فرقة مشاة أميركية أولى معاركها ضد وحدات الحرس الجمهوري العراقي قرب كربلاء في جنوبالعراق، ثم واصلت طريقها نحو العاصمة بغداد حتى سيطرت على مطارها في 4 أفريل، وتوغّلت داخل العاصمة في السابع من الشهر نفسه، ثم وصلت الدبابات الأميركية إلى وسط بغداد وتمّ اقتلاع تمثال ضخم من البرونز لصدام حسين في مؤشّر على زوال سلطته. في الأيام التالية، تفشّت أعمال النهب على نطاق واسع وغضت القوات الأميركية المحتلة الطرف عنها ليدخل العراق في أسابيع من الفوضى العارمة، بينما انشغلت القوات الأميركية بمواصلة زحفها شمالا حتى سيطرت على كركوك والموصل، ومن بعدهما تكريت معقل صدام حسين ومسقط رأسه. ورغم ذلك ظلّ هاجس صدام مسيطرا على الساحة العراقية التي حكمها على مدى 24 عاما سابقة، حتى عثر عليه أواخر 2003، وظل سجينا حتى أعدم أواخر عام 2006. فما الذي تغيّر؟ على صعيد السياسة، انطوت صفحة حزب البعث، لكن العراق استبدل بهذا الحزب العلماني حكما سيطرت عليه الطائفية تحت الهيمنة الأميركية، حيث ظل الحاكم الأميركي بول بريمر ومن بعده السفير الأميركي هو الآمر النهائي انطلاقا من مواقعهم المحصنة فيما عرف بالمنطقة الخضراء ببغداد، وبدأت الطائفية تسيطر على جميع المؤسسات السياسية والعسكرية. وفي الشمال، استفاد الأكراد من رحيل صدام حسين، وعزّز دستور ما بعد الغزو من حكمهم الذاتي، حتى انتهى الأمر بهم إلى محاولة الاستقلال عبر تنظيم استفتاء في سبتمبر 2017 أيّد الانفصال بشدّة، لكن بغداد والدول الاقليمية عارضته بشدّة متمسّكة بالوحدة الترابية للعراق. وفيما يتعلق بالاقتصاد فقد أنهى سقوط نظام صدام حسين 12 عاما من الحظر الدولي، وفتح الباب لزيادة صادرات النفط الذي تضاعفت أسعاره، لكن هذا - حسب ما تؤكّده مصادر - لم يحسّن من أوضاع عموم العراقيين، حيث تشير أرقام الأممالمتحدة إلى أن نحو ثمانية ملايين عراقي يعيشون حاليا بدخل لا يتجاوز متوسطه ما يعادل 2.2 دولار في اليوم، وتسجّل ذات المصادر أنّ الفساد أهدر أموالا كثيرة. وإذا سألت المواطن العراقي عن تقييمه لظروف حياته قبل الغزو وبعده، يجيب بأن العراق الجديد لم يحقّق أمله في التغيير، وفي شهادات لمواطنين عراقيين عن فترة ما بعد الغزو، يقول سائق التاكسي «أبو علي» إنّه فقد اثنين من أبنائه بسبب تفجيرات وقعت في بغداد، بينما يقول «قيس الشرع» إنّه شعر ككثير من الشباب بالفرح والأمل بعد سقوط تمثال صدام، لكنه لم يجد لاحقا ما كان يأمله. وبدوره يقول السياسي الكردي محمود عثمان الذي كان عضوا في مجلس الحكم (أول قيادة سياسية عراقية بعد سقوط النظام السابق)، إنّ «الأميركيين كانت لديهم خطّة لإسقاط صدام، لكن لم تكن لديهم خطة كي يطبّقها ما بعده».