لم يخرج فريق شبيبة القبائل لهذا الموسم خالي الوفاض، وتمكّن من التتويج بكأس الجزائر ويحتل حاليا مركزا متقدما في ترتيب الرابطة المحترفة الأولى، بالإضافة إلى تأهله إلى الدور المقبل من كأس الكاف، وهذه الفورمة الممتازة التي يتواجد فيها، ليست إلا انعكاسا للسياسة الدقيقة التي طبّقها في أول موسم احترافي له. فبعد خروجه من نصف نهائي الطبعة الأخيرة لرابطة أبطال إفريقيا، دخل الكناري في دوامة عصفت بالمدرب السويسري ''آلان غيغر'' وتدبدبت معها النتائج، لكن سرعان ما انقشعت الغمامة، وعاد الاستقرار إلى محيط النادي. فالذين كانوا ينتظرون غرقه في الفوضى التي أصابت معظم الأندية الوطنية هذا الموسم بعد دخول عالم الاحتراف، تفاجؤوا بالنفَس الجديد الذي بعث به للتحليق في سماء النوادي الكبيرة محليا وقاريا. ودليل ذلك سلسلة الانتصارات التي بلغت 14 فوزا متتاليا وتتويج مستحق لكأس الجمهورية، وجاءت جدارة أبناء جرجرة بهذا اللقب بعد أن تجاوزوا عقبة 3 أندية تنشط في حظيرة الكبار وهي مولودية العلمة وشباب بلوزداد ومولودية وهران، قبل أن يصعدوا إلى منصة التتويج على حساب اتحاد الحراش. دقة الانتدابات.. ما لاحظه محبو الفريق والجمهور الرياضي بشكل عام، أن إدارة حناشي لم تدخل سوق المزايدات على لاعبين بارزين، سواء كانوا ينشطون في الجزائر أو خارجها واكتفت باستقدامات نوعية حسب المناصب التي تحتاج الدعم، بل كان أغلب الوافدين الجدد لا تتجاوز أعمارهم 23 سنة، وهو ما خلق مجموعة امتزج فيها عنصري الخبرة والشباب، الشيء الذي كانت آثاره إيجابية إلى حد بعيد على أداء النادي ونتائجه. وما يؤكد نجاح سياسة الاستقدامات، أنه لا أحد من المسيرين أو الطاقم يتحدث عن نقص في منصب ما أو استهداف أي لاعب كبير تحسبا للموسم القادم، وحتى ذهاب المدافع كوليبالي واحتراف المهاجم عودية في نادي الزمالك المصري، لم يترك أي فراغ أو تغيير على أداء الفريق، فالأول تم تعويضه بالمدافع الشاب خليلي والثاني سرعان ما خطف حميتي مكانته في الهجوم وعند الأنصار. لمسة بلحوت الواضحة... «أشكر المدرب رشيد بلحوت على العمل الكبير الذي يقوم به منذ قدومه إلى الشبيبة، هذه العبارة نطق بها رئس النادي محند شريف حناشي، معترفا لمدربه بالمجهود الذي يبذله والذي ظهر جليا على أداء الشبيبة، فالمدرب بلحوت وبعدما انتقل بين عديد الفرق الوطنية الكبيرة وكذلك خارج الوطن، يبدو أنه وجد ضالته أخيرا مع شبيبة القبائل، فبالإضافة إلى الإنجاز الذي حققه في أول موسم له معها، فإنه تمكن من بناء فريق على طريقته الخاصة وفلسفته في التدريب، فقد برز تحت قيادته عدد كبير من اللاعبين على غرار حميتي ونساخ وسعيدي، وكذلك يونس سفيان الذي عاد إلى مستواه رفقة يحيى شريف. وأكثر من هذا، فإن رشيد بلحوت لا يعتمد على تشكيلة أساسية دائمة وإنما يقوم بتدوير اللاعبين على المناصب وحسب طبيعة كل لقاء، وهو ما جعله يكسب دائما المعركة التكتيكية، حيث بدى هذا جليا في نهائي الكأس ضد اتحاد الحراش. كما دخل بلحوت تاريخ الكرة في شمال افريقيا بعد فوزه بكأسين على التوالي وفي بلدين مختلفين بعدما فاز بها العام الماضي في تونس مع نادي باجة على حساب الترجي.. تمكن من الفوز بكأس الجزائر أيضا. الأهداف تأتي مع النتائج... هي عادة ينفرد بها النادي الكناري، فلم يعبر الرئيس محند شريف حناشي يوما عن أهداف فريقه قبل بداية أي منافسة سواء محلية أو قارية وتصبح هذه المنافسة هدفا حسب النتائج الايجابية التي تتحقق فيها. فعندما يشعر باقترابه من مبتغاه يرمي بكل ثقله. وهو الأسلوب الذي ساهم كثيرا في تألق الشبيبة، حيث يتم العمل بشكل جدي وصارم دون أي ضغط على اللاعبين، ومن خلال أداء هذا الموسم اتضح أن الأهداف متمثلة في احتلال مركز مؤهل للمنافسات الدولية في الرابطة المحترفة الأولى، وكذلك الوصول إلى دور المجموعات من كأس الكاف الذي لم يتحمس حناشي للذهاب بعيدا فيه، لأنه يكلف حسبه خزينة النادي ما لا طاقة له به في الوقت الحالي، ولكنه أردف قائلا: إنه إذا حدث التأهل إلى دور المجموعات فإننا سنرمي بكل ثقلنا، لأن الأمر يتعلق بتشريف الجزائر، يؤكد حناشي. أما فيما يتعلق بانتدابات الموسم القادم، فإنها مرتبطة بمدى التقدم في المنافسة الافريقية، وهذا لخلق التوازن وتجنب الإرهاق من خلال اللعب على جبهتين. وما يمكن قوله عن استقرار مستوى شبيبة القبائل في جميع المواسم، هو أنها لا تنتهج مبدأ المغامرة والمضاربة على اللاعبين في سياستها التسييرية وإنما حسب متطلبات الفريق لكل موسم.