تملك قلما عربيا وفنّا قصصيا بأصالة واقتدار زهور ونيسي اسم صنع نفسه جزائريا وعربيا في الأدب والسياسة والثورة، يعتبرها البعض أيقونة من أيقونات بلد المليون ونصف شهيد، هي امرأة قيادية مجاهدة، أديبة ووزيرة، توّجت مسيرتها بحصولها على وسام الاستحقاق الوطني ووسام المقاومة. ولدت زهرة الجزائر في ديسمبر 1937، في مدينة قسنطينة شمال شرق البلاد هي تلميذة الشيخ عبد الحميد بن باديس ومروجة أفكاره الإصلاحية ودعوته لحماية اللغة العربية، حتى أنها رفضت أن تكتب بالفرنسية، اللغة الشائعة بين الكتاب المغاربة. تحصّلت على البكالوريوس الجامعي في الأدب والإنسانية والفلسفة، ودرست علم الاجتماع قبل أن تعمل في تدريس الإعلام. تمسكت الونيسي باللغة العربية لغة وثقافة لتعبر عن الثورة الجزائرية وقيم النضال الوطني التي عاشتها. انضمّت المعلّمة الشابة إلى ثورة التحرير الجزائرية، فكانت مدرسة البنات مسرحا لاندلاع معركة نسائية ضد الجهل وضد المستعمر. جابهت زهور ونيسي قرار غلق المدرسة من طرف الإدارة الاستعمارية، وتصدّت لهذا القرار مصمّمة على إكمال مهمتها، لتنضم إليها بنات المدرسة، اللاتي أمرتهنّ بتلاوة سورة (الشمس) لإيهام الضابط بأن المدرسة تشغل مهام الكتاتيب في تحفيظ القرآن. كتبت مجموعتها القصصية الأولى «الرصيف الناعم»، سنة 1967، وهي أول رواية لكاتبة جزائرية باللغة العربية.نالت هذه المجموعة القصصية الأولى إعجاب الناقدة والكاتبة المصرية الشهيرة «سهير القلماوي» ووصفتها ب «الثائرة التي ألهمتها الثورة سرُ الحياة». ووصفتها الناقدة والكاتبة د - عائشة عبد الرحمن في تقييمها لمجموعتها القصصية «على الشاطئ الآخر» الصادرة سنة 1974 بأنها «لا تملك قلمها العربي فحسب، وإنما تملك كذلك فنها القصصي بأصالة واقتدار»، ثم تلت هذه الإصدارات رواية أخرى تحت عنوان «من يوميات مدرسة حرة» سنة 1978، ورواية «لونجا والغول» الصادرة سنة 1996، ثم مجموعة قصصية أخرى «عجائز القمر» سنة 1996، و»روسيكادا» سنة 1999. ترأّست «زهور ونيسي» تحرير أول مجلة نسائية تُعنى بشؤون المرأة الجزائرية، لتكون بذلك أول إمرأة تترأس وتدير مجلة نسوية في الجزائر، كما ساهمت في تأسيس العديد من المؤسسات والهيئات والاتحادات. وكانت ونيسي في طليعة الاتحاد النسائي الجزائري وإتحاد الصحفيين الجزائريين واتحاد الكتاب، وعملت زهرة الجزائر خلال مسيرتها الإعلامية على تعريب الإعلام الجزائري. وسُجل اسم زهور ونيسي في القاموس الأدبي النرويجي الفرنسي ككاتبة مغاربية، وفي الموسوعة الأدبية بجامعة نيويورك. تقلّدت زهور ونيسي حقائب وزارية مختلفة في الحكومات الجزائرية لتكون أول امرأة جزائرية تشغل مثل هذه المناصب، وكانت أول وزيرة تشرف على قطاع الشؤون الاجتماعية سنة 1982 في حكومة محمد بن أحمد عبد الغني، وأول وزيرة للتربية الوطنية عام 1986، كما كانت عضوا في المجلس الشعبي الوطني في الفترة من 1977 إلى 1982. علقت زهور ونيسي عن تجربتها كونها وزيرة قائلة: «كانت تجربة رائعة جدا..قضيت فيها أجمل سنوات عمري..ولأن المسؤولية تكليف وليست تشريفا فأنا مقتنعة بأني عملت بكل جهد، وأعتقد أنّي نجحت بامتياز بدليل أنّي فتحت المجال لنساء أخريات نجحن بدورهن في تسيير وزارات مهمة».