تعرف أسعار سوق الذهب في الجزائر إلتهابا كبيرا في الأسعار في ظل الطلب العالمي الكبير المتزايد على المعدن النفيس، وتشهد أسواق الجزائر الشرعية والموازية غموضا كبيرا في تنظيم هذا النوع من التجارة التي تدر أموالا طائلة على الناشطين فيها في ظل صعوبة بسط السيطرة على تنظيم السوق وتطهيره من الذهب المغشوش الذي تفيد بعض المصادر بأنه فاق ال 10 أطنان في الأسواق الفوضوية التي تنتشر بالجزائر. ويشهد سعر الذهب أعلى مستوياته هذه السنة بسبب انجذاب المستثمرين إليه بعد الانخفاض المتواصل في سعر الدولار الأمريكي، حيث وصل سعر أوقية الذهب 1600 دولار شهر جويلية الجاري وهو الذي كان شهر مارس من السنة المنصرمة 1033 دولارا للأوقية. وكان مصطفى بن زرقة، المدير العام المسير للمؤسسة الوطنية لاستغلال مناجم الذهب قد أكد سابقا بأن كميات ضخمة من الذهب المغشوش يتم تداولها حاليا في السوق الجزائرية، موضحا بأن الكمية تتجاوز 10 أطنان من الذهب بقيمة تتجاوز 2147 مليار سنتيم سنويا وهي الكميات التي يتم إدخالها من تركيا وايطاليا وبعض الدول الأخرى المجاورة وهو ما يعكس وجود بارونات تهريب كبيرة وذات نفوذ واسع تحكم سيطرتها على السوق الوطنية وقد أدى تدهور سوق الذهب إلى توقف العديد من البائعين الشرعيين عن النشاط بعد أن تدهورت حالتهم التجارية كثيرا، فمعظم تجار الذهب، المتواجدين بقلب العاصمة، دقوا ناقوس الخطر من خلال حديثهم ل ڤالشعبڤ وطالبوا بضرورة ردع الغشاشين وإعادة الاعتبار لهذه الصناعة والتجارة . ولا تتعدى قيمة الذهب المغشوش 14 قيراطا ويسوق على أنه من نوعية 18 قيراطا، ويحتوي حسب ڤك.ع.ڤ أحد الشباب المختص في تجارة الذهب بوادي كنيس بالعاصمة، على كميات كبيرة من النحاس ويتم إضافة قليل من الذهب ومكونات أخرى ثم يسوق على أنه ذهب من النوعية الأولى وبالنظر إلى أسعاره التنافسية وفي ظل غلاء الذهب بالمتاجر، فالمواطن يجد فيه ضالته ولا يأبه بالنوعية طالما أن القدرة الشرائية متدهورة. أسواق ''وادي كنيس'' و''الأمير عبد القادر'' و''جامع اليهود'' توفر الأمن والأسعار المعقولة تسيطر على تجارة الذهب في الجزائر أسواق موازية فرضت نفسها بمرور الوقت وأصبحت تنشط جهارا نهارا وقرب مصالح الأمن شأنهم شأن أسواق ''السكوار'' للعملة الصعبة وعكس العادة تسيطر النساء على تجارة الذهب في السوق الموازي بالنظر إلى درايتهم الكبيرة بأسرار المعدن النفيس ويتحدث (ك. - ع. / 32 سنة) ل ''الشعب'' عن تجربة النساء الكبيرة في بيع وشراء الذهب بحكم العرف، فالنساء عموما وكان لهن دورا كبيرا في تلقيننا أسرار المهنة، فهولاء النسوة بمجرد إمساكهن لقطعة المجوهرات يعلمنك جميع التفاصيل، إن كان مطابقة للمعايير أو لا وحتى الأسعار يتحكمن فيها شأنهم شأن البورصات العالمية كما لهم دراية كبيرة بميزة الذهب القادم من مختلف دول العالم. وتدفع الحاجة الاجتماعية هؤلاء النسوة المتجمعات بالعشرات إلى ممارسة هذه المهنة التي تميزها أخطار كبيرة سواء من حيث مخالفتهن للقانون أو تعرضهن للإعتداءات وينقطعن جميعهن في تبرير تجارتهم بالظروف الاجتماعية الصعبة وما يخفى على الجميع هو أن هولاء النسوة ليسوا بالضرورة أصحاب السلعة، فمعظمهن يتاجرن بذهب هو ملك أصلا لأفراد آخرين وينلن عند البيع نصيبهن من الفائدة. وعن سر اختيار تلك الأماكن لممارسة تجارة الذهب هو قربها من بنوك التنمية المحلية التي تختص في قبول رهن الذهب، كما أن انتشار العديد من متاجر الذهب للتأكد من سلامة المنتوج فرضت على مختلف الناشطين التمركز في هذه المواقع، فمن وادي كنيس إلى قلب شارع العربي بن مهيدي ومدخل ڤجامع اليهودڤ تنتشر تجارة الذهب في العاصمة وأمام مرأى الجميع ولا تتصادف من سماع جمل تدلك على الناشطين وهيڤكاش ما نبيعولك أو كاش ما تبيعنا''. وتحدث لنا الشباب المنحدر من الأحياء الشعبية للعاصمة كبلكور والقصبة وباب الوادي عن التجربة التي اكتسبوها من النسوة الناشطات في هذا المجال حتى أصبحنا أسرة واحدة ونتكامل في عملنا ما وفر لنا نوعا من الراحة النفسية ومواجهة أخطار السرقة، فمختلف المناطق المذكورة لا مجال فيها للسرقة، لأن اللص سيكون محاصرا في ظل التضامن الكبير بين الناشطين الذين يتخوفون من فقدان الزبائن في حالة تعرضهم للسرقة أو الابتزاز . 4500 دج سعر الغرام في السوق الموازي يبلغ سعر الذهب في السوق الموازي هذه الأيام 4000 دج للغرام الواحد وهو سعر مرتفع نوعا ما، حيث كان قبل سنة لا يتجاوز 2500 دج ويرجع الناشطون الذين التقتهم ''الشعب'' بقلب شارع العربي بن مهيدي ارتفاع الأسعار في الأسواق العالمية وكثرة الطلب عليه، الى فترة الأعراس، ويضيف المتحدث، ارتفع الطلب بقوة حيث سجل هؤلاء الباعة طلبات كثيرة جعلت المادة الأولية غالية نوعا ما عما كانت عليه. وعند توجيهنا السؤال للبائعين عن الدمغة أكدوا بأن ليس في الأمر إشكالا، لكن علينا أن ندفع 140 دينارا عن كل غرام، وفي سياق متصل نصحنا هؤلاء باقتناء الذهب المختلط أو ڤالكاصيڤ بالعامية، إذا لسنا في حاجة إلى رهنه تجنبا للأسعار المرتفعة وللزبون الاختيار بين العرضين. ويذكر أن البائعين يعرضون على الزبون التأكد من صحة السلعة بالذهاب إلى الصائغين وإجراء التحاليل اللازمة، وبقدر ما جعل هؤلاء أصحاب المتاجر الشرعية في ورطة، إلا أنهم يتعاملون معهم ويجلبون لهم الكثير من الزبائن. ويقصد الأسواق الموازية الكثير من المواطنين الذين تظهر عليهم الحياة ميسورة من جهة للاستفادة من أسعار جيدة واقتناء أكبر قدر ممكن من المصوغات وقال لنا التجار غير الشرعيين بأن ''المواطنين يقبلون كثيرا على الشراء منا بينما عروض المواطن قلت بكثرة في ظل تشبث الجزائريين بالمصوغات بالنظر لما لها من مكانة مادية ومعنوية فكل فرد له قصة طويلة مع مصوغاته والذي يبيع حليه يصاب بحزن شديد ليس لقيمة الذهب ولكن للذكريات التي يفقدها بفقدان مصوغاته''. ويصل سعر الذهب في المتاجر التي تجولنا فيها في قلب العاصمة بين 5000 و6500 دج للغرام وهي أسعار باهضة جدا، حسب التجار الشرعيين، وناتجة عن العديد من العوامل أهمها نقص العرض وارتفاع الضرائب وغلاء المادة الأولية في الأسواق العالمية وهو يضعنا في مواقف صعبة، فصدقونا -كما يقول أحد الصائغين- إن هامش الربح تدنى كثيرا في ظل غلاء سعر الذهب والمواطن الذي يقصدنا يتألم كثيرا من هذه الوضعية المستمرة لأكثر من عام. وعن الأسعار دائما، فالخاتم البسيط لا ينزل تحت 7500 دينار وهو خفيف جدا ورغم ذلك، فالمواطن تجده يقبل على البضاعة القليلة الثمن بحجة تدهور مستواه وقدرته المعيشية، وعن سعر الأطقم، فيتراوح بين 10 مليون سنتيم فما فوق وهو ما يعكس غلاء المعدن النفيس في بلادنا. وانتشرت على مستوى متاجر الذهب ظاهرة بيع الذهب المستورد من الخارج، حيث يصل سعر الغرام الواحد 6000 دج ويعرف إقبالا كبيرا من قبل الشخصيات المرموقة ومختلف الهيئات الأجنبية، لأن هذا النوع من الذهب يقدم كهدايا لمختلف الشخصيات، كما أن غلاء هذا النوع من الذهب لم يمنع بعض الجزائريين من الطبقات الراقية الإقبال عليه بقوة في ظل قيمته وجودته المرتفعة جدا. وما لفت انتباهنا عند إجراء الاستطلاع هو العدد القليل من متاجر الوكالة الوطنية للمعادن الثمينة التي تمثل القطاع العمومي، حيث تبيع الغرام الواحد بحوالي 3500 دج وتشتري بسعر أقل الغرام الواحد من المواطن. الأسعار مرشحة للارتفاع أكثر في الفترة المقبلة يؤكد العارفين بأسرار سعر الذهب بأن الأسعار سترتفع إلى درجات قياسية بالنظر إلى تزامن الفترة المقبلة مع احتفالات رأس السنة الميلادية التي تعرف إقبالا كثيفا على اقتناء الهدايا من المعدن النفيس، وهو ما يجعل المادة الأولية ترتفع إلى درجات قياسية ما سيزيد من الطلب على هذه المادة. وتعاني السوق الجزائرية من عجز يقدر ب 10 أطنان، حيث تبلغ المواد المعروضة سنويا 5 أطنان، بينما الاحتياجات تصل حتى 15 طنا. وعليه، فسوق الذهب في بلادنا تحكمه الفوضى مثل القطاعات الأخرى وتنظيمه يتطلب إستراتيجية صارمة بإشراك المهنيين.