كان لقاءنا بعمي محمد بن خوجة صاحب ال 58 سنة والأب الروحي لمعرض الكتاب المستعمل “القديم” بالبريد المركزي وسط الجزائر العاصمة مقر هذا المعرض، إذ يقوم عمي محمد بالإشراف على المعرض والتنسيق بين بائعي الكتب، ويقول ل “الشعب” “أنا لست الرئيس هنا وإنما المسؤول المعنوي لهذا المكان، فنحن لسنا أشخاص جامعيين وما يجمعنا هو حب الكتاب وحب الجزائر”. وعن فكرة تأسيس مثل هذا المعرض، يضيف محدثنا أنه أراد خلق مكان خاص بالكتاب يلتقي فيه بائعو الكتب المستعملة بالمطالع والباحث عنها، مبينا أن هذا المكان لا تكون فيه أي نشاطات تجارية أخرى، كما هو الحال في الكثير من البلدان المتقدمة، على غرار فرنسا، التي تعد أحد البلدان السباقة في هذا المجال، حيث قامت بتطبيق هذه الفكرة منذ القرن الخامس عشر (15) تحت إشراف منظمة اليونسكو ( منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة). ولتجسيد الفكرة على أرض الواقع قال عمي محمد “قمنا بالتقرب من مصالح بلدية الجزائر الوسطى التي تجاوبت معنا بشكل فعال ومنحتنا الترخيص للقيام بهذا النشاط”، حيث يرتكز نشاط ذات المتحدث على شراء الكتب المستعملة وإعادة بيعها، والتموين بالكتب يتم بطريقتين إما أن يحضر عامة الناس كتبهم القديمة والتي تم مطالعتها عدة مرات لبيعها أو عن طريق قيام السيد بن خوجة بنشر إعلانات في الجرائد بحثا عن الكتب المستعملة مرفقا إياها برقم هاتفه لمن أراد البيع، حيث يتكفل بالتنقل بنفسه لشراء وجلب هذه الكتب. «أغلب زبائننا شباب ونساء” صرح لنا محدثنا أن أعمار زبائنه تتراوح بين 16 و80 سنة إلا أن أغلب المترددين على المعرض هم من فئة الشباب، إذ يعرف نشاطه حيوية أكثر خلال الموسم الجامعي، عكس العطلة الصيفية أين يشهد معرضه حركية أقل بسبب عودة الطلبة إلى ولاياتهم وذهاب العديد منهم في رحلات لقضاء العطلة، مصيفا أنه يتعامل مع الإناث أكثر من الذكور. أما الكتب التي تعرف إقبالا كبيرا من طرف زبائنه فهي كتب الفلسفة العربية، بالإضافة إلى الأدب المغاربي ككتب محمد ديب، مولود معمري ، ياسمينة خضرة وغيرهم، ومن ناحيته يحرص عمي محمد على توفير جميع أنواع الكتب، قائلا في هذا الصدد “ليس هناك نوع أحسن من آخر، فالتاريخ ليس أحسن من الطب، والفلسفة ليست أحسن من الأدب، فبالنسبة لي ليس هناك كتاب سيئ وإنما هناك فقط قراء سيؤون”، مضيفا “لكن وفي نفس الوقت أمنع بيع ثلاثة أنواع من الكتب: الكتب التي تمس بالوحدة الوطنية أو مبادئ الثورة الجزائرية والتي قامت عليها الدولة الجزائرية، بالإضافة إلى الكتب التي تختلف مع المبادئ الأساسية للإسلام”. «تأسيس جمعية مسعانا، نشر ثقافة القراءة أمنيتنا والأكشاك مطلبنا” نظرا للظروف التي يعمل فيها عمي محمد ورفقاؤه، طالب هذا الأخير بتسريع توفير الأكشاك التي سبق ووعدت بلدية الجزائر الوسطى بتوفيرها، للاحتماء بها من حر الشمس أو غزارة الأمطار، والتي بدورها تحمي الكتب من التلف الناجم عن تلك الظروف الطبيعية، ومن جهة أخرى فهي توفر عامل التنظيم، بحيث تسمح لهم بترتيب الكتب حسب التخصصات لتسهيل عملية البحث وفي هذا الصدد يقول عمي محمد “ هذا الأمر يصبح مستحيلا عند استعمالنا للطاولات لأننا نضطر مع نهاية كل يوم إلى جمع الكتب وإعادة ترتيبها في صباح اليوم الموالي”. وأنهى عمي محمد حديثه معنا بقوله” نتمنى أن يقوم كل رئيس بلدية بنفس الخطوة لتخصيص مكان للكتاب، حيث يصبح هذا النشاط منتشرا في جميع المدن والولايات الجزائرية وعلى مقربة من المواطن الجزائري، ليتم بعدها إنشاء جمعية وطنية لبائعي الكتب المستعملة تمكننا من الاحتكاك بالأجانب والاستفادة من تجاربهم السابقة، خاصة وأن الكتاب هو أساس نهضة الشعوب ورقي الحضارات”، كما أضاف “هناك فرق بين الشعوب التي تقرأ وغيرها من الشعوب، حيث أن الشعوب التي لا تقرأ لا تستطيع التمييز بين ما ينفعها وما يضرها”.