أبطال الطرائف الفكاهية في الحياة الإسلامية هم الخلفاء أنفسهم أو الشخصيات الظريفة التي كانت تحادثهم وتدخل أوساطهم الخاصة. وهذه الشخصيات وهبها اللّه سرعة البديهة والحساسية النقدية المرهفة التي تلتقط أحداث الحياة، فتتحول على يديها إلى طرائف فكاهية ولطائف باسمة. لا يسمح هذا الحيّز بالحديث عن الطرائف في حياة المسلمين، ولكن نقدّم هذه النماذج: 1 قيضت قريش طلحة بن عبيد اللّه إلى أبي بكر الصديق، فأتاه وهو في القوم فقال: يا أبا بكر قم إليّ، قال أبو بكر: إلام تدعوني؟ فقال طلحة: أدعوك إلى عبادة اللاّت والعزى، قال أبو بكر: من اللاّت؟ قال طلحة: نبات اللّه، قال أبو بكر: فمن أمّهم؟ سكت طلحة وقال لأصحابه: أجيبوا صاحبكم، فسكتوا فقال طلحة: قم يا أبا بكر إنّي أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وأشهد أن محمدا رسول اللّه ثم أتى النبي صلى اللّه عليه وسلم وأسلم على يديه؟! 2 كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يتفقّد أحوال المسلمين ليلا فإذا به يرى امرأة من الأنصار تحمل قربة ماء فسألها عن شأنها، فقالت أنّ لها عيالا وليس لها خادم وهي تخرج في الليل فتستقي لهم وتكره الخروج في النهار. حمل عمر القربة عنها إلى منزلها وقال لها: أغدي على عمر يعيّن لك خادما، قالت: لا أصل إليه، قال: إنّك ستجدينه إن شاء اللّه. في الصباح غدت على عمر فعرفت أنّه الرجل الذي حمل عنها القربة، فعادت في خجل وخوف شديد، أرسل في إثرها وأمر لها بخادم ونفقة؟! 3 كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يتفقّد أحوال المسلمين، فسمع غناء من أحد البيوت. صعد السور فرأى رجلا وامرأة يشربان الخمر، فقال عمر: يا عدو اللّه أرأيت أن يسترك اللّه وأنت على معصية؟ قال الرجل: يا أمير المؤمنين إن كنت أنا قد عصيت اللّه في واحدة فأنت عصيته في ثلاث، قال اللّه تعالى: ﴾ولاتجسّسوا﴿ وقد تجسّست، وقال تعالى: ﴾وآتوا البيوت من أبوابها﴿ وأنت تسوّرت عليّ، وقال تعالى: ﴾لاتدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلّموا على أهلها﴿ وأنت دخلت بغير سلام، فقال عمر: هل تعفو؟ قال: نعم وعليّ ألاّ أعود؟! 4 شتم رجل سكران أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، فرجع عنه فقالوا له: لماذا شتمك وتركته؟ قال: تركته لأنه أغضبني ولو غررته لكنت قد انتصرت لنفسي وأنا لا أحبّ ضرب مسلم لحمية نفسي؟!