برقيات التهاني الواردة من ملوك ورؤساء الدول الشقيقة والصديقة إلى الرئيس المنتخب عبد المجيد تبون، هي تأكيد على نجاح بلادنا في إدارة أزمتها بالكيفية النظامية والقانونية اللائقة وترجمة على أن الاستحقاق الذي جرى يوم 12 ديسمبر 2019، وفق الخصوصية الجزائرية، علامة سياسية مميزة ومسجلة للبلاد، التي تكفلت بانشغالاتها ورفضت إملاءات الآخر ووصفاته. هي بحسب هذا المعيار، تجربة ديمقراطية يمكن لمن يجابهون نفس الظروف الصعبة والتحديات، اتخاذها محطة للتغيير السلمي السلس دون البقاء أسرى الاضطرابات والفوضى. هذه الرسائل حملت مضامين ودلالات سياسية تؤكد على الروابط العريقة مع الجزائر وتحدد رؤية استشرافية لإعطاء دفع أكبر للشراكة في مجالات تستدعيها المرحلة، ويتطلبها الظرف وتشترطها المصلحة في محيط جيواستراتيجي متشابك تطبعه أزمات مركبة ونزاعات معقدة تحتم مثل هذا التعاون ترسيخا للسلم. مع كل هذا، تستمر أصوات في التعالي وتطبيق المثل السائر «خالف تُعرَف»، متنكرة للعرس الانتخابي الذي صنعه الجزائريون بالتصويت في هدوء والتزام على من اعتبروه الشخصية السياسية المناسبة للحكم ومن رأوا في برنامجه الانتخابي أمل التغيير والإصلاحات، للذهاب بالجزائر الى بر الأمان. تستمر هذه الاصوات في إدارة ظهرها للتغيير والكثير منها طالب به منذ بدء المسيرات السلمية في 22 فيفري الماضي، رافعا شعارات غالبيتها تجسدت في الميدان بمرافقة الجيش، العدالة ومؤسسات الدولة، التي وفرت كل شيء، دون نسيان السلطة المستقلة التي نجحت في رفع تحدي الاقتراع وجعله سابقة في التاريخ الوطني الراهن. أظهر الرئيس المنتخب نوايا صادقة في تجسيد التزاماته 54، التي تعطي إجابة عن الإصلاحات العميقة التي تعهد بها وتمس مختلف أوجه النظام السياسي وأجهزة مؤسسات الحكم، آخذا في الاعتبار آراء من نافسه في المعركة الانتخابية ومن يحمل مواقف معاكسة نقيضة، همّه التوصل إلى مشروع توافقي يبني الجزائر الجديدة. من هذه الزاوية، قال تبون بلغة جامعة وهو يعرّف بورشات التقويم والتجدّد، إن يده ممدودة للعمل مع من يريد خدمة الوطن ويساهم بروح مسؤولة في استكمال الدولة الوطنية المحتكمة إلى القاعدة المقدسة: «الأصالة والمعاصرة». مد يده لحوار جاد مع «الحراك» واعتبره أولوية في معركة مفتوحة على الفساد ولا تسامح مع من خان الأمانة ونقض العهد، ضاربا على وتر اللاءات الثلاثة: «لا تهميش لا إقصاء ولا انتقام». وهي خارطة طريق لإحداث القطيعة مع عهد مضى وصفحة جديدة تفتح في جزائر التغيير التي خرجت من أكبر مؤامرة حاولت استهداف عمق مؤسساتها الدستورية ومنظومتها الأمنية التي كانت على مرّ العقود الجدار الآمن من أي انزلاق أو تهديد.