تقاطعت الشهادات حول عظمة تضحيات المجاهد الرمز الملقب بأب النضال محمد بوضياف، الذي سخر حياته لخدمة وطنه قبل وبعد الاستقلال وقطع أشواطا شاقة من الصمود والعطاء مجاهدا ومخططا بارعا ضمن قيادات الثورة التحريرية المجيدة الذين كانوا ينبضون بالوطنية وتبنوا قضية تحرير الجزائر من براثين الاستعمار حتى الموت، وكشفت ذات الشهادات أن لجنة التحقيق حول اغتيال الرئيس السابق محمد بوضياف لم تتوصل إلى أي نتيجة ووصفت الجريمة بالسياسية وتم تنفيذها من طرف مافيا السياسة والمال. حملت شهادة المجاهد الطيب الثعالبي رفيق الرئيس السابق محمد بوضياف في ذكرى عودته العشرين إلى الجزائر وتقلده منصب رئيس الجمهورية الكثير من الخصوصية حيث لم يخف بان الرئيس المجاهد محمد بوضياف كان بعد الاستقلال في منفاه دائم التساؤل والتفكير في الجزائر يطلب من صديقه الحميم أن يقدم له كل المعلومات الصغيرة والكبيرة عن وضع الشعب والحالة الاجتماعية والاقتصادية وحتى عن المسئولين، وذهب المجاهد الطيب الثعالبي إلى أبعد من ذلك عندما أكد على هامش الندوة التاريخية التي نظمتها جمعية مشعل الشهيد أنه كان يقضي ليلته على سطح بيته بالقنيطرة يتمشى ، وهو مهموم بالجزائر دائم التفكير فيها يستفهم إن كان المسئولين في الجزائر على خلاف ويتألم لكل أمر يسيء أو يؤثر سلبيا على الجزائر، وتحدث المجاهد الطيب الثعالبي حتى عن رفضه لطلب بوضياف عندما عرض عليه أن يكون ضمن تشكيلة ديوانه عندما عاد رئيسا للجمهورية بتاريخ 16 جانفي 1992وحجته في ذلك أنه لم يكن يثق في بعض المحيطين ببوضياف رحمه الله. واستعرض المجاهد الثعالبي في شهادته مسار رجل لم ينضب يوما من النضال أو حب الوطن أي منذ كان احد البارزين في اللجنة الثورية للوحدة والعمل رفقة الشهيد البطل ديدوش مراد، وقال المجاهد الثعالبي أنه التقى بالمجاهد محمد بوضياف رحمه الله عندما رشحه الشهيد العربي بن مهيدي ليترأس المجموعة المتواجدة بالقاهرة وواصل المجاهد شهادته يقول دار بيني وبين بوضياف نقاش كبير عندما كنت استعد للتوجه إلى القاهرة وفي انتظار لمين حتى يحضر وأسافر رفقته ليزكيني حسب تعليمات بوضياف، لكن المجاهد والرئيس محمد بوضياف قرر في الأخير أن أبقى معه ولا أسافر وطمأنني أن بن مهيدي سيتدبر أمر من يسافر ويعوضني، أما أنا فابقى معهم لأنسق مع بن مهيدي ونستقبل التزود بالأسلحة وخلص ذات المجاهد إلى القول في هذا المقام أن بوضياف كان رجلا متميزا برصيد كبير. وبعد أن وقف المجاهد خلال استرجاعه لشريط ذاكرته على المقابلات التي خصهم بها ملك المغرب محمد الخامس تطرق إلى تلك الرسائل التي كان يتبادلها مع الراحل محمد بوضياف عندما كان في السجن عقب اختطاف طائرة القادة الجزائريين من طرف الاستعمار الفرنسي بواسطة المحامي محمد الشريف الذي أفاد أنه تم تعينه من طرف الملك محمد الخامس. وتناول المؤرخ والكاتب محمد عباس في مداخلته السيرة الذاتية للرئيس الراحل محمد بوضياف منذ ولادته بالمسيلة ودراسته القرآنية إلى غاية اشتغاله لدى محضر قضائي فرنسي في سن ال17 سنة وشعوره بالتميز عندما اكتشف أن هذا المحضر يمنح عامل يهودي ضعف راتبه لتبدأ رحلة نضاله السياسي وأدرك عقب أحداث مجازر الثامن ماي أن لغة الكفاح السياسي لن تثمر واقتنع أن الوسيلة الوحيدة لاستعادة الجزائر تكمن في الكفاح المسلح. وذكر المؤرخ محمد عباس أن الراحل محمد بوضياف يعد له الفضل رفقة المجموعة التي فجرت الثورة في تحويل فكرة الثورة إلى قرار وتجسيد قرار الثورة إلى فعل ترجم على ارض الواقع، ووقف عند أهم المحطات الثورية لبوضياف على غرار تقلده منصب مسؤول ثم توجهه إلى خارج الوطن في تطوان المغربية رفقة علال الثعالبي ولم يخف ان بوضياف ضحى بالقيادة خارج الوطن وانضم للإمداد بالسلاح ما بين اسبانيا والمغرب، وحتى عقب اختطافه رفقة قياديين في الثورة في حادثة قرصنة الطائرة في اكتوبر 1965دخل السجن ولم يستسلم عندما شن النضال عن طريق الإضراب عن الطعام. وسلط عباس الضوء على بطولات الرجل الذي عاش ومات مهموما بحب الجزائر عندما قال انه كان مسبلا ووطنيا لا يتردد لحظة في الغستجابة لنداء الوطن. وفي رده على سؤال يتعلق بإمكانية فتح تحقيق ثان في قضية اغتيال الرئيس الراحل محمد بوضياف على هامش الندوة التاريخية يعتقد الكاتب عباس أن المجتمع المدني وحده يقرر ذلك فإذا أراد تحريك تحقيق آخر قد يتسنى ذلك على اعتبار مثلما أشار أن لجنة التحقيق لم تصل إلى نتيجة وحملت الجريمة إلى المافيا السياسية والمالية، ولم يخف عباس أن ابن الراحل الرئيس محمد بوضياف كشف عن نيته وعن مبادرة جمع التوقيعات لفتح تحقيق ثان.