تستعد الأسر الجزائرية على غرار باقي الأمة الإسلامية للاحتفال بالمولد النبوي الشريف لكن المثير للاهتمام طريقة الاحتفال بهذا الحدث الإسلامي فبدل الاستعداد الروحي لدراسة والاستفادة من السيرة النبوية تتجه القلوب والأنظار نحو الأسواق الشعبية و ما تحمله من أسلحة حقيقية بالنظر للأشكال و الأنواع المطروحة للبيع. إنها وضعية رصدتها «الشعب» في جولة استطلاعية بأسواق العاصمة التي عجت بمختلف أنواع المفرقعات والألعاب النارية التي تحمل أسماء رجال سياسة كثيرين وقادة زادت من تلهف اقتنائها بأغلى الأثمان رغم ما تحمله من خطورة على صحة مستعمليها والمواطنين. وهل يكفي التذكير بالماسي التي تحدث مع كل موسم مولد نبوي في هذا الشأن. ويبدو جليا أن العادات التي عهدها آباؤنا و أجدادنا في المساجد سابقا أين كانت تقام المواعظ و مسابقات قراءة و حفظ القرآن ودروس التذكير بالسيرة النبوية، قد هجرها الكثير سيما لدى الشباب و الأطفال إلا أن الأكلات التقليدية الخاصة بالمناسبة كالرشتة بالدجاج و البركوكس والكسكس والطمينة و عملية الختان للأطفال لازال متشبث بها حسب ما أكدته الحاجة عائشة التي التقيناها بساحة الشهداء . ومع اقتراب هذه المناسبة ازداد عدد تجار الأرصفة بباب الوادي وساحة الشهداء و باش جراح و الحراش وغيرها ...، و كلهم يتنافسون على عرض آخر ما أنتجته سوق المفرقعات و الألعاب النارية وبأثمان مرتفعة جدا. هذا كله رغم محاولات قوات الأمن والجمارك حجز ما يمكن حجزه إلا أن الظاهرة في استفحال والضحية هو الطفل بالنظر للسلوكات اللاحضارية في استعمالها و الفقير الذي كان من الممكن أن يستفيد من مبالغها. «عليلو» كما يحلو لأصدقائه مناداته وجدناه في قمة النشاط وهو يعرض سلعته وأثار فضولنا التفاف الناس و الأطفال حوله، مشدودي الانتباه إلى الشروحات التي يقدمها و أسعار كل نوع على اختلاف مسمياتها «الشيطانة» و«بن لادن» و«القذافي» وغيرها ما بين 1700 إلى 5000 دينار جزائري الذي يؤكد كثرة الإقبال عليها نظرا لما تحدثه من انفجارات متتالية وقوية. وبدوره قال جمال ذو ال 25 سنة الذي ترك بيع الأحذية ليتحول إلى بيع المفرقعات طوال شهر: أن الاحتفال بالمولد النبوي مناسبة مهمة لتحقيق الربح الوفير نظرا لرواج هذه التجارة و ارتفاع مداخليها و كثرة الطلب عليها، وهو ما ينذر باحتفالات نارية ككل سنة. وعن مصدر هذه المفرقعات امتنع كل من تحدثنا معه عن الإدلاء بمكان أو اسم ممونه من هذه المواد، مشيرين فقط إلى شرائها من تجار بجامع اليهود. وفيما تعلق بأضرارها يقول «موحا» من باش جراح أن هذه المفرقعات خطيرة جدا سيما على الأطفال إلا أن البطالة هي من دفعت بهم إلى بيعها ، مشيرا الى ان الأولياء يتحملون المسؤولية أيضا. وتتسبب المفرقعات بالنظر للمواد المستعملة فيها والشموع كل سنة في سقوط عدد كبير من الضحايا، فكثيرا ما تسجل مصالح الحماية المدنية آلاف التدخلات ومساعدة الجرحى والمصابين، وهناك من وصل إلى أقسام الاستعجالات بالمستشفيات وهو فاقد لأحد أصابعه أو عينه أو صمم بإذنه أو حروق غيرت فيما بعد مجرى حياته بعد خروجه بعاهة مستديمة من هذه الاحتفالات. في الوقت الذي كشفت فيه وحدات الدرك الوطني لحصيلة حجز المفرقعات خلال الأشهر الأخيرة لسنة 2011 في إطار الحفاظ على أمن وسلامة الأشخاص ومكافحة التجارة غير الشرعية عبر مختلف الولايات بحجز 1155043 مفرقعة، أثناء مراقبة شبكة الطرقات وعلى مستوى نقاط التفتيش والمراقبة سواء على متن سيارات خاصة، أو سيارات تجارية، وحتى على متن الحافلات و القطارات، بالإضافة إلى حجز كميات أخرى من المفرقعات أثناء تفتيش مخازن أو محلات تجارية. وتأتي في المرتبة الأولى ولاية سطيف حيث تم حجز 414,271 مفرقعة ثم ولاية سيدي بلعباس 298,236 مفرقعة، في حين بلغت المحجوزات خلال جانفي 2012على مستوى نقاط التفتيش والمراقبة بكل من بجايةسطيفالأغواطباتنةجيجلوالوادي 148362 مفرقعة و500 لعبة نجوم. ويبقى الأمل في أن تمر هذه المناسبة على خير دون أضرار أو ضحايا سيما وسط الأطفال و هو الأمر الذي لن يتحقق إلا بيقظة الأولياء.