لا تزال الاحتجاجات، التي تحولت في بعض المناطق إلى أعمال نهب وحرق للمنشآت الحكومية والتجارية، متواصلة بالعديد من المدن الأمريكية رغم فرض حظر للتجول ونشر مزيد من رجال الشرطة والحرس الوطني. تشهد العاصمة واشنطن وعشرات المدن الأمريكية الأخرى لليوم السابع احتجاجات على مقتل الشاب الأميركي الأسود جورج فلويد، في مدينة مينيابوليس بولاية مينيسوتا شمالي البلاد، في أحداث وصفتها صحيفة وول ستريت جورنال بأنها أسوأ اضطرابات مدنية منذ عقود في الولاياتالمتحدة. وخلال أسبوع من الاحتجاجات والصدامات التي تشهدها أغلب المدن الأميركية، قتل ما لا يقل عن 5 أشخاص، واحتجز نحو 4 آلاف، وأكدت مصادر إعلامية، أن أغلب الوفيات حصلت في مدينتي ديترويت وإنديانابوليس، ونفت قيادة الشرطة تورط أي من أفرادها في هذه الحوادث. وقال مايكل هيويت المتحدث باسم شرطة إنديانابوليس، في تصريح صحفي، إن «سبب هذه الوفيات لم يتضح بعد». وأضاف «ما من سبيل لربط هذه الوفيات، في الوقت الحالي، بأي نوع من الاحتجاجات أو أي شيء، نحن لا نعرف ما إذا كانت حوادث منفصلة أم لا». وكان عشرات الآلاف من المتظاهرين خرجوا إلى الشوارع في أنحاء البلاد، الأحد، حيث طغت الاضطرابات، من فيلادلفيا إلى لوس أنجلوس، على المظاهرات السلمية ضد قتل الشرطة للسود. وتجمع مئات المحتجين حول البيت الأبيض في العاصمة واشنطن، منذ مساء السبت، مرددين شعارات مثل «العدالة لفلويد» و»لا سلام بدون عدالة»، و»لا أستطيع التنفس» و»حياة السود مهمة». وانتشر الآلاف من جنود الحرس الوطني وفرضوا حظر التجول في واشنطن وأغلقوا أنظمة النقل الجماعي لإبطاء تحركات المتظاهرين، لكن ذلك لم يفعل الكثير لمنع الفوضى في العديد من المدن. توسع الاحتجاجات وقد اتسع نطاق الاحتجاجات منذ أيام في ولايات أمريكية عدة، وشهدت مدن أمريكية حظرا للتجول، من بينها لوس أنجلوس وفيلادلفيا وأتلانتا، في حين نشر الحرس الوطني الأمريكي خمسة آلاف عنصر من قواته ومن القوات الجوية في 15 ولاية، إضافة إلى العاصمة واشنطن. واتهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حركة «أنتيفا» اليسارية المناهضة للفاشية بالوقوف خلف الاحتجاجات، مؤكدا أنه سيصنفها «منظمة إرهابية». وترتبط عودة نشاط حركة «أنتيفا» في الولاياتالمتحدة بأحداث وقعت إثر وصول ترامب إلى الرئاسة، بعدما كانت خامدة لسنوات طويلة. من جانبه، أفاد وزير العدل الأمريكي وليام بار بأن العنف الذي حرضت عليه وقامت به جماعة «أنتيفا» وجماعات أخرى مماثلة يعد «إرهابا داخليا، وسيتم التعامل معه بناء على هذا الأساس». وقال بار إن «العناصر الراديكالية العنيفة اختطفت أصوات الاحتجاجات السلمية المشروعة»، وإن «مجموعات من المتطرفين والمحرضين الخارجيين تستغل الوضع للعمل على أجندتها المنفصلة والعنيفة والمتطرفة». محاولة دهس وأمس الأول، حاولت شاحنة صهريج شقّ طريقها بالقوّة بين موكب يضمّ آلاف المتظاهرين على جسر في وسط مينيابوليس في مينيسوتا، وهو الأمر الذي استدعى تدخّل عدد كبير من عناصر الشرطة. وقالت الشرطة المحلّية في بيان إنّه لم تُسجَّل على الأرجح إصابات في صفوف المتظاهرين، واصفة ما حصل بأنّه واقعة «مزعجة جدّاً». وأصيب سائق الشاحنة بجروح لكنّ حياته ليست في خطر، وقد نُقل إلى المستشفى ومن ثمّ تمّ اعتقاله. وقال حاكم ولاية مينيسوتا تيم وولز في مؤتمر صحفي إنّ السائق سيُواجه ملاحقات جنائيّة. وأضاف «حتّى هذه الساعة، لا نعرف دوافعه»، مقرّاً بأنّ الوضع كان يمكن أن يكون دراماتيكيّاً. دعوة للهدوء من جانبه، دعا المرشح الرئاسي الأميركي جو بايدن المحتجين لعدم اللجوء إلى العنف احتجاجا على «وحشية» ممارسات الشرطة. وقال بايدن في بيان له إن «الاحتجاج على ممارسات وحشية كهذه أمر صائب وضروري، لكن الإحراق وإحداث تدمير لا طائل من ورائهما، نحن أمة تتألم، لكن يجب ألا ندع هذا الألم يدمرنا». كما قالت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي إن ما شوهد في فيديو توقيف جورج فلويد كان عملية قتل وإعدام على الهواء، مشيرة إلى أن أفراد الشرطة الآخرين الظاهرين في الفيديو كانوا سيُعتبرون في ظروف مختلفة متواطئين في الجريمة. وأعربت بيلوسي عن قلقها من توجيه تهمة القتل من الدرجة الثالثة للشرطي المتورط. مظاهرات للتضامن مع المحتجين احتج مئات الأشخاص في لندنوبرلين وساو باولو بالبرازيل و كندا تضامنا مع المتظاهرين في الولاياتالمتحدة على مقتل المواطن الأمريكي جورج فلويد. وتحدى المتظاهرون من سكان لندن تدابير الإغلاق المرتبطة بفيروس كورونا المستجد، ونظّموا مسيرة احتجاجية أمام السفارة الأميركية الأحد. ووصف وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب المشاهد المصورة لواقعة مقتل فلويد بأنها «مؤلمة للغاية». لكنه امتنع عن التعليق على تغريدات وتصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب المثيرة للجدل حول الاحتجاجات في الولاياتالمتحدة. وفي ألمانيا، نظّم المئات تظاهرة أمام السفارة الأمريكية في برلين تنديدا بمقتل فلويد. كما شهدت ساو باولو البرازيلية صدامات بين الشرطة وعشرات الناشطين المنددين بالعنصرية و»الحكم الفاشي» في العالم، وتعبيرا عن رفضهم لسياسة الرئيس جايير بولسونارو.