حمل حضور رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات محمد شرفي إلى ولاية بومرداس لإعطاء إشارة انطلاق عملية المراجعة الاستثنائية للقوائم الانتخابية المتعلقة بالاستفتاء على الدستور في يومها الأول أكثر من دلالة بالنظر إلى ما يمثله من دعم معنوي للمواطن وفئة الشباب بالخصوص الذين ارتبطت بهم ظاهرة العزوف عن المشاركة في المواعيد الانتخابية وعدم الاهتمام بما يجري حولهم لأسباب ربطها الكثير من المتابعين والمختصين الاجتماعيين بمشكل «أزمة الثقة» العميقة التي هيمنت على الفكر الجمعي وأصابت علاقة الحاكم بالمحكوم في الصميم ولم يعد خطاب السياسيين وممثلي الأحزاب يجدي نفعا حسب رأي الأغلبية ما يعني ضرورة تبني خطاب جديد مقنع لاستمالة أكبر عدد من الأتباع. نقطة ثانية مهمة في هذه الخطوة وهي أهمية الوعاء الانتخابي بولاية بومرداس الذي يقدر ب526 ألف مسجل في القوائم الانتخابية خلال آخر انتخابات رئاسية لسنة 2019 مقابل مشاركة ضعيفة في كل الاستحقاقات فسرها البعض باستمرار نفس الخطاب من قبل الطبقة السياسية المحلية وضعف القدرة الاقناعية وغياب البدائل التي يتطلع إليها المواطن لتحسين وضعيته الاجتماعية، والدليل هو انسحاب شبه تام لممثلي الأحزاب على المشهد.. وبالتالي أصبح حضور أو غياب منتخبي الشعب من عدمه سواء في نظر هذا الأخير الذي تحولت قبلته من البلدية إلى الدائرة لطرح الانشغالات والمطالبة بمشاريع التنمية المحلية وتحسين الظروف المعيشية بعدما ارتفعت مظاهر العجز في درجة الحضور المنتخبين والتعبير صراحة عن قصورهم في معالجة الشأن المحلي وإدارة الملفات الحساسة القريبة من المواطن أقلها الوقوف متفرجين أمام أكوام النفايات التي تغزوا شوارع الأحياء والمدن حسب التعليقات اليومية التي تحملها صفحات الفضاء الأزرق. وقد كان خطاب شرفي واضحا وهو «يدغدغ» أحاسيس الإطارات الشابة من تقنيين ومهندسين الذين رفعوا التحدي سريعا والتحكم في التطبيق الالكتروني الجديد الذي أعدته السلطة الوطنية المستقلة في وقت قصير من اجل تسهيل مهمة التسجيل والشطب بالنسبة للمواطنين الذين غيروا من أماكن إقامتهم وعدم تحميل أنفسهم عناء التنقل إلى مكاتب الانتخابات بالبلديات، وهي إشارة واضحة على مكانة فئة الشباب في التوجه السياسي المستجد للجزائر الجديدة في الدستور الجديد الذي لا يمكن تجاهل حضوره ومشاركته في صنع مستقبله والمساهمة فيه بقوة وعدم تركه فريسة لقوارب الموت التي صنعت الحدث مؤخرا بولاية بومرداس وحدها التي تحمل خصوصيات كثيرة وتركة سوداء من سوء التسيير والإرث المشؤوم للعشرية السوداء. وشكلت الخطوة أيضا حسب رئيس السلطة الوطنية للانتخابات «مبدأ ضمان» لمحاربة أشكال الغش والتزوير المحتمل التي شابت المواعيد السابقة ورسمت صورة سلبية في أذهان المواطن، وهذا انطلاقا من عملية حصر وتدقيق الكتلة الانتخابية الوطنية التي ظلت محل صراع طويل مع أحزاب المعارضة إلى عملية التصويت ورفع التقارير ومحاضر الفرز بفضل التطبيق الالكتروني ورقمنة مصالح السلطة ومندوبياتها الولائية. قناعة أخرى ورسالة ضمنية تريد إقناع المواطن أن الخطاب الجديد لم يعد يستند إلى الركائز الهشة للأحزاب التقليدية التي استهلكت كل وقتها وخطابها الممل والفارغ، والاتجاه نحوشريك جديد شاب وطموح اثبت قدرة على إدارة الأزمات بخطاب فعال وعملي وهي فعاليات المجتمع المدني والجمعيات التضامنية وجمعيات الأحياء والقرى بما فيها غير المعتمدة التي وقفت الى جانب المواطن والعائلات المتضررة من محنة كورونا وقدمت له كل ما تملك حتى الكلمة الطيبة عن طريق حملات التحسيس والتوعية لرفع المعنويات في وقت الشدة، في وقت وقف فيه ممثلوا الطبقة السياسية متفرجين على هامش التاريخ.