عزّز مشروع تعديل الدستور حرية الصحافة وضمنها للممارسة الإعلامية، حيث نصت المادة 54 منه على أن حرية الصحافة، المكتوبة والسمعية البصرية والإلكترونية مضمونة، آخذا بعين الاعتبار مستجدات الساحة الإعلامية من صحافة إلكترونية. جاء في مشروع تعديل الدستور أن حرية الصحافة تتضمن على وجه الخصوص حرية تعبير وإبداع الصحفيين ومتعاوني الصحافة، ويملك الصحفي حق الوصول إلى مصادر المعلومات في إطار احترام القانون، والحق في احماية والاستقلالية والسر المهني، وإنشاء الصحف والنشريات بمجرد التصريح، والقنوات التلفزيونية والإذاعية والمواقع والصحف الإلكترونية ضمن شروط يحددها القانون. بالمقابل عليه احترام ثوابت الآمة وقيمها الدينية،الأخلاقية والثقافية، عندما يتعلق بنشر الأخبار والأفكار والصور والآراء في إطار القانون، ومنع استعمال حرية الصحافة للمساس بكرامة الغير وحرياتهم وحقوقهم، حسب المادة 54 التي حظرت نشر خطاب التمييز والكراهية لتتماشى وما يعرفه المجتمع الجزائري من تغيرات خاصة بعد حراك 22 فيفري، كما لا يمكن أن تخضع جنحة الصحافة لعقوبة سالبة للحرية. ومنح مشروع تعديل الدستور ضمانا جديدا للصحفيين حسب نفس المادة يتمثل في منع توقيف نشاط الصحف والنشريات والقنوات التلفزيونية والإذاعية والمواقع والصحف الإلكترونية إلا بمقتضى قرار قضائي. هويلي: ضمانات أكثر صلابة وعن المكاسب التي جاء بها مشروع تعديل الدستور أكد المدير التنفيذي مسؤول النشر لشبكة «أخبار الوطن» رياض هويلي أن دسترة حرية التعبير في مشروع تعديل الدستور دليل على أن الممارسة الإعلامية أصبحت مضمونة بقوة الدستور القانون الأول في البلاد. وكشف هويلي أن بلوغ هذا المستوى من حرية التعبير والممارسة الصحفية وكل ما يتعلق بنشاط المهنة ما يكرس ممارسات جديدة وضمانات أكثر صلابة في الممارسة الإعلامية للبلاد، بل هو نتاج نضال الأسرة الإعلامية ومطالبتها الدائمة بحماية وضمانات أكبر للممارسة الإعلامية منذ ستينيات القرن الماضي. وحسب المتحدث جاءت المادة 54 من مشروع تعديل الدستور، بمثابة استجابة لها واستخلاص لدروس سابقة ومحطات مرت بها الأسرة الإعلامية كان من بينها نزوع بعض الأطراف إلى الضغط على الصحفيين، واستيلائهم على مساحات حرية التعبير، استخلاص لدروس كثيرة وتجارب ومحطات مرت على الأسرة الإعلامية، كاشفا أن مساحات حرية التعبير مضمونة بقوة الدستور وليس بقوة القانون فقط. وأوضح هويلي، أن المهنيين في انتظار تجسيد هذه النصوص الدستورية بمجموعة قوانين، كقانون الإعلام، القانون العضوي للإشهار، قانون عضوي لصبر الآراء، قانون السمعي البصري، وأيضا القانون العضوي للصحفي الذي يحتاج إلى مراجعة لتطهير القطاع من الدخلاء، بتحديد الخطوات العملية القانونية التي تنظم المهنة من حيث التشريع والقوانين المؤطرة والآليات المراقبة الضابطة للمهنة. وأكد في نفس السياق أهمية العامل البشري، لمنع تواجد الدخلاء على المهنة، فكما لا يمكن لأي كان أن يكون طبيبا أو محاميا لا يمكن لأي كان أن يصبح صحفيا، وإذا أراد ذلك عليه أن يخضع للشروط والضوابط المنصوص عليها التي تحدد من يمارس المهنة من غيره. بوخدشة: فرصة كبيرة لتطوير أداء الاعلام من جهته، يرى رياض بوخدشة رئيس المجلس الوطني للصحفيين الجزائريين، أن المشكلة ليست في النصوص في حد ذاتها وإنما في تطبيقها، قائلا :» إنه إذا ما تم احترام الدستور فإننا بلا شك أمام فرصة كبيرة جدا لتطوير أداء الاعلام الوطني واسترجاع كرامة الصحفيين وتأهيلهم للمستوى الذي يجعل منهم على خط المساهمة القوية في الدفاع عن مصالح البلاد وتقديم خدمة عمومية حقيقية للمواطنين. وتساءل بوخدشة، عما سيقدّمه الدستور الجديد والقوانين في ظل الجزائر الجديدة للصحافة والإعلام من الناحية الشكلية، أما من ناحية المضمون فيمكن الحديث بوجود مكاسب جديدة في هذا المشروع التمهيدي لتعديل الدستور، ومنها منع غلق أي مؤسسة إعلامية إلا بقرار قضائي. وحسب رئيس المجلس الوطني للصحفيين الجزائريين، فإن هذا الإجراء ذو فائدة إذا تم تنصيب هيئات الضبط المختلفة وتكون هذه الهيئات المنظم الأول للعملية الإعلامية الساهر على وقف أي انحراف أو مساس بأخلاق وآداب مهنة الصحافة، قبل اللجوء إلى القضاء الذي سيكون آخر إجراء يمكن اللجوء إليه بعد استنفاد الزجر والردع الذي يمكن أن تقوم به هيئات الضبط. وعموما اعتبر بوخدشة، أن النصوص القانونية توفر الحد الأدنى الضروري لتحقيق صحافة وطنية محترفة، ويبقى الأمر معلقا على ما سيصدر لاحقا من قوانين تفسر مفاهيم الدستور وتوضح كيفية تطبيقها وهذا طبعا في إطار القانون المتعلق بالإعلام والذي هو من ضمن القوانين ذات الأولوية في المراجعات المرتقبة عقب التصويت على الدستور.