ما يجري في الولاياتالمتحدة هذه الأيام مثير على أكثر من صعيد. مثير أولا، لأن واحدة من أكبر الديمقراطيات في الدنيا يجري الحديث فيها من قبل الرئيس المنتهية عهدته عن تزوير انتخابي واسع النطاق، وأن آليات عمل النظام السياسي الأمريكي تبدو بطيئة في التوصل للقول الفصل في نتائج الانتخابات. ومثير ثانيا، لأن وسائل الإعلام، صحافة وتلفزيونات ومواقع وشبكات، متهمة ب»الفصل» في نتائج الانتخابات وبالتأثير فيها أكثر من الناخبين، ذلك ما يزعمه على الأقل الرئيس ترمب، وهو ما يعني ويقترح أن هناك قوى أخرى غير قوى المصالح لها نفوذ مؤثر في توجهات الرأي العام وفي فرض نتيجة انتخابية قبل الجهات الرسمية المنظمة لها. ومثير للانتباه أخيرا، في ما انبعث من انطباعات عن حال النظام السياسي الأمريكي وما صار ينتجه من أزمات، خاصة إذا ربطنا ذلك بتراجع نسبي للدور الأمريكي استراتيجيا واقتصاديا وانكفاؤها على نفسها. تراجع «الفعالية» السياسية للديمقراطية الأمريكية ظاهرة صارت في حاجة للكثير من الدراسة والبحث، لأن ذلك لا يمكن أن لا يكون له أثر على مكانتها المعنوية، خاصة إن تذكرنا وقوف هذا النظام داعما لأنظمة أقل ما يقال عنها أنها قليلة الحرية والديمقراطية ودعمه الظلم والطغيان والوقوف في وجه حقوق الكثير من الشعوب وظلمه لبلدان وشعوب كثيرة بسبب مواقف إيديولوجية أو مصلحية. طبعا، الأمر ليس جديدا تماما، فالكثير من السياسات الأمريكية كانت خاضعة لاعتبارات مصلحية، خاصة حسابات اللوبيهات من اللوبي الصهيوني إلى لوبيهات كبريات الشركات الكبرى، كما نذكر الانقلابات التي كانت أجهزة الأمن الأمريكية تقوم بها أو تتهم بالقيام بها أو تبررها ووقوفها في صف الانقلابيين والطغاة، ولكن ما حدث أثناء حكم الرئيس ترمب تجاوز كل الذي سبق. فهو لم يعد يكترث حتى لأبسط المرجعيات التي كانت هي مرجعيات الدولة الأمريكية، ومنها نشر الديمقراطية والحرية. ويبقى أن «أزمة الانتخابات» والفصل في نتائجها أمر مثير أكثر من غيره. لم يكن أحد يتصور أن يتهم مرشح، خاصة وأنه هو الرئيس المنتهية عهدته، النظام الانتخابي بأنه غير عادل وغير فعال بل ومعرض للتلاعب من قبل طرف سياسي.