قامت ''الشعب'' بجولة استطلاعية في العاصمة للتعرف على كيفية تمضية العاصميين لأيام رمضان واكتشفت سلوكات متناقضة تعكس مدى التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي يمر بها المجتمع الجزائري والتغيرات الكبيرة التي طرأت على العلاقات الاجتماعية والتعامل مع مختلف المواسم والأعياد ويتقاطع الجزائريون الذين تحدثنا معهم في هدف واحد هو تفادي أوقات الازدحام وكثرة الحديث وعدم التجول كثيرا تحت أشعة الشمس وغيرها من الأمور التي تتعب الصائم. وفضل الكثيرون الذين التقيناهم أخذ العطلة السنوية في رمضان للتفرغ للشهر الكريم، والتخلص من متاعب العاصمة التي أصبحت لا تطاق في ظل مشاكل الازدحام والسلوك العنيف والضغط. كشف ''حسان.ب'' يقطن بباب الزوار وموظف في قطاع الصحة عن أيامه في رمضان حيث قال ''تعودت على أخذ عطلتي السنوية في الشهر الكريم لأني اسهر كثيرا وأتخوف من عدم النهوض صباحا، ففي السنوات الماضية عكس هذه السنة كنت أنهض متأخرا جدا، حتى أتخلص من ضغط السجائر، فأنا بحكم أني مدمن على التدخين يسيطر علي التوتر خاصة في الأسبوع الأول.'' وأضاف المتحدث أنه يلجأ لقراءة كل الجرائد التي يصادفها من أجل تمضية الوقت والتقليل من أثر الصيام، كما أنه يلجأ للتسوق في بعض الأحيان خاصة في الفترة المسائية حيث تنخفض درجة الحرارة. وقال حسان المعروف بحييه بتقديم خدمات لكل محتاج في قطاع الصحة أنه يتلهف لسماع أخبار الوفاق السطايفي ويدخل في جدل مع أبناء حيه حول بطولة الموسم الجديد. وبالمقابل اشتكى ''مكيرة/ح28 '' سنة، مصرح جمركي من صعوبة النهوض باكرا بسبب السهر فأمام تأخر صلاة العشاء والتراويح يجد الفرد نفسه في منتصف الليل ومع بعض السمر مع أبناء الحي تجد نفسك مجبرا على انتظار السحور للنوم وبحكم عملي كمصرح جمركي فكل الأعمال يجب أن أستكملها مبكرا للتمكن من تسليم الحاويات للمستوردين، في وقت مبكر ففي شهر رمضان يزداد الضغط علينا لرغبة كل مستورد في بيع سلعه في الشهر الكريم الذي يدر عليهم أموالا طائلة. وأكد المتحدث أنه اهتدى لشراء دراجة نارية لتسهيل عملية التنقل في العاصمة بين حيدرة والرويبة والحميز وعين طاية لأن السيارة تجعله يضيع الكثير من الوقت، وقال بان التعب يعتبر عدوه الأول لإكمال نهار رمضان، موضحا بان قراءة الجرائد وخاصة الرياضية ومشاهدة التلفاز عوامل لتمضية الوقت. واصطدمنا ب ''الهادي.ت'' تاجر مواد غذائية بالسكالة- الأبيار- الذي صرح لنا بان شهر رمضان يجعله وكأنه في غرفة إنعاش، ''الإدمان على التدخين يجعلني منهارا وهو ما يجعلني أنام إلى ساعات متأخرة من النهار ولا تعود إلي الروح إلا بعد الإفطار فبعد أخذ سيجارة وفنجان قهوة أصبح بشرا''، مضيفا ''للأسف هذا هو واقعي ولسنوات طويلة، ولم استطع التخلص من هذه العادات التي لا تمت بصلة للصيام، ولكن ظروفي أقوى.'' أجر الصيام يجعلنا نصبر.. كشف الصحفي ''ط/عبد الرزاق'' من جريدة ''صوت الأحرار'' عن صعوبة العمل الصحفي في شهر رمضان في ظل نقص مصادر المعلومات، فالظروف المناخية لا تساعد كثيرا على النشاط، ويبقى المكيف الهوائي عزاؤنا الوحيد، فتزويد المؤسسات بالمكيفات أمر ايجابي. وقال عبد الرزاق ان رمضان يتميز بطقوس خاصة جدا يغلب عليها قراءة القرآن والإكثار من الصلوات، مؤكدا أن أكثر ما يؤرقه هو النهوض باكرا بسبب تقارب انتهاء مواعيد صلاة التراويح مع موعد السحور وهو ما يجعل النوم بانتظام صعبا للغاية غير أنه اعتبر الأمر مقبولا لأنه يتعلق بالعبادة، فالصبر خصلة جميلة يمكن ان نسترجعها مع هذا الشهر الكريم. ووقفت ''الشعب'' عند مرورها بشارع العربي بن مهيدي وشارع العقيد عميروش وديدوش مراد على انتشار رهيب للمكيفات الهوائية وكثرة استعمالها حتى أصبح الفرد عرضة للمياه التي تنتجها المكيفات على الأرصفة المحاذية للمؤسسات والهيئات العمومية وهو ما يعكس الطلب المكثف على الطاقة الكهربائية، فالجميع يؤكد الاستعمال المكثف لها وضبطها على درجات حرارة منخفضة وهو ما ولد أزمة الطاقة. وتحدث ''ب/كمال38 '' سنة مهندس دولة بمكتب دراسات بالينابيع ببئر مراد رايس عن انشغاله بالعبادة والعمل معترفا بأثر الصيام ''ولكن السعي وراء الأجر يجعلنا نصبر لأن شهر رمضان يأتي مرة في السنة والإنسان مطالب بالترفع عن الماديات.'' وعن يومياته في المنزل أكد مساعدته لوالدته في تحضير الوجبات لأنها مريضة بالسكري ولا يوجد من يساعدها، وبالتالي فأنا ألتمس الأجر من خلال هذا الأمر لمضاعفة الحسنات واعترف فقط بقلة ساعات النوم التي تجعله غير مركز في الكثير من المواضع.