أستُقبِل وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، رمطان لعمامرة، صباح أمس الأحد، من قبل الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، حيث نقل إليه رسالة من أخيه رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، بخصوص علاقات الأخوة والتضامن التاريخية التي تربط البلدين. كان وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج قد شرع، مساء السبت، في زيارة عمل إلى جمهورية مصر العربية بصفته مبعوثا خاصا لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون. ومثل اللقاء مناسبة لتسليط الضوء على تمسك قادة البلدين بتعميق الشراكة الاستراتيجية الجزائرية -المصرية، وعزمهم المشترك على العمل سويا من أجل استعادة السلم والاستقرار في جوارهم المباشر وما بعده. وكلف الرئيس السيسي، لعمامرة بنقل تحياته الحارة والأخوية إلى رئيس الجمهورية، وتمنياته للجزائر وشعبها الشقيق بدوام التقدم والازدهار. كما تم التطرق إلى الوضع في العالم العربي وآفاق إضفاء ديناميكية جديدة في آليات العمل العربي المشترك، بهدف تجاوز حالة عدم الاستقرار الحالية والتوصل إلى تسوية عادلة ونهائية للقضية الفلسطينية. في هذا السياق، التزم الطرفان بالعمل سويا بشكل وثيق من أجل تهيئة الشروط السياسية لإنجاح القمة العربية المقبلة المنتظر عقدها بالجزائر. من جهة أخرى، أعرب الطرفان عن ارتياحهما للخطوات المشجعة التي اتخذتها الأطراف الليبية وجددا التزامهما بدعم السلطات في تنفيذ العملية السياسية التي ستسمح بإنجاح الانتخابات المقرر إجراؤها في 24 ديسمبر من العام الجاري. ولهذه الغاية، أكد الطرفان على توحيد جهودهما مع جهود جميع دول جوار ليبيا بمناسبة الاجتماع الوزاري المزمع عقده في الجزائر قريبا، كما تم الاتفاق على اتخاذ إجراءات منسقة لدعم عملية المصالحة في ليبيا. وعقد الوزير لعمامرة جلسة عمل مع الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبوالغيط، تناولت المشاورات والوضع السياسي والأمني في الوطن العربي وكذا جهود حل الأزمات والنزاعات التي تؤثر على استقرار المنطقة وآفاق تنشيط العمل العربي المشترك وكذا التحضير للاستحقاقات المقبلة، بما في ذلك القمة العربية التي سيتم عقدها في الجزائر. وفي هذا الإطار، شدّد الجانبان على ضرورة تعزيز الشراكة الأفريقية- العربية فيما يتعلق بالقضايا والتحديات الإقليمية والدولية التي تواجه المجموعتين. تأكيد عمق علاقات التعاون والتنسيق أكد وزير الخارجية والجالية الوطنية بالخارج رمطان لعمامرة، ونظيره المصري سامح شكري، عمق علاقات التعاون التي تربط بين البلدين في شتى المجالات والتنسيق المشترك حيال مختلف القضايا محل الاهتمام المشترك. قال لعمامرة خلال ندوة صحفية عقدها مع نظيره المصري، في ختام مباحثاتهما بالقاهرة، إنه ينقل رسالة «مودة وإخاء» من رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. موضحا أن الرسالة تؤكد على الالتزام بتعزيز العلاقات بين البلدين، خاصة في ضوء الروابط التاريخية التي تجمع بين البلدين. وأضاف، أن رئيس الجمهورية كلفه في بداية مهامه أن تشمل جولته عددا من البلدان الشقيقة والصديقة، «وأن تكون مصر من بينها، على اعتبار المسائل المطروحة فيما يتعلق بالشراكة الإستراتيجية وعدد من الملفات الأخرى في المغرب والمشرق العربي والقارة الإفريقية، محل تنسيق وتشاور مع مصر الشقيقة». وفي رده على سؤال حول زيارته إلى إثيوبيا والسودان قبل قدومه إلى القاهرة، وتصور الجزائر للخروج من مأزق سد النهضة، أكد وزير الخارجية أن الجزائر تعتقد أن الظرف والوضع فيما يتعلق بالعلاقات بين دول حوض النيل، خاصة مصر وإثيوبيا والسودان تمر بمرحلة «دقيقة». وأبرز أن اهتمام الجزائر بهذا الموضوع باعتباره «أساسيا بالنسبة لدول شقيقة وصديقة»، مؤكدا موقف الجزائر الثابت وحرصها على «ألا تتعرض العلاقة الاستراتيجية والمتميزة بين الجانبين العربي والإفريقي لمخاطر نحن في غنًى عنها». وشدد على أهمية وصول هذه الدول الشقيقة إلى حلول مرضية، تحقق حقوق وواجبات كل الأطراف، لتسود الشفافية المطلقة في هذه العلاقة، وتجعلها مبنية على أسس قوية. وقال لعمامرة، إن سد النهضة «موضوع عالمي»، اجتمع من أجله مجلس الأمن الدولي، و»ينظر له في عدة منابر باعتباره قضية مهمة، فلابد أن نكون فكرة كاملة وأن نسهم بآراء وأفكار في هذا الأمر». وأكد رغبة الجزائر - دائما وأبدا – «عندما تتوافر الشروط، والمناخ الملائم، أن تكون جزءا من الحل في جميع الملفات الكبيرة الوجودية التى تهم أشقاءنا»، مشيرا يقول «إننا نستمع ونبلغ قيادتنا بمواقف الأشقاء في الدول الثلاث». وبخصوص التطورات في تونس، قال وزير خارجية الجزائر، إن ما يحدث في تونس الشقيقة هو «شأن داخلي، ونحترم سيادة تونس ونتضامن مع الشعب التونسي الشقيق». وأشار إلى أن الجزائر تقيم اتصالات مع قياداتها، ولديها قناعة أن الشعب التونسي سوف يتجاوز هذه الفترة من حياته المؤسساتية، ويتم اتخاذ إجراءات لوضع مسيرة تونس السياسية والمؤسساتية على الطريق الصحيح، ليتسنى لتونس الشقيقة من مواصلة عطائها. فيما يخص الأوضاع في لبنان، أكد لعمامرة أن الجزائر كانت جزءا من الترتيبات التي قامت بها الجامعة العربية مع الأشقاء في لبنان، والتي كللت بتوقيع اتفاقية الطائف. مضيفا أن هناك الكثير من التفاعلات بين عناصر الشعب اللبناني في تشكيل حكومة، تقود البلاد لمستقبل أفضل. وحول تطورات الأوضاع في ليبيا وإجراء الانتخابات نهاية هذا العام، أوضح وزير الخارجية أن الساحة الليبية تشهد «تقدما» مقارنة بالمحن التي مرت بالشعب الليبي، وقد يكون الشعب الليبي وصل لمرحلة انتفاضة العقول والوعي بأن مستقبل ليبيا ملك للشعب الليبي، كما أن لدول الجوار عليها مسئولية خاصة كاملة تجاه ليبيا. وأعرب عن أمله في أن تكون الانتخابات الليبية المقررة سبيلا لعودة الاستقرار والأمن في البلاد، لافتا إلى أن هذا المظهر الإيجابي يتطلب الصبر واليقظة من أجل توفير شروط النجاح والخروج من الفترة المأساوية. من جهته قال وزير الخارجية سامح شكري في هذا السياق، إن مصر والجزائر لديهما اهتمام بالغ بالأوضاع في ليبيا، باعتبارهما دولا مباشرة للجوار الليبي، وتربطهم روابط تاريخية وإخاء، ولدى مصر والجزائر قلق بالغ للضغوط الواقعة على الليبيين ونعمل على استعادة الأمن والاستقرار في ليبيا لصالح الشعب الليبي. وأعرب عن «تفاؤله» بأن يؤدي منتدي الحوار الليبي لخروج ليبيا من أزمتها، وأن تعزز الانتخابات في ليبيا من الاستقرار والأمن والسيادة على الأراضي الليبية، مؤكدا أن مصر تتطلع لمزيد من التعاون مع الجزائر لاستعادة الاستقرار في ليبيا، والعمل من خلال دول مباشرة للجوار، لتدعيم الدولة الوطنية الليبية وعملها لمصلحة شعبها. وأكد وجود تنسيق بين مصر والجزائر بشأن الأوضاع في ليبيا، إضافة لمخاطبة شركاء آخرين لديهم اهتمام بالشأن الليبي. وأشار وزير الخارجية المصري، إلى أنه عقد جلسة مباحثات ثنائية مع نظيره لعمامرة أعقبتها جلسة أخرى موسعة بحضور وفدي البلدين، حيث جرى تناول سبل تعزيز العلاقات وأبرز القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك. وأضاف شكري، أنه جرى الاتفاق على استمرار التشاور والاتصالات، بما يعود بالنفع على شعوبنا وعلى الاستقرار في المنطقتين العربية والإفريقية، مشيرا الى أن العالم والمنطقة يتعرضان لتحديات كبيرة، بما في ذلك تلك المتعلقة بجائحة كورونا، التي عطلت برمجة التحكم في الآفاق. آفاق تعزيز العلاقات الثنائية عقد وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، رمطان لعمامرة، السبت، بالقاهرة، جلسة عمل مع نظيره المصري سامح شكري، استعرض خلالها الجانبان علاقات الأخوة والتعاون التاريخية بين البلدين وآفاق تعزيزها. وفي هذا الصدد، أعرب رئيسا دبلوماسية البلدين عن ارتياحهما لجودة العلاقات السياسية التي اتسمت بالزيارات المتبادلة المنتظمة على أعلى مستوى، كما اتفقا على تسريع وتيرة المشاورات الثنائية حول القضايا ذات الاهتمام المشترك وإعادة تنشيط اللجنة المشتركة العليا الجزائرية- المصرية بهدف ترقية التعاون في المجال الاقتصادي. من جهة أخرى، تبادل الوزيران وجهات النظر حول آخر التطورات في منطقة المغرب العربي ومنطقة الساحل والصحراء والقرن الأفريقي، حيث تم التأكيد على الالتزام المشترك للتوصل إلى تسوية سلمية وسياسية للأزمات والنزاعات التي تؤثر على استقرار هذه المناطق. كما اتفقا على العمل سويا في إطار تعاون وثيق، بما في ذلك على مستوى المحافل الدولية والإقليمية، لضمان تجسيد جهود التسوية المبذولة في هذا الشأن. وأكد الطرفان على ضرورة الحفاظ وتطوير الشراكة بين العالم العربي وأفريقيا وتعزيزها وحمايتها من أي تدخل من شأنه الإضرار بمناخ الثقة بين المجموعتين. وفيما يتعلق بالوضع في العالم العربي، شدد الوزيران على ضرورة تنشيط العمل العربي المشترك من أجل التمكن من مواجهة التحديات المتعددة التي تواجه دول المنطقة بشكل فردي وجماعي.