شهدت أسعار المواد الأساسية التهابا غير مسبوق، خاصة البقول الجافة التي يلجأ إليها المواطن عادة في فصل الشتاء وذلك عندما كانت أسعارها في المتناول، بينما أصبحت تنافس أسعار اللحوم البيضاء فأضحى المواطن المغلوب على أمره عرضة لنيران الغلاء الفاحش أينما اتجّه، أما اللحوم فلمن استطاع إليها سبيلا؟. استمرار هذا الوضع نتائجه ستكون وبالا على السلم الاجتماعي وعلى الاستقرار. وكل التجارب السابقة أثبتت أن غلاء المعيشة وتدهور القدرة الشرائية كانت دائما الشرارة التي تفجّر الأوضاع، لهذا لا يمكن الاستمرار في غضّ الطرف عن تجّار أداروا ظهرهم لأخلاق هذه المهنة النبيلة التي زاولها الأنبياء والرسل وباركوا فيها. ولكن، للأسف، نحن في زمن أصبح فيه التاجر الصدوق عملة نادرة؟ هذا الغلاء الفاحش في القوت اليومي للمواطن امتحان لوزارة التجارة ولمديرياتها المنتشرة عبر التراب الوطني، لأنّها المسؤول الأول على حماية المستهلك وضمان وفرة سلع وخدمات ذات جودة وبأسعار مقبولة. كثير من الاختلالات آن وقت علاجها وإعطائها كل الاهتمام من أجل تلافي الأسوإ، لأنّه من غير المعقول أن يكون الأجر القاعدي المضمون في حدود عشرين ألف دينار، بينما لا يضمن المبلغ عيشا كريما للمواطن ولا يكفي حتى لتغطية متطلبات عائلة متوسطة من حليب وخبز. أما اللحوم والأسماك فمجرٌد أحلام مؤجّلة. صحيح أننا في زمن حرية الأسعار والمنافسة، لكن هذا لا يعني الفوضى وجعل الاستقرار والسلم الاجتماعيين رهينة أهواء وجشع مضاربين يتلاعبون بجيوب المواطن ويرهنون مصير بلد. ولنا فيما يُعرف بأحداث السكر والزيت عبرة. لهذا وجب إرساء آليات الضبط ومرجعية الأسعار من خلال تعاونيات الدولة وإعادة فتح الفضاءات التجارية الكبرى لكسر شوكة أباطرة التلاعب بأسعار المواد الأساسية. فهل تستعيد القطاعات العمومية المبادرة وعدم الاكتفاء بسياسة رد الفعل؟!