السبت الأسود يعود اليوم في ذكراه العشرين، ويحيي في جزائريين فاجعة، بعضهم لم ينسها رغم هذه المدة الطويلة.. وجع باب الوادي في فاجعة العاشر من نوفمبر 2001، لم يتوقف حكواتي الذاكرة عن استرجاعه برائحة طمي امتزجت بجثث وأشجار مقتلعة وبقايا حديد صدئ، جرفته السيول من أعالي عاصمة البلاد، نحو هذا الحي الشعبي الغارق في حكايا «عمر قتلاتو»، وفانطازيا ما ينقله مرزاق علواش، الذي جعل من باب الوادي عنوانا كبيرا لأفلامه المتلاحقة، يترصد فيها ظواهر اجتماعية وتغيرات حاصلة في البلاد.. في هذا اليوم، تحولت فيه «أمطار الخير» إلى عنوان كبير ومفزع في نشرات التلفزيون والإذاعة وعلى صدر الصفحات الأولى للصحف.. وقع ما لم يكن في الحسبان، وعرف الجزائريون ما معنى أن تسد بالوعات ومجرى مياه، بكل ما تعني الكلمة، وبكل أبعادها، التي لا تظهر لمن يرمي قاذورات كيفما اتفق، ومن لا يسبق فصل الأمطار بما ينبغي فعله من «تحييد» عناصر الكارثة.. منذ ذلك التاريخ المفجع، صارت حملات التنظيف وتهيئة المحيط العمراني لفصل الشتاء، عنوانا كبيرا في حملات التحسيس، و»مصلحة» قائمة بذاتها في حسابات المجالس البلدية، التي تستنفر مقوماتها من أجل عبور آمن من الخريف الى الشتاء، حتى لا تتكرر مثل هذه المأساة في المدينة، وخصوصا في المدن الكبرى، التي تكاثرت فيها مخلفات المستهلكات، بما يفوق طاقة العاملين على التنظيف.. السبت الأسود في باب الوادي يعود حاملا معه صورا لا يتمنى أي كان رؤيتها مجددا، بعد عشرين سنة من وقوع الفاجعة التي راح ضحيتها 733 ضحية و100 مفقود.. هل تعلمنا كيف نتفادى مثل هذه الفاجعة؟ الواقع يقول إن فاجعة باب الوادي تتكرر في مناطق أخرى، وبأضرار أقل بكثير من حصيلة 10 نوفمبر 2001، أضرار مادية أكثر منها بشرية. ومع تكرار هذه الصور، يكون من اللائق البحث عن «جذور المشكلة»، لتفادي فيضان بأضرار مادية، تتجاوز طريقة تعامل «المير» (المتهم) مع المحيط، الى سياسة عمرانية دقيقة، تحسب حتى للزيادة السكانية بعد خمسين سنة، ولا تتوقف عند بالوعة صغيرة، لامتصاص فضلات سائلة لنصف مليون شخص، ناهيك عن تساقط مطري يتجاوز 40 ملم..