حمّل رئيس المنظمة الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك ومحيطه لولاية بومرداس، والي عرقوب، المواطن الجزائري نسبة كبيرة في تغذية ظاهرة الفوضى والمضاربة التي يعرفها النشاط التجاري بسبب انعدام الثقافة الاستهلاكية، وقال في هذا الخصوص «لا توجد أزمة غذائية إنما المشكل في سلوك المستهلك الذي يخلق الندرة والهلع الاستهلاكي نتيجة الإقبال على تخزين المواد الغذائية بمجرد الاستماع إلى إشاعة صغيرة أغلبها تأتي من طرف التجار لزيادة المبيعات والتلاعب بالأسعار». حذّر ممثل المنظمة الجزائرية لحماية وارشاد المستهلك المواطنين «من الوقوع تحت تأثير مخدر التجار المضاربين في قطاع التجارة، الذين يروّجون هذه الأيام لحدوث أزمة جديدة، وندرة في المواد الغذائية واسعة الاستهلاك التي انطلت على بعض المستهلكين الذين يهرعون لاقتناء وتخزين السلع»، وأضاف «من غير المستبعد أن نشهد نفس سيناريو جائحة كورونا في حالة عدم تدخّل القائمين على قطاع التجارة لطمأنة المواطنين، والتأكيد على وجود السلع والمواد الغذائية الأساسية بكميات كبيرة». وعن أسباب الظاهرة وبداية تغير السلوك الاستهلاكي للمواطن هذه الأيام، ربط الخبير الاقتصادي هذه الحالة بتنامي الإشاعة والأخبار غير الموثوقة المرتبطة بالحرب الروسية الأوكرانية، مشيرا بالقول «بالفعل يمكن لهذه الأزمة أن تكون لها تبعات اقتصادية مستقبلا لكن ليس بهذه الدرجة من التضخيم، وبإمكانية حدوث ندرة في المواد الغذائية الأساسية، كما أنّ المخزون الجزائري مستقر حاليا، وبإمكانه مواجهة أي هزات أو ارتدادات اقتصادية عالمية ناجمة عن انعكاسات الحرب الحالية، مع اتخاذ آليات وبدائل للتموين بالمنتوج المحلي وفي أسوء الظروف تغيير وجهة الاستيراد بالنسبة لمادة القمح بالخصوص». ودعا المواطنين إلى اليقظة وترشيد عملية الاستهلاك، وعدم الوقوع تحت تأثير الإشاعة التي يروج لها في الغالب تجار ومضاربين للزيادة في المبيعات ومضاعفة الأسعار، مشيرا إلى «أن مثل هذه السلوكات الاستهلاكية السلبية هي التي تخلق الندرة، وتشكّل فرصة للمضاربين للاصطياد في المياه العكرة». ودعا أستاذ الاقتصاد بجامعة بومرداس المواطنين «إلى عدم إعطاء فرصة للمضاربين والانسياق وراء الإشاعات، وعدم تكديس السلع ثم رميها في المفرغات، والتي ستؤدي حتما إلى خلق ندرة مستقبلا قد تخل بمبدأ العرض والطلب في السوق الجزائري، وبالتالي ستكون السبب الرئيسي في ارتفاع الأسعار مثلما نعيشه اليوم من تبعات جائحة كورونا، حيث عاش المواطن الجزائري نفس الأسباب الموجودة هذه الأيام». الرّدع القانوني اعترف ممثل المنظمة الجزائرية لحماية المستهلك بفشل الحملات التحسيسية التي تقوم بها مختلف الهيئات والمنظمات المدافعة عن المستهلك نتيجة نقص الوعي، وانعدام ثقافة استهلاكية تكون كافية لمحاربة مثل هذه السلوكات السلبية، التي تطغى على النشاط التجاري في الجزائر أمام تغوّل المضاربين ومحتكري السلع والمواد الغذائية الأساسية للمواطن الجزائري، مع تقديم مثال بجائحة كورونا التي خلقت جوا من الخوف والقلق بتوقف تموين المحلات ممّا أحدث أزمة استهلاكية حقيقية استفاد منها التجار على حساب المستهلك مثلما قال. وعن البدائل الممكنة لعملية تحسيس المواطن واستعطاف التاجر، أكّد الخبير الاقتصادي «أن قطاع التجارة في الجزائر يعرف فراغا قانونيا كبيرا ساهم في استمرار مثل هذه الظواهر السلبية المتعلقة بالمضاربة، وتذبذب توزيع المواد الغذائية الأساسية بسبب غياب الرقابة والمتابعة، وعليه لا بد من إيجاد بدائل وتفعيل الردع القانوني الصارم لمحاربة مثل هذه التجاوزات، وتثمين قرار رئيس الجمهورية في هذا الجانب لكبح كل أشكال الاستغلال من قبل التجار المتحكمين في أسواق الجملة والتجزئة». كما دعا أيضا «إلى أهمية تقنين الكميات المباعة للفرد الواحد تجنّبا لاستنزاف المخزون الغذائي ومواجهة ظاهرة التبذير»، وأضاف «أنّ هذا الإجراء لجأت إليه الكثير من الدول أثناء الأزمات أو في حالة الاستشعار بحدوثها للتقليل من التبذير، وترشيد الاستهلاك بعيدا عن الإقبال الشره للمستهلك حينما يكون تحت وقع مخدّر الإشاعة وهواجس النّدرة».