كما جرت العادة، يمرّ العيد الوطني للفنان على إيقاع الجوائز والتكريمات، ويغيب عن كثيرين التذكير بالدور، أو بالأحرى الأدوار التي يلعبها الفنان في مجتمعه. من أجل ذلك، نعود إلى مساهمة نشرها مؤخرا «فضاء الركح»، نرى أنها لم تجد الاهتمام اللازم على أهميتها. عنوان المساهمة: «الأمن في منظور الدراما»، للفنان المسرحي الأستاذ محمد إسلام عباس، وقد عدّد فيها 12 نقطة اعتبرها أهم أدوار الدراما أمنياً. تحت عنوان «الأمن في منظور الدراما»، قدّم الفنان محمد إسلام عباس مساهمة نشرها مؤخرا على مواقع التواصل «فضاء الركح» في عدده 602، ذكّر فيها عباس بما يحتله الأمن من مكان بارز بين المهتمين والمسؤولين والمواطنين في المجتمع المعاصر، «لاتصاله بالحياة اليومية، وبما يوفّره من طمأنينة النفوس وسلامة التصرف والتعامل». كما يعتبر الأمن نعمة من نعم الله عز وجل التي منَّ بها على عباده المؤمنين، يقول عباس، مستشهدا بقوله تعالى: (فليعبدوا ربّ هذا البيت، الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف). ولأنّ الأمن هو مسؤولية الجميع، يضيف الفنان المسرحي، فإنّ الإبداع في مجال الدراما من أهم المرتكزات، خصوصا وأنّ أصل كلمة الدراما هي الفعل، وهذا الفعل هو روح الدراما التي تشمل كل أنواع الإبداع مسرحيا، تلفزيا وسينمائيا. وفي هذا الصدد، لخّص عباس أهم أدوار الدراما أمنياً، في 12 نقطة: أوّلها «ترسيخ مفهوم الأمن كقيمة عظيمة»، فلا تنمية ولا ازدهار إلا في ظلال الأمن، الذي يتوزّع على: الأمن النفسي، الأمن الغذائي، الأمن الاجتماعي، الأمن الثقافي والفكري، الأمن الاقتصادي، والأمن العام. أما النقطة الثانية، فتتعلق ب «تعزيز قيم التعاون والتآزر»: وهي أداة استراتيجية في تجفيف منابع الإجرام والقضاء على أسبابه وتعقب المجرمين المخلّين بالأمن، والتعاون على المستوى الوطني، بحشد طاقات الأمن لتقف صفّاً واحداً في وجه الانحرافات. وفي نقطة ثالثة حول «التوعية الموجّهة»، قال عباس إن الفن النبيل «يُعنى بضمان توعية مناسبة، وتوضيح ما يجدر فعله وما ينبغي تفاديه خدمة للمثل العليا، وترسيخا لوحدة الوطن وسلامة أراضيه، حيث يُعنى الفنانون بتوعية الجمهور بأساليب المجرمين والطرق الصحيحة لمواجهتها». رابعا، أشار عباس إلى تكثيف الإحساس بالتماسك والتعاطف والانتماء بين أفراد المجتمع الواحد، بحيث يشعر كل منهم بانتمائه إلى وطنه ومجتمعه انتماءً وثيقاً، بحيث يشعر الفرد بأنّ الوطن له وأنه مسئول عن سلامته. خامسا، تحدّث عباس عن تثقيف المتلقين بمضامين الأمن الشامل، والرادع ذاتي، من خلال تنشئة المواطنين وتعويدهم على الالتزام بأحكام التشريعات بجهود متكاملة، بدءاً من الأسرة والمدرسة والمسجد والهيئات المجتمعية وغيرها. الدور السادس للدراما أمنيا، هو إرساء ثقافة الأمن عبر سعي فاعلي الدراما لزرع مقومات الأمن والسلم في القلوب وفي الثقافات، فالأمن أكبر بالتأكيد، مما قد يتبادر إلى الذهن، فالأمن سلوك وأخلاقيات وقيم وثقافة. ودور الدراما السابع في ذات السياق، هو عزل العوامل السلبية لدى مكونات النسيج الاجتماعي من خلال التوجيه والإرشاد، يقول عباس، مشيرا إلى دور ثامن هو «إنتاج قيم ومعايير سلوكية تتوافق مع المجتمع وضرورة احترام القواعد والالتزام بالقوانين والسلوكيات الرشيدة». أما الدور التاسع، فيتعلق بتفهّم المتلقين لدور الأجهزة الأمنية ووظيفتها في تحقيق أمن المواطن والمجتمع، وإشعارهم بدورهم في مساعدتهم والتعاون معهم في القيام بهذا الدور، وتخطي الحواجز النفسية وتعزيز العلاقة فيما بينهم وبين رجال الأمن. ومنه ينتقل عباس إلى دور عاشر، هو التوعية بالجرائم والمخالفات التي تهدد الأمن الاجتماعي والأضرار التي يمكن أن تفرزها من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والصحية بالنسبة للفرد والمجتمع. النقطة الحادية عشرة، تتعلق بتحذير الناس من أساليب المجرمين عبر ما يُعرف بالتوعية التقييمية، أي النقد والتقييم في مختلف مراحل التعليم، عبر بث القيم الأخلاقية والاجتماعية بما يؤثر على تصرفات المتلقين ويحميهم من الانحراف. واختتم عباس مساهمته بنقطة 12 وأخيرة، لخصها في «الاهتمام بالتثقيف الأمني القائم على أساس تدعيم مساهمة المواطن العادي في تحقيق الأمن».