تعي الجزائر جيدا، أهمية التعاون الدولي في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للأوطان، ومن هذا المنطلق لم تدخر جهدا منذ أن كانت تعيش تحت نير هذه الظواهر الدخيلة على المجتمع الجزائري، لتقريب وجهات النظر حول مكافحة الإرهاب بين دول الميدان، والدول الشريكة بما فيها الولاياتالمتحدةالأمريكية التي من شأنها المساهمة في تعزيز جهود مكافحة الإرهاب من خلال ضمان التكوين وتوفير الأجهزة وتبادل المعلومات بين الشركاء، من أجل وضع حد للجماعات المسلحة التي باتت تنشر الرعب في كل مكان، وتجفيف منابع الإرهاب عن طريق تجريم دفع الفدية. وعرفت العلاقات الجزائريةالأمريكية، في مجال مكافحة الإرهاب تطورا ملحوظا عكسه عدد الزيارات المتبادلة بين المسؤولين لكلا البلدين، ناهيك عن تنظيم ندوات ولقاءات تشاورية سواء كان ذلك في الجزائر أو في واشنطن، كان آخرها الدورة الأولى للحوار الاستراتيجي الجزائري الأمريكي التي جمعت يوم 19 أكتوبر الجاري، كل من الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية عبد القادر مساهل، ومساعدة كاتبة الدولة الأمريكية للشؤون السياسية ويندي شارمن إلى جانب ممثلين عن عديد الدوائر الوزارية للبلدين، وهي الدورة التي قال بشأنها مساهل أنها تمثل «لبنة تاريخية جديدة» في العلاقات بين الجزائروالولاياتالمتحدة. وقد أكد مساهل يومها، أن العلاقات بين الجزائروالولاياتالمتحدة عرفت خلال السنوات الأخيرة «حيوية وأهمية مما جعل تطويرها في إطار رسمي يفرض نفسه تلقائيا وذلك في الوقت الذي تتوسع فيه التهديدات وتتزايد عوامل الشكوك عبر العالم»، موضحا لدى تطرقه للمسائل الأمنية أن الجزائروالولاياتالمتحدة «يواجهان نفس التحديات المرتبطة بأمنهما» وأن التهديدات والإرهاب والجريمة المنظمة والهجرة «هي من الحقائق التي تندرج في إطار زمني والتي تستدعي عملا دوليا منسقا». وتابع يقول أن هذا اللقاء الذي يأتي غداة الدورة ال 5 للحوار العسكري المشترك الجزائري الامريكي التي جرت في العاصمة الفدرالية «يدل على الطابع الشامل للشراكة بين الجزائروالولاياتالمتحدة»، مؤكدا أن الجزائر «تواصل تفضيلها تحت كل الظروف وقدر المستطاع للحلول السياسية كما هي مستمرة في الكفاح الحازم للإرهاب والجريمة المنظمة في ظل احترام الشرعية الدولية»، قبل أن يضيف أن «الولاياتالمتحدة ستجد دائما في الجزائر شريكا فعالا وناجعا يمكنه الإسهام قدر المستطاع في تعزيز السلم في العالم». وتعي الجزائر، أهمية مشاركة الدول المتقدمة في حصر نشاط الجماعات الإرهابية، وكبح تدفق الأسلحة إلى منطقة الساحل، من خلال مساعدتها لدول الميدان بالوسائل اللوجستيكية لمحاربة هذه الآفة، ومنع وصول الأسلحة بمختلف أنواعها لهذه الجماعات وذلك عن طريق تأكد الدول المنتجة للأسلحة من عدم منح مثل هذه الأسلحة لغير الحكومات والكيانات المرخص لها بذلك من قبل هذه الأخيرة. بالمقابل، اقتنعت الولاياتالمتحدة، بأن الجزائر شريك فعال في مجال مكافحة الإرهاب بالنظر إلى تجربتها الرائدة في هذا المجال والتي اعترف بنجاحها أكثر من مسؤول أمريكي بل وأشاد بها، على غرار هيلاري كلينتون كاتبة الدولة الأمريكية التي أكدت خلال استقبالها وزير الشؤون الخارجية مراد مدلسي مؤخرا بالعاصمة الفدرالية، «امتنان أكبر قوة في العالم للجزائر»، وقالت في هذا الصدد أن «الولاياتالمتحدة تعبر عن عرفانها للتعاون الممتاز مع الجزائر في مجال مكافحة الإرهاب» . وعبر منسق مكافحة الإرهاب بكتابة الدولة الأمريكية دانيال بنجامين عن «استحسانه الكبير للعمل الذي قام به المسؤولون الجزائريون المكلفون بمكافحة الإرهاب وقوات الأمن»، قائلا: «منطقة نشاط القاعدة في المغرب العربي الإسلامي كانت تقع في البداية على طول الساحل الجزائري، وبفضل العمل الناجح للسلطات الجزائرية تراجعت عملياتها بشكل كبير في هذه المنطقة»، معلنا نية الولاياتالمتحدةالأمريكية تعزيز علاقتها مع الجزائر في مجال مكافحة الإرهاب، وهو ما تحاول بحثه كاتبة الدولة الأمريكية «هيلاري كليتون» خلال زيارتها المرتقبة للجزائر اليوم. جدير بالذكر أن العلاقات الجزائريةالأمريكية في مجال محاربة الإرهاب ظهرت خاصة في 2001 ، بحيث أن الولاياتالمتحدةالأمريكية أصبحت تعتبر الجزائر كدولة لها تجربة جدا في هذا المجال وهي تحاول أن تستفيد منها كما تحاول أن تنسق بعض الجهود معها لمحاربة الإرهاب العابر للأوطان.