تبقى الاجابة الوحيدة على الهزيمة هي الانتصار، كما يقال، فالمبدع هو الشخص الوحيد الذي بإمكانه تخطي كل العواقب وتجاوزها ليصنع الفارق في العملية الانتاجية واللعبة الجمالية، أكثر من غيره مستدركا تلك الفرص التي ضاعت منه أو التي فشل فيها هو أو من سبقه. ملتقى «شباب فكرة» الذي اختتمت فعالياته بقصر الثقافة مؤخرا، أثبت أنه طفرة ابداعية، كشف من خلالها الشباب الطموح عن مكنوناتهم وقدراتهم الابداعية فكريا ومعرفيا في صنع الفارق والتميز عن غيرهم من الشباب الذين استسلموا لليأس، ولم يبحثوا عن مخارج أخرى تمكنهم من اللحاق بالركب الذي توفره مؤسسات الدولة في ظل الجزائر الجديدة، من الفرص والامكانيات والظروف. مرافقة المشاريع الثقافية أو غيرها تحتاج إلى مصارحة ومصادقة بين المبدع والكفيل، ولا يمكن لأي طرف من المعادلة أن يتنازل عن الآخر، فمؤسسات الدولة من واجبها تثمين ومرافقة هذه المبادرات، وعلى الطرف الآخر «الموهوب» تقديم زبدة أفكاره النيرة وتوظيفها في خدمة التنمية والدخول في اقتصاد المعرفة «اقتصاد الذكاء». المقاولاتية الثقافية لا تقل أهمية عن باقي المقاولاتيات الأخرى، فالعالم اليوم يتجه إلى توظيف اقتصاد الذكاء في شتى مجالات الحياة، لاسيما ما تعلق بالمعرفة والوعي، ما يمكننا من الدفاع عن ماضينا وحاضرنا، عن تراثنا المادي واللامادي، وهذا يعني دفاعنا عن وجودنا كمنظومة مجتمعية لها تاريخ ضارب في بطون الأزمنة، من واجبنا الحفاظ عليه وإحاطته بقيم ابداعية وفكرية شائكة تجابه كل محاولات الاستلاب، المسخ أو التزوير وحتى السرقة التي طالت بعض من عاداتنا وموروثنا الثقافي. تبقى المرافقة الفيصل الوحيد في دعم المقاولاتية الثقافية في ظل عالم افتراضي متسارع، فاق كل التصورات وتجاوزه المعقول، ولنا اليوم تجارب نعيش افرازاتها بكل مرارة في الحلق، ليس بإمكاننا منعها أو صدها، لأنها جزء مهم من تفاصيل حياتنا فرضتها الاعراف والتغيرات الحديثة، «فلا نكن أصعب ما في الحياة ولا أسهل ما فيها، ولنكن نحن الحياة في أسمى معانيها».