دور الإعلام الجزائري الرّيادي.. في دعم القضية الفلسطينية ممّا لا شك فيه، أنّ المنابر الإعلامية العربية عموما أولت وغطّت أخبار القضية الفلسطينية بتفاصيلها المختلفة على مدار العقود الماضية من كفاح الشعب العربي الفلسطيني. بيد أنّ الكثير من تلك المنابر العربية انكفأت، وتراجع اهتمامها بقضية العرب المركزية نتاج جملة من العوامل الذاتية والموضوعية، إلا الإعلام الجزائري الشقيق واصل وبقوة ومثابرة عالية تغطية الخبر والمسألة الفلسطينية بكل تفاصيلها، ليس هذا فحسب، بل أنّها تعمّقت وتوسّعت في الاهتمام والتركيز على الملف الفلسطيني، ولم تترك شاردة أو واردة تخص فلسطينالمحتلة إلا وسلّطت الضوء عليها، وفتحت أبوابها وصفحاتها على مداياتها للعنوان والمقال والكتاب الفلسطينيين، ولم تكن هذه النقلة عفوية، أو ارتجالا عاطفيا، أو نزوة عند المسؤولين الإعلاميّين الجزائريين، إنما هي نتاج قناعة راسخة عندهم جميعا، باعتبار أن قضية فلسطين، هي قضية وطنية وقومية، يتمثّلها كل إنسان جزائري بعمق ما يتمثل المسألة الجزائرية، ومن كافة المستويات، من عامة الشعب الى رأس الهرم الجزائري، أي الرئاسة والحكومة وقطاعات الشعب المختلفة. إضافة إلى أنّ الجزائريين عموما يشعرون مع أشقائهم الفلسطينيين حجم معاناتهم، وآلامهم ومصائبهم نتاج جرائم الحرب، التي يرتكبها الاستعمار الصهيوني الإجرامي ضدهم على مدار العقود الثمانية الماضية، كونهم عاشوا مرارة الاستعمار الفرنسي الوحشي، وبحكم دفعهم فاتورة عالية من التضحيات الجسام من الشهداء والجرحى والانتهاكات الخطيرة التي تعرضوا لها على مدار 135 عاما. نعم دفع الجزائريّون مليون ونصف المليون شهيدا، وملايين الجرحى والضحايا متعدّدة الأوجه ثمن حريتهم من المستعمرين الفرنسيين. لهذا جاء موقفهم صلبا وعميقا وراسخا ومتجذّرا، لا تشوبه شائبة تجاه قضية أشقائهم الفلسطينيين. ولا يخفى على أي مراقب عربي أو عالمي، أنّ الجزائر منذ أن انتصرت عام 1962 وقياداتها المتعاقبة تتبنّى القضية الفلسطينية، وكانت من أوائل الدول التي احتضنت الثورة الفلسطينية، وفتحت مكتبا لحركة التحرير الوطني الفلسطيني «فتح»، ثم مكتب لمنظمة التحرير، الذي أمسى سفارة فلسطين ومازالت مقولة الرئيس الجزائري الأسبق، الراحل هواري بومدين راسخة في الاذهان «نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة»، وعنوانا مرشدا لكل جزائرية وجزائري طفلا كان أم امرأة أو شيخا أو شابا وعلى مساحة الوطن الجزائري من أقصاه الى أقصاه. جميعهم حملوا، وما زالوا يحملون الهم والمعاناة والآ لام الفلسطينية على كواهلهم، وفي أعناقهم. وتعمّقت وتوسّعت التغطية الإعلامية الجزائرية بشكل منهجي ومدروس بعد اللقاء الذي جمع السفير الفلسطيني الأسبق في الجزائر، محمد الحوراني عام 2009 والأخ خالد صالح المشرف على ملف الأسرى في السفارة الفلسطينية مع مدير عام «جريدة الشعب» ومسؤول النشر فيها، المغفور له بإذن الله الأخ الأستاذ / عز الدين بوكردوس، الذي تبنّى إصدار ملحق أسبوعي تحت عنوان «الشعب المقدسي» تولى الإشراف عليه الأسير المحرّر الفلسطيني، صالح. ولم تتوقّف التغطية الإعلامية عند حدود صحيفة «الشعب» صاحبة المبادرة الاولى، إنّما توسّعت عموديا وأفقيا في معظم المنابر الجزائرية، ومنها الصحف التالية «المواطن»، «الوسيط المغاربي»، «الشروق»، «صوت الأحرار»، «جريدة العالم للإدارة»، «التحرير»، «الحياة العربية»، صحيفة «الجزائر»، «الإخبارية»، «البلاد»، «الوسط»، «الجديد اليومي»، «المساء»، «الموعد»، «أخبار اليوم» «المغرب الأوسط» صحيفة le citeyen التي تصدر باللغة الفرنسية، «و»القائد نيوز» وغيرها من المنابر الإعلامية، بالإضافة الى الإذاعة والتلفزة الجزائرية. وهناك بعض المنابر تصدر ب 16 صفحة، 8 صفحات للجزائر، و8 لفلسطين. وهذا دليل على مدى الاهتمام الجدي والمسؤول من قبل الإعلاميين الجزائريين بقضية أشقائهم وأبناء جلدتهم الفلسطينيين. وتحتل القدس العاصمة، وملف الأسرى والقدس وملف المصالحة الوطنية أولوية لدى تلك الوسائل والمنابر، كما وتنشر العديد منها مقالات معظم الكتاب الفلسطينيين لتعريف القارئ الجزائري بقضية فلسطين، ووضعه في صورة الحدث وتطوراته على أرض الرباط، وهدف الإعلام الجزائري فتح الأفق أمام الملفات الفلسطينية المختلفة وتحديدا قضية الاسرى، والتركيز عليها، ونشر معاناتهم والصعوبات والمكابدات اللاّإنسانية، التي يتعرّضون لها يوميا بهدف إيصالها للرأي العام الأوروبي والعالمي عموما، وكشف الإرهاب الصهيوني المنظّم ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني. ولا يدّخر الإعلاميّون الجزائريّون وسيلة أو أسلوبا إلا واتّبعوه لنقل القضية للعالم في ظل التعتيم والانحسار والحصار المفروض على القضية وملفاتها المتعددة، وبعد تراجع القضية نتاج الحروب البينية العربية – العربية، والحروب الأهلية، ولكسر كل القيود التي يفرضها الغرب الرأسمالي الرسمي بقيادة الولاياتالمتحدة على فلسطين وقضيتها، وإبراز الوحشية الصهيونية المنفلتة من عقالها ضد أبناء الشعب الفلسطيني. وتكمن أهمية ودور ومكانة الإعلام الجزائري الآن عشية انعقاد القمة العربية في دورتها ال 31 لتكون بمثابة رسالة لكل إعلامي عربي، وشكلا من أشكال التحفيز لهم، لعلّهم يدركون ويستخلصون الدرس من التجربة الإعلامية الجزائرية الرائدة والملهمة. وخلق جسور من التعاون مع جهات الاختصاص الفلسطينيةوالجزائرية لتعميم التجربة، ونقل الصورة والمظلومية الفلسطينية عموما والأسرى خصوصا للعالم أجمع، وتشكيل لوبي عربي عالمي ضاغط للإفراج عن أسرى الحرية الأبطال، الذين يزيد عددهم عن أربعة آلاف وخمسمائة أسير يقبعون في باستيلات الاستعمار الصهيوني. مع العلم أن ما يزيد على المليون مواطن فلسطيني دخل السجون الإسرائيلية من العام 1967، وسقط أكثر من 232 شهيدا بينهم داخل أقبية وزنازين التحقيق الصهيونية، وبينهم العشرات من المرضى وعلى رأسهم الأسير ناصر أبو حميد، وهناك العديد منهم تجاوز اعتقاله ال 40 عاما، حتى تفوقوا على القائد العظيم الشهيد مانديلا بعشرات السنين، الذي اعتقل 27 عاما، فضلا عن النساء والأطفال والشيوخ، الذين تجاوز بعضهم ال80 عاما، أمثال الشيخ فؤاد الشوبكي (أبو حازم). وقبل أن أختم لابد من كلمة شكر لكل جزائرية وجزائري، ولكل منبر إعلامي، ولكل إعلامية وإعلامي ساهم بنشر بعض الحقيقة عن فلسطين وقضاياها المختلفة وخاصة القدس وملف الأسرى والمصالحة، التي تؤلمنا جميعا، التي أولتها الرّئاسة الجزائرية وفريقها المكلف جهدا خاصا ومميّزا بمبادرتها الشجاعة لرأب الصدع بين الكل الفلسطيني للخروج من نفق الانقلاب والانقسام، وعودة اللّحمة للصف الوطني لمواجهة التّحدّيات الصهيو-أمريكية.