منظمة المستهلك: المقاطعة وسيلة لكبح الارتفاع تستمر أزمات شعبة الدواجن، لتشمل هذه المرة مادة البيض التي ارتفعت بشكل غير مسبوق فاق 600 دينار للصحيفة، أي ما يعادل 25 دينار للبيضة الواحدة، ارتفاع جنوني دفع المصالح المعنية إلى البحث عن سبل ناجعة لخفض أثمانه قبل حلول شهر رمضان. يعيش المستهلك على وقع ارتفاع مستمر في أسعار المواد الأساسية واسعة الاستهلاك، حيث تفاجأ مؤخرا بارتفاع أسعار مادة البيض في محلات التجزئة والفضاءات التجارية الكبرى، التي أصبحت تعرض البيضة الواحدة ب 25 دينارا، الأمر الذي أثار استياء المواطنين وطالبوا بإيجاد حل عاجل لشعبة الدواجن. أكد الناطق الرسمي للفدرالية الوطنية لمربيي الدواجن ومنتجي البيض جلول بوداود في تصريح ل «الشعب»، أن الاجتماع الأخير مع وزارة التجارة والفلاحة الخاص بالتحضيرات للشهر الفضيل، أسفر عن جملة من الإجراءات التنظيمية بهدف استقطاب المربين ولإسهام في خفض الأسعار وتحقيق الاستقرار. قال جلول بوداود إن الوزارة في إطار إستراتجيتها الرامية الى تحقيق استقرار الأسعار والحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن، عكفت على إصدار تعليمات للبنوك بهدف منح القروض للمنتجين لإعادة بعث نشاطهم من جديد، خاصة وأن 30 بالمائة منهم تركوا الشعبة، مما أحدث خللا في الإنتاج الوطني. يعد السبب الرئيسي لإشكالية البيض الذي وصل سعره إلى 570 دينار للصفيحة- يقول المتحدث - إلى قلة الإنتاج وعزوف المربين بسبب جائحة كوفيد وغلاء أسعار الأعلاف إلى 8 آلاف دينار للهكتار، أي بزيادة 100 بالمائة مقارنة بالسابق، بالإضافة الى الأمراض التي أصابت الدواجن وتسببت قي خسارة 30 بالمائة من الإنتاج، وهذا بالرغم من وصول اللقاحات. وصرح المربي، أن الشعبة تحوي مداجن جد متطورة لكن الأزمات المتكررة أثرّت على تربية الدواجن، خاصة في ظل الزيادات المستمرة والمرشحة للارتفاع في أسعار البيض الذي يمكن أن يصل سعرالصفيحة إلى 600 دينار خلال الأشهر المقبلة، الأمر الذي يضر بالمستهلك الذي أبدى تخوفه من استمرار هذا الارتفاع. زيادة ب 150 دينار عن السعر المرجعي وما يجب أن يعرفه المستهلك - يضيف المتحدث - أن السعر المرجعي للصحيفة يقدر ب 410 دينار، في حين تباع ب 570 دينار، موضحا أن السعر ارتفع مقارنة بالماضي لكن زيادة 150 دينار تبقى غير مبررة، ما يفتح الباب على احتمال تسبب المضاربين والوسطاء في إحداث خلل في سعر هذه المادة الواسعة الاستعمال. والمعلوم أن أسعار البيض ارتفعت عالميا لكنها تبقى لا تناسب المستهلك الجزائري الذي يحتاج الى إجراءات أكثر صرامة لتحقيق الاستقرار خلال الفترة القادمة، حيث تتزامن واقتراب حلول شهر رمضان الذي يزداد فيه الطلب على الكثير من المواد على غرار البيض، حيث قلصت كمية اقتنائه من طرف المواطنين للحفاظ على قدرتهم الشرائية. وأكد رئيس جمعية منتجي البيض، أن الشعبة تعيش فوضى مما تسبب في إحداث خلل في الإنتاج الوطني الذي يخضع لقانون العرض والطلب، لكن الزيادات الكبيرة بإمكانها أن تقلب الموازين لصالح المستهلك من خلال إقبال المنتجين ومضاعفة الإنتاج بالشكل الذي يحقق استقرار في أسعار البيض، الذي يكاد يغيب عن بيوت الجزائريين. وعليه، طمأن الناطق الرسمي لفدرالية مربيي الدواجن ومنتجي البيض، أن الأسعار في رمضان ستعرف استقرارا أو انخفاضا طفيفا يقدر بخمسة دنانير في حبة البيض الواحدة، حيث ستعرض بين 17 الى 19 دينار، مؤكدا أن الأسعار تخضع للعرض والطلب، ولكن مع الإجراءات المتخذة ستعود صفيحة البيض إلى سعرها العادي. بدوره عضو المجلس الوطني المهني المشترك لشعبة الدواجن عيب نور الدين أرجع أسباب الارتفاع الجنوني لمادة البيض إلى قلة العرض، الناتج عن أمهات الدواجن التي تراجعت بفعل الخسائر التي تكبدها المربون سنتين وأدت إلى إفلاس الكثير منهم، قي حين بقي آخرون يصارعون ديون البنوك، مما أدى إلى تراجع كميات البيض التي أصبحت لا تغطي الطلب الوطني، لكن الزيادات الأخيرة تبقى مرتفعة مقارنة مع التكلفة الحقيقية لمادة البيض. وأضاف نور الدين عيب، الأمراض التي أصابت شعبة الدواجن كانت من بين الأسباب الرئيسة لارتفاع ثمن البيض، حيث تسببت في وفاة 50 ألف دجاجة بيوضة للمربي الواحد، بالإضافة الى غلاء سعر أعلاف الدجاج أدى إلى العزوف، لكن وبالرغم من الضرر الذي مس فئة المربين يبقى المواطن المتضرر الأكبر من الزيادات المستمرة في المواد الاستهلاكية. المضاربة تلهب الأسعار أكد المختصون في المجال، أن البيض ارتفعت أسعاره على غرار الدواجن فالتكلفة الأصلية للصفيحة أصبحت بين 400 الى 410 دينار عكس السابق إذ كان سعرها لا يتجاوز 250 دينار، لكن الفارق بين السعر الأصلي والمعروض يؤكد أن المضاربة سبب في الغلاء الذي لا يتلاءم مع القدرة الشرائية للكثيرين. في هذا الصدد، أوضح بائع جملة بالكاليتوس رفيق سعودي في تصريح ل»الشعب»، أن سعر الجملة بلغ في الأيام الأخيرة 570 والتوزيع 590 بينما التجزئة يباع ب 640 دينار أي بهامش ربح 50 دينار، مشيرا أن سعر بيع هذه المادة من الفلاح إلى السوق 30.000 الف دينار ل 3000 صفيحة توزع يوميا. وأضاف المتحدث، أن تاجر الجملة يبيع حسب النوعية والميزان، أي أن السعر يخضع لهذين الشرطين، لذا فالثمن يختلف أحيانا من بائع لآخر، ورغم ذلك فالمفروض أن تكون الأسعار موحدة ومناسبة للمواطن، وهذا في حال عدم خضوعها للمضاربة والوسطاء. بدورها تنقلت» الشعب» إلى سوق القرية بالدار البيضاء بالعاصمة، وأكد أغلب المواطنين أن الغلاء أرغمهم على عدم اقتناء الصفيحة المتكونة من 30 حبة ب 570 دينار وأكثر، الأمر الذي جعلهم يشترون ما يحتاجونه فقط وأحيانا يتم الاستغناء عنه حسب تصريحات البعض. في جولة قادت «الشعب» إلى محلات الدواجن ولاحظنا استقرارا في أسعار الدجاج 300 دينار الكيلوغرام واللحوم البيضاء، لكن مادة البيض مازالت ملتهبة حيث تراوح سعرها اليوم ب 590 دينار في أغلب المحلات بينما وصل سعر البيضة إلى حدود 23 و25 دينار، ما يفسر أن الأسعار ليست موحدة ويؤكد أن مادة البيض تخضع للمضاربة. وفي استفسارنا عن سبب الارتفاع، أكد البعض أن سعرها في الجملة ارتفع إلى 450 دينار، الأمر الذي جعل ثمن الصفيحة يرتفع، مؤكدين أن البيض يخضع للعرض والطلب، عكس المواد الأخرى مثل الدواجن واللحوم الحمراء، في حين قال بائع بذات السوق»كتجار، لاحظنا المقاطعة في الأسبوعين الأولين من الارتفاع، لكن عاد الطلب من جديد وبنسبة قليلة»، موضحا أن أسعار الجملة يجب أن تنخفض حتى يستطيع تاجر التجزئة أن يحقق هامش ربح بسيط. مواطنون يستنكرون الوضع من جهته، قال أحد المواطنين إن شراء صفيحة بيض أمر صعب بسبب ارتفاع السعر، لكن شراء بيضات أمر ضروري لتحقيق التوازن الغذائي للأطفال، مستغربا الارتفاع الذي مسّ هذه الشعبة، فبعد اللحوم البيضاء ها هو سعر البيض يرتفع إلى مستويات قياسية يستحيل على العائلات محدودة الدخل اقتنائه. وصرحت مواطنة في ذات السياق، أن غلاء البيض جعلهم في حيرة من أمرهم هل يتم اقتناؤه أو الاستغناء عنه، لكن استمرار الغلاء للأسبوع الثالث على التوالي جعلنا نشتري حسب الحاجة، لاسيما وأنه ارتفع بشكل خيالي بين 23 و25 دينارا وهو سعر لا يتلاءم مع القدرة الشرائية للمواطن الذي أصبح عاجزا على شراء الكثير من المواد. وأضاف آخر «شراء صفيحة بيض ليس بالأمر السهل لدى المواطن البسيط، فبعد الدجاج البيض، أليس من حق المواطن البسيط شراء ما يحتاجه من المواد الضرورية المهمة لصحته وصحة أطفاله»، لذا نطالب السلطات التدخل السريع لكبح المضاربة وإعادة الأسعار إلى المتناول. غلاء البيض غير مقبول من جهتها، المنظمة الوطنية لحماية المستهلك أكدت أن استمرار ارتفاع أسعار البيض أصبح مقلقا، في ظل غياب رؤية واضحة حول إمكانية استقراره وعدم توفر حلول جدية لوفرته، حيث يبرر المنتجون الزيادات بارتفاع أسعار الأعلاف والأدوية وأمور أخرى، بالرغم من أن الدولة تدعم الأعلاف، بالمقابل يصرح المنتجون بعدم توفرها بأسعارها المدعمة، ما يطرح مشكل المضاربة وجشع بائعي الجملة والتجزئة للأعلاف والبيض في حد ذاته. ومن هذا المنطلق صرح عضو المنظمة الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك ومحيطه يزيد زين العابدين ل»الشعب «، أن المنظمة قد صرحت بأن الغلاء الفاحش والارتفاع في الأسعار غير مقبول وغير مفهوم في نفس الوقت، حيث سبق وأن تطرقت للمشكل مع ممثلي الشعبة والقطاعات المعنية لإيجاد الحلول المناسبة وإجراء تحقيقات تقوم بها الهيئات المخولة لمعرفة الأسباب الحقيقية وراء هذا الغلاء، ومحاولة إيجاد الحلول الناجعة. وأعلنت المنظمة منذ فترة بوجوب مقاطعة شراء مادة البيض إلى غاية استقرار أسعارها، وذلك بعدما فاق ثمنها 570 دينارا للصفيحة، مشيرا إلى تبني هذه الخطوة لتسير الأمور حاليا مع استمرار الغلاء الذي يمس تقريبا كل المواد، سواء كان مبررا أو غير مبرر، ففي النهاية يضر بالمستهلك البسيط. ودعا عضو منظمة المستهلك إلى ضرورة اعتماد ثقافة استهلاكية من المواطن، وهذا بحصوله على احتياجاته الأساسية من السلع والمواد الأساسية دون زيادة أو نقصان لعدم الأضرار بقدرته الشرائية، مشيرا أن ثقافة المقاطعة ليست حلا لكنها واجبة، من أجل خفض الأسعار وإيجاد حلول للأزمة. تجدر الإشارة، أن منظمات وجمعيات المستهلك استنكرت الغلاء الذي تعرفه اللحوم البيضاء والبيض في كل مرة، حيث سبق وأن دعت في جويلية الماضي تزامنا مع تسجيل أول ارتفاع في هذه المادة التي وصل سعرها عتبة 20 دج للبيضة الواحدة، بينما وصل سعر الصفيحة إلى 520 دج، إلى المقاطعة بسبب تذبذب الأسعار. كما طالبت المستهلكين الذين لا يستطيعون المقاطعة نهائيا، بخفض اقتناء هذه المادة لمحاربة الارتفاع وكبح المضاربة، موضحة أن الالتزام بالمقاطعة سيجعل سوق البيض يتراجع بل ينهار أحيانا، وستدفع الفلاحين أو التجار إلى إعادة التفكير مليا قبل رفع أثمانه. وبناء على ما تم ذكره، فإن المضاربة وضعف تنظيم الأسواق، السبب في الارتفاع المستمر الذي تشهده المواد واسعة الاستهلاك يؤكد الخبراء، حيث يحتاج الأمر إلى حلول عاجلة من المصالح المعنية لتحسين الوضع الاجتماعي للمواطن، وذلك من خلال ضمان الوفرة واستقرار المواد الغذائية، لاسيما الأساسية منها.