بعد المحادثات التي جرت على مدار أسبوع في مدينة جدة السعودية، وقّع الجيش السوداني وقوات الدعم السريع اتفاق مبادئ أولي تعهدا خلاله بحماية المدنيين، وتسهيل مرور المساعدات الإنسانية، فضلا عن العمل معا من أجل وقف قصير الأجل لإطلاق النار (10 أيام) في جولة أخرى من المحادثات. إلا أن أعين السودانيين والعالم لا تزال شاخصة نحو التوصل إلى هدنة دائمة. أوضح مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية، أن الانتقال من وقف مؤقت لإطلاق النار، عند الموافقة عليه، إلى وقف دائم للأعمال القتالية سيكون عملية طويلة، لاسيما أن بعض وجهات النظر بين الطرفين لا تزال متباعدة. علماً أن الرياض وواشنطن اللتين رعيتا تلك المبادرة أو المحادثات تأملان أن يؤدي توقيع الطرفين على الإعلان إلى تزايد الزخم. ومن المتوقع أن تشارك جماعات مدنية بوقت لاحق في تلك المحادثات. هذا، وبعد التوقيع على اتفاق المبادئ الأولي بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في جدة، أكد وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان أن هذا التوافق يشكل خطوة أولى، ستتبعها خطوات أخرى. كما أوضح في بيان مقتضب، أن الأهم في المحادثات التي تمت بجدة بين المكونين العسكريين هو الالتزام بما تم الاتفاق عليه. إلى ذلك، شدد على أن المملكة ستعمل حتى يعود الأمن والاستقرار إلى السودان. تسهيل العمل الإنساني وكانت الخارجية السعودية أكدت أن الطرفين الموقعين على الاتفاق سيلتزمان بموجب القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان في تسهيل العمل الإنساني، لتلبية الاحتياجات الطارئة للمدنيين، فضلا عن الاتفاق على انسحاب القوات العسكرية من المستشفيات والعيادات الطبية، والسماح بدفن الموتى باحترام. لاسيما أن منظمة الصحة العالمية كانت أعلنت سابقا أن القتال الذي تفجر في السودان يوم 15 أفريل الماضي، بين الجيش الذي يرأسه عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو الملقب بحميدتي، أودى بحياة أكثر من 600 شخص، فيما أُصيب أكثر من خمسة آلاف. في حين ذكرت وزارة الصحة السودانية أن 450 على الأقل لقوا حتفهم في منطقة دارفور الغربية، وحدها. كما تسبب القتال في نزوح 700 ألف داخل البلاد ولجوء 150 ألفا إلى الدول المجاورة، وفقا لإحصاءات الأممالمتحدة. ترحيب دولي رحبت الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي وجهات سودانية عدة بتوقيع الجيش السوداني وقوات الدعم السريع على إعلان جدة ودعت أن يكون ذلك منطلقا لوقف دائم للقتال، وأكد الجيش التزامه بإعلان جدة في حين قال "الدعم السريع" إن وفده تقدم بمجموعة مطالب في مفاوضات جدة. وقد رحبت الآلية الثلاثية المكونة من الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي وهيئة "إيغاد" بتوقيع الجيش السوداني وقوات الدعم السريع على إعلان جدة، ورأت التوقيع على إعلان جدة خطوة مهمة لحماية المدنيين وحفظ كرامتهم. كذلك رحبت قوى الحرية والتغيير-المجلس المركزي بالإعلان الإنساني الموقع بين الجيش والدعم السريع بجدة. ومن جهته، قال المتحدث باسم العملية السياسية في السودان خالد عمر يوسف إن توقيع الاتفاق يشكل خطوة أولى في الاتجاه الصحيح تحتاج أن تتحول إلى وقف للقتال بآليات واضحة للتنفيذ والمراقبة، وذلك لتسهيل ما وصفه بالخروج من كارثة الحرب. وعلى صعيد متصل، قال مسؤولون بوزارة الخارجية الأمريكية إن إعلان الالتزام الموقع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع ليس وقفا لإطلاق النار وإنما يهدف إلى توجيه سلوك القوات لتهيئة الظروف المواتية لتدفق المساعدات الإنسانية. وأضاف المسؤولون، الذين تحدثوا في إفادة للصحفيين طالبين عدم الكشف عن هوياتهم، أن تحقيق الهدف النهائي المتمثل في وقف دائم للأعمال القتالية يتطلب عملية طويلة، إذ لا يزال الطرفان "متباعدين جدا".