أكد مختصون وباحثون خلال اليوم الدراسي الموسوم "الخزانات محافظ المخطوطات" الذي نظم بالمتحف العمومي الوطني للزخرفة والمنمنمات وفن الخط بدار "مصطفى باشا"، على أهمية المخطوطات في حماية وتعزيز الهوية الوطنية والتعريف بالتراث الحضاري والابداعي الثقافي والعلمي الجزائري، كما دعوا إلى ضرورة فتح أبواب خزائن المخطوطات في الزوايا والمجموعات الخاصة أمام الباحثين لتحقيقها وصيانتها للأجيال القادمة. أشار الأستاذ أحمد قريق إلى أن المكتبة الوطنية تمثل الذاكرة المحلية، وقد عرفت نشأتها الأولى مباشرة بعد الاحتلال الفرنسي للجزائر عام 1835. وأشار أحمد قريق إلى أن مخطوطاتها سرقت قبيل الاستقلال، ووضعت في فيلا ببوزريعة، وبفضل جهود الأستاذ المكتبي محمود بوعياد تم استرجاعها، وقال ذات المتحدث إنه لا يمكن مقارنة وضع المكتبة الوطنية بالمكتبات العالمية نظرا للظروف التاريخية الخاصة جدا التي مرّت بها الجزائر، والتي عرفت نهب وتحويل مخطوطاتها إلى الخارج، حيث توجد في معظم دول العالم. وأوضح قريق أن رصيد المخطوطات بالمكتبة الوطنية تطور منذ عام 1835، حيث كانت 700 مخطوط، ليصل عددها هذا العام إلى 4900 مخطوط، مشيرا إلى أن الكثير منها مهداة للمكتبة، مثل مخطوطات أحمد بن حمودة. من جهته، ذكر الأستاذ عبد الرحمن دويب، أن ما نهبته فرنسا من كتب الجزائر يفوق أضعافا مضاعفة لما جمعته خلال احتلالها الجزائر، مشيرا إلى أن الجزائر لا تملك ثقافة المخطوط، وأنها على الأرجح، تضم حوالي ستين ألف مخطوط وهذا الرقم غير رسمي. بدورها أشارت الأستاذة فطومة بن يحي في مداخلتها الموسومة ب«تسيير المخطوطات في المكتبة الوطنية الجزائرية، خزانة بن حمودة نموذجا"، إلى أن هناك قوانين تحمي المخطوط، من بينها المادة الرابعة من القانون الأساسي للمكتبة الوطنية 149-93. وأوضحت المتحدثة أن هناك نوعين من الحفظ، أولهما الحفظ الوقائي الذي ينص على توفير شروط مناسبة لحفظ المخطوط داخل الخزانة. والحفظ العلاجي أو الترميم والذي يقصد به توقيف تدهور حال المخطوط، الذي لا يمكن تحقيقه أحيانا، مشيرة إلى أن حفظ المخطوطات في المقر القديم للمكتبة، لم يتجسد بالشكل الملائم، وهو ما أثر سلبا على بعض المخطوطات النادرة التي لا يقبل تصويرها وترميمها حاليا. وذكرت بن يحي أن وزارة الثقافة والفنون عقدت اتفاقية مع مؤسسة أمريكية لرقمنة التراث وحفظه، حيث تمّ تنظيم العديد من الندوات بتقنية "زووم"، علاوة على تنظيم المكتبة دورات تكوينية لعمال المكتبة والباحثين والطلبة. كما كشفت المتحدثة عن مهمة أخرى للمكتبة تتمثل في البحث عن رصيدها، ومَثلت بإيجاد لفيفة يبلغ طولها 7 أمتار في المقر القديم للمكتبة، تعود إلى القرن التاسع عشر، لتتأسف عن احتراق مخطوطات كثيرة في أدرار وعين صالح. وأكدت بن يحي على ضرورة دراسة صناعة المخطوط من قبل الباحثين، وقالت "لا توجد أيّ دراسة حول هذا الموضوع، فلا نعرف هل كان يُصنع المخطوط من ورق جزائري أم يتم استيراده وغيرها من الأسئلة". وأضافت المتحدثة "أن أولوية المكتبة شراء كل مخطوط صُنع في الجزائر، حتى يكون هناك دليل مادي على وجود المخطوطات في بلدنا". ونوهت ذات المتحدثة إلى تسجيل مخطوط "المستملح من كتاب التكملة" في اليونسكو. بدورها قالت الأستاذة عديلة حلاوة في مداخلتها الموسومة "حماية وحفظ المخطوطات من الكوارث"، "إن المخطوط مهم جدا لأنه يضمّ معلومات قد تكون نادرة، وتمسّ هويتنا، إلا أنها تتعرّض لظروف مناخية غير مساعدة، إضافة إلى عوامل أخرى تشكل خطرا عليها، خاصة أنها تتشكل من مواد يسهل تلفها". وأردفت حديثها "أن حال المخطوطات في أدرار وعين صالح سيئة فعلا، حيث أن شروط حفظها غير متوفرة، مثل عرضها على طاولات في فترات طويلة قد تصل إلى عام كامل". كما أكدت عديلة حلاوة على ضرورة الاستعجال في ترميم المخطوطات التي تحمل قيمة أكثر والمهدّدة بالتلف الكامل، ومن ثم مواصلة العملية مع بقية المخطوطات، مشيرة إلى ضرورة وجود إرادة سياسية لحفظ المخطوطات بالتعاون مع الخبراء.