قالت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، إنّ جهود إعادة الإعمار في أعقاب الزلزال الذي ضرب المغرب في أوائل سبتمبر 2023، ستؤدي إلى زيادة الإنفاق العام، مما سيوسّع من عجز الميزانية على المدى القصير. دون توقّع أن تعوّض المساعدة الدولية ضغوط تكلفة إعادة الإعمار الباهظة. كان للزلزال تكلفة بشرية مدمرة، حيث قتل أكثر من 3000 شخص، وتسبّب في إصابة العديد من الأشخاص أو تشريدهم. وأعلنت السلطات مؤخرا عن خطة لإعادة الإعمار، على مدى خمس سنوات، تبلغ قيمتها حوالي 11.7 مليار دولار أمريكي، ما يعادل 8.5 من الناتج المحلي الإجمالي. ويخصّص حوالي 30 في المائة من هذا المبلغ للمساعدات الطارئة، وإعادة بناء المساكن والمباني، فضلا عن ترميم البنية التحتية المتضرية، بما في ذلك المرافق الصحية والتعليمية. بينما يركز باقي المبلغ على التنمية الاجتماعية والاقتصادية في المنطقة المتضررة. بالنسبة لوكالة "فيتش"، من المتوقع أن تؤدي تكاليف إعادة الإعمار إلى زيادة الإنفاق بشكل عام، ممّا يؤدي إلى عجز أكبر وديون أعلى من النظرة المستقبلية المستقرة التي توقعتها الوكالة في أفريل 2023. وبالفعل لقد دخلت المملكة المغربية في دوّامة المديونية والقروض التي ستتحوّل مع تراكمها إلى حبل يضيق حول عنقها ليزيد من متاعبها الاقتصادية، حيث وافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، الخميس الماضي، على مدّها بقرض قيمته 1.3 مليار دولار من صندوق المرونة والاستدامة. وقبلها لجأ نظام المخزن إلى الديون الخارجية للتغطية على عجزه ومتاعبه التي لا تنتهي. تدخّل الدّولة كان مخيّبا من ناحية ثانية، قالت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان إنّ وقع الزلزال كان في غاية الخطورة على سكان المناطق المتضررة بشكل مباشر، خاصة سكان أقاليم الحوز وشيشاوة وتارودانت، إضافة إلى مناطق أخرى كأزيلال ومراكش والدار البيضاء. وسجّلت الجمعية الحقوقية في بيان لمكتبها المركزي، أنّ ما فاقم من خطورة هذه الكارثة، أن تدخل الدولة لم يكن بالسرعة والفعالية اللازمتين خلال الساعات الأولى لوقوع الزلزال، وفي مستوى حجم الدمار والخراب الذي حل بالمنطقة. وانتقدت أكبر جمعية حقوقية بالمغرب غياب أي تصريح عاجل عقب ذلك الحدث الأليم، إضافة إلى تأخر وصول فرق الدعم والإنقاذ وعدم تدخلها في الوقت المناسب، وهو ما كان سببا في ارتفاع عدد الوفيات، خاصة بالمناطق المعزولة وسط جبال الأطلس، التي تركت تعاني مصيرها في غياب تام للسلطات والمنتخبين. وأشارت الجمعية إلى أنّ طبيعة التضاريس بتلك المناطق كانت تفرض تدخلا جويا عاجلا من أجل إنقاذ ما ومن يمكن إنقاذه. وفي ذات الصدد، أبرز حقوقيو الجمعية أنّ الزلزال أبان عن واقع مرير من التهميش والفقر الذي تعيشه البادية والمناطق الجبلية وسكانها، الأمر الذي جعل كل الشعارات التي ما فتئت الدولة تروّجها حول التنمية المزعومة بهذه المناطق، تنهار وينكشف زيفها للجميع.