بعد الكتابة الإعلامية والتغطيات الإخبارية، يخوض صحفيون كثر تجربة التأليف بعد سنوات من العمل في الاعلام، تجربة يعيشها ويفتخر بها ويشجعها صحفيون اقتربت منهم "الشعب". الصحفيون أكدوا على أن "الصحافة تمكن الروائي أو الكاتب بأن يكون كاتبا واقعيا، أي أنه يكتسب علاقة وطيدة مع الواقع". الطاهر حليسي.. الصحفي أولى من غيره بالتأليف يرى الطاهر حليسي، صحفي ورئيس مكتب الشروق بولاية باتنة، والذي شارك في "سيلا 2023"، برواية "مزرعة الجونكيرا"، أن "الصحفي يكتب بشكل يومي، فهو مرشح أكثر من غيره للتأليف، لأنه يملك ناصية اللغة والتعبير، وفي احتكاك مباشر مع المواطنين والقضايا والشؤون الاجتماعية وحتى القضائية، وهذا يوفر له مادة يمكن استغلالها في كتابة الروايات في الصنف الذي يريده". وبحسب حليسي، يُشترط في الصحفي أن "تكون له اهتمامات قبلية وميول للمطالعة وتمتين ناصية اللغة والمعلومات والرؤية، ويتابع كل ما ينشر في الحقل الثقافي حتى تكون له القدرة على الانتقال من الكتابة بالقوة الى الكتابة بالفعل". ويوافق الطاهر حليسي مقولة إن "الصحفي أولى من غيره بالتأليف"، حيث يقول "أنا مع هذا الرأي، لأن الصحفي شخص مرتبط يوميا بعالم الكتابة، وبالتالي مؤهل أكثر من غيره، ويمكن أن يساهم بشكل كبير في الكتابة في شتى المجالات سواء السياسية العامة أو الرياضية أو الثقافية أو الاجتماعية وحتى شؤون المحاكم والرواية البوليسية". ويعتبر رئيس مكتب الشروق بولاية باتنة أن "الصحفي أكثر انتاجا من غيره، خاصة أنه يمكن أن يروي ما لا يُروى، بسبب الارتباط الاخلاقي والقانوني والتدوين على شكل مذكرات". عادل حداد: التحوّل من الإعلام إلى الكتابة هروب إلى فضاء آخر يعتبر الإعلامي عادل حداد، الذي شارك بدوره في سيلا 2023 بكتاب عن "تاريخ منتخب الجزائر"، أن الكتابة والتأليف "شيء جميل يؤكد وجود نخبة محترمة من الإعلاميين الجزائريين تريد رفع المستوى والارتقاء بالوعي الجماهيري، خاصة في ظل التراجع الذي عرفه القطاع في السنوات الأخيرة والنظرة السلبية التي أخذتها فئة من الجماهير عن كل ما له علاقة بالصحافة الجزائرية". وبحسب عادل حداد، فإن "التأليف يتيح للإعلامي أولا اكتشاف عالم آخر بعيدا عن روتين الأخبار والممارسة اليومية لمهنة المتاعب، يعطي قيمة وهيبة للشخص ويقربه أكثر من متابعيه، ويجعله يبدع ويفجر طاقاته بعيدا عن قيود المؤسسة الإعلامية التي يشتغل بها.. زيادة على أنه سيترك إرثا في رفوف المكتبات تستفيد منه الأجيال اللاحقة". وعن التحول من الإعلام إلى الكتابة، يقول حداد إن "التجربة مفيدة ورائعة، إلا أن فيها نوع من المجازفة، لأن اخفاق الكاتب في ضمان الجودة والمضمون اللازمين لإصداره قد ينقص من قيمته لدى المتابعين، ذلك أن الكتابة تعبر عن المستوى والوجه الحقيقي للكاتب، خاصة إذا كان الكاتب وجها تلفزيونيا معروفا". ويختم حداد حديثه ل«الشعب" بالقول: "بشكل عام أرى أن التحول من الإعلام إلى الكتابة بمثابة هروب إلى فضاء آخر لتقديم شيء مختلف". نجم الدين سيدي عثمان: الصحفي أقرب الناس إلى الكتابة يرى نجم الدين سيدي عثمان، صحفي حر وصاحب دار النشر "نسمة"، أن انتقاله من الكتابة الإعلامية إلى التأليف "انتقال سلس لأن الصحفي أقرب الناس إلى الكتابة، وهو ليس بالأمر الصعب". ويؤكد نجم الدين أن "الكتابة والتأليف تجربة تستحق أن تخاض، وعلى الصحفي أن يكتب ويكتشف هذا العالم". ويوضح المتحدث أن "التأليف توثيق لأن الكتاب باق، ولن يفنى ويحافظ على مكانته أيضا، وهو أهم من كل ما نكتبه على عكس الأخبار والمقالات الصحفية التي تزول بزوال الجرائد". وعن أهمية التأليف بالنسبة للصحفيين يقول: "فتحنا أبواب دار النشر "نسمة" لكل الصحفيين وشجعنا الراغبين في الكتابة، ومن هذا المنبر نشجع الصحفيين أن يكتبوا ويؤلفوا ويبدعوا"، كما تحدث نجم الدين عن تجربته مع التأليف، في "رحلات جزائري في ربوع إفريقيا، أدب كرة القدم وحياة حلوة بلا سكر". منصور قدور بن عطية: الكتابة جزء من حياة الصحفي يعتقد منصور قدور بن عطية، صحفي وحقوقي وكاتب في الشؤون الاستراتيجية والعلاقات الدولية، شارك في سيلا 2023 بكتاب "مملكة التجسس"، أن "الصحفي لم يغادر البيئة الأساسية التي يشتغل بها والكتابة بالنسبة للصحفي نشاط مهم وحيوي". ويشير قدور بن عطية إلى أن "الكتابة جزء من حياة الصحفي وطريقة تعامله وتواصله مع الآخرين والصحفي لم يبتعد عن محيطه الايكولوجي وبيئته المهنية ومهمته الأساسية التعبير وإيصال الأخبار"، ويؤكد الصحفي قدور بن عطية أن "الكتابة مهمة جدا للصحفي للمساهمة في الحركة العلمية والثقافية"، قائلا "إذا لم يشارك الصحفيون في هذه الحركة من سيشارك؟". ويلعب الصحفي، بحسب قدور بن عطية، "دورا مهما بالمشاركة في الحركة النشرية والمساعدة على تحريك المشهد الثقافي، باعتبار الصحفي قارئ ومتلقي للخبر والنقاش والأفكار المتداولة بشكل يومي". ويعبر منصور عن فكرة خوض تجربة التأليف بعد الكتابة الصحفية والإعلامية بالقول "الصحفي أقرب مؤلف للتأليف". ويحث قدور بن عطية، الصحفيون الشباب على الكتابة والتأليف وخوض المغامرة والتجربة حتى يجد القارئ الكتاب الذي يبحث عنه". البروفيسور عيسى الهادي: الكتابة رسالة بحسب تجربة البروفيسور عيسى الهادي، صحفي سابق وأستاذ في الاعلام الرياضي، "التأليف كتابة تختلف عن الكتابة في وسائل الاعلام، باعتبار أن هذه الاخيرة موجهة لعامة الناس أما التأليف يأخذ طابعا أكاديميا".وعن جوهر الكتابة، يوضح عيسى الهادي أنه "في آخر المطاف كل كتابة سواء الاعلامية أو التأليف رسالة واحدة وتوعية للجمهور".وبالنسبة للفرق بين الكتابتين يقول البروفيسور الهادي: "التأليف يعمر طويلا، خاصة إذا صدر عن دور نشر معروفة ويكون مركزا أكثر من الكتابة في الجرائد، لأنه قد يموت الخبر في وقته". وتطرق البروفيسور في شرحه للتأليف والكتابة الصحفية لمجموعة من كتابته "فنيات التحرير"، "البرامج التلفزيونية"، "المنظومة الاعلامية الرياضية"، "الاحتراف الرياضي" و«الدبلوماسية الرياضية". محمد عبد المؤمن: الصحفي مشروع كتاب يقول الصحفي بموقع الشروق أونلاين "لا أعتقد أن إصدار الزملاء الصحفيين للكتب والمؤلفات في مختلف المواضيع هو بأمر جديد أو خاص بالطبعة الحالية للمعرض الدولي للكتاب، فالصحفي، مثل غيره من منتجي الفكر والأدب أو المعلومة، يكتب، ويُنشر له، ويسجّل حضوره في المعرض منذ سنوات". وعن مشاركته في "سيلا 2023" يضيف "شاركت في هذه الطبعة من المعرض بكتابي الأول "ال4 الأكبر من أربعون"، لكن لا أعدّ هذا انتقالا من الكتابة الصحفية إلى الكتابة الأدبية، لأنني لطالما كنت أعتبر نفسي مشروع كاتب في الأصل، حيث بدأت الاهتمام بالكتابة والكتب وبالأفكار في عمر مبكر، حتى إن محاولاتي الأولى للنشر كانت قبل عدّة سنوات، ثم جاءت الصحافة كمهنة وشغف في مرحلة لاحقة، وما وجودي المتواضع اليوم بين الصحفيين الكتّاب إلا بمثابة العودة للأصل وللشغف الأول". وعن أهمية التأليف بالنسبة للصحفيين، يرى عبد المؤمن أن "أهمية التأليف بالنسبة للصحفي الشاب وغير الشاب، هي نفسها أهمية التأليف بالنسبة لأي شخص يشعر بأن لديه ما يقول للعالم، وللصحفي الكثير ليقوله للعالم بطبيعة الحال، والكتابة والنشر هي وسيلة من وسائل التعبير عن الذات وعن الفكرة، لمن يجد في نفسه الاستعداد لذلك".