تدابير الرقابة واستيراد اللّحوم أعادت للسوق ضوابطه وللمواطن راحة باله, تدابير مسبقة اتخذتها الحكومة منها أنظمة الإنذار ولجان اليقظة لضبط الأسواق أجمع الكثير من المواطنين وأرباب الأسر وكذا ممثلي جمعيات حماية المستهلك "أن رمضان المبارك لهذا العام يعتبر الأكثر توازنا من حيث الوفرة والأسعار المستقرة التي حافظت على طبيعتها خلال الأيام الأولى من بداية الشهر التي كانت تشكل سابقا هاجسا كبيرا للعائلات نتيجة المضاربة والارتفاع المطرد لأسعار بعض المنتجات الغذائية والخضروات الأكثر استهلاكا وطلبا، ناهيك عن ظاهرة الندرة المفتعلة التي كانت تمس مواد رئيسية كزيت المائدة، السميد والفرينة وغيرها، وهي المظاهر التي غابت هذا العام بفضل الإجراءات الردعية المتخذة وارتفاع منسوب الوعي الاستهلاكي. مرّ الأسبوع الأول من شهر رمضان الفضيل في ظروف طبيعية جدا بحسب المتابعين والمهتمين بواقع السوق اليومي الذي يعتبر الفضاء الأكثر استقطابا واحتكاكا مع المواطنين المقبلين بقوة على اقتناء ما يلزم من مواد غذائية واستهلاكية، وهي الفرصة التي كان يستغلها سابقا بعض التجار والمضاربين لمضاعفة الأسعار واحتكار السلع لخلق الندرة من أجل تبرير فعلتهم بحجة قلة العرض التي تؤدي حتما لارتفاع السعر والتلاعب بالقاعدة التجارية لقانون العرض والطلب، وكل هذه المظاهر السلبية اختفت تقريبا هذه السنة بشهادة المواطنين الذين أكدوا في تصريحاتهم ل«الشعب" أن شهر رمضان لهذا العام مختلف تماما عن باقي الأشهر السابقة سواء من حيث الوفرة الكبيرة للسلع أو من حيث الأسعار المستقرة التي لم تتغير عن الأيام السابقة بما فيها المواد التي يكثر عليها الطلب في مثل هذه المناسبات". ثمّن أرباب الأسر والعائلات المتوسطة ومتدنية الدخل الإجراءات والتدابير التي اتخذتها وزارة التجارة بالتنسيق مع عدة قطاعات حساسة كالفلاحة والمتعاملين الاقتصاديين ممثلة في مجلس التجديد الاقتصادي من أجل ضمان تموين السوق الوطنية بكل المنتجات الأساسية من مواد غذائية واستهلاكية بما فيها الموجهة للمطبخ والتعهد بتخفيضات تتراوح ما بين 10 الى 25 بالمائة على مستوى الأسواق الجوارية التضامنية بهدف حماية القدرة الشرائية، وهي التدابير التي انعكست إيجابا على واقع السوق اليومي بشهادة المواطنين، حيث تعم الوفرة كل الفضاءات ونقاط التوزيع بأسواق الجملة والتجزئة. وأكثر من هذا تم تسجيل تراجعا كبيرا في أسعار بعض المواد الاستهلاكية خصوصا بالنسبة للخضروات بعد الأيام الأولى من بداية الشهر، فيما تعرف مادة الباطاطا استقرارا تاما بسعر يتراوح ما بين 45 الى 60 دينار للكيلوغرام، ونفس الشيء بالنسبة للفواكه، حيث يعرف سعر البرتقال استقرارا في حدود 130 الى 150 بالنسبة للنوعية الجيدة ونفس الحال بالنسبة لأسعار التمور التي تشهد تراجعا لافتا وبأسعار في متناول جميع العائلات ولأول مرة يتم تسويق نوعية دقلة نور بسعر 400 دينار وفق تعليقات المواطنين على عكس السنة الماضية التي كانت تسوق ما بين 700 الى 800 دينار، وكل هذه المكاسب تعتبر ثمرة للإجراءات الرقابية الصارمة التي اتخذتها السلطات العمومية ووزارة التجارة عن طريق فرق الرقابة وقمع الغش التي خصصت فرق دائمة لمراقبة السوق والتعاملات التجارية والوقوف في وجه المتلاعبين بجيوب المواطنين. كما أرجع البعض الآخر وبالأخص الأساتذة المختصين في الشأن الاقتصادي وممثلي جمعيات حماية المستهلك، حالة الوفرة والاستقرار في أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية التي ميزت بداية الشهر، الى التدابير والإجراءات الحكومية المسبقة التي اتخذتها الحكومة تطبيقا لتوجيهات رئيس الجمهورية منها أنظمة الإنذار ولجان اليقظة لمراقبة الأسعار من أجل متابعة دقيقة لحاجيات السوق قبل حلول شهر رمضان لمواجهة ظاهرة الندرة والمضاربة غير المشروعة خصوصا بالنسبة للحبوب والبقول الجافة واللحوم الحمراء والبيضاء، حيث سمحت عملية استيراد اللحوم الحمراء من اسبانيا والبرازيل التي تعرف إقبالا كبيرا من قبل المواطن الى سد العجز المسجل وتحقيق نوعا من التوازن خصوصا وأن الأسعار جد معقولة تتراوح ما بين 1200 دينار الى 1350 دينار للكيلوغرام عكس ما هو مسوق في باقي القصابات الذي يبدأ من سعر 1800 دينار. ويأمل المواطن الجزائري أن تمتد مثل هذه الإجراءات الى باقي المواد الاستهلاكية الأخرى ومنها الدجاج الذي يعرف ارتفاعا متزايدا في الأسعار بعدما تعدى 540 دينار للكيلوغرام في سابقة أولى، إلا أن قرارات استيراد اللحوم البيضاء سيؤدي إلى استقرار في أسعار هذه الشعبة وخلق تنافسية أكثر بين المنتجين، وهي القاعدة الأساسية الغائبة حاليا في السوق الوطنية الكفيلة بتراجع أسعار كل المواد، مع إعطاء فرصة الاختيار بحسب النوعية والسعر بالنسبة للمستهلك الذي بدأ هو الآخر يكتسب مناعة وثقافة استهلاكية لكن كل ذلك مرتبط بالوفرة الدائمة التي تعطي طمأنينة أكثر وتهدئ الخواطر وتكبح منبه ومنعكس الإقبال غير الواعي على الشراء الواقع تحت تأثير إشاعة الندرة التي تعتبر صناعة المضاربين بامتياز لكنها كبلت أخيرا بتكبيل أياديهم الطويلة.